لفت مدير المركز الكاثوليكي للإعلام الخوري عبده أبو كسم، إلى أنّ "الإرشاد الرسولي للبابا فرنسيس "إفرحوا وابتهجوا" حول الدعوة إلى القداسة في العالم المعاصر، يدعونا إلى عيش القداسة في حياتنا اليومية حسب دعوتنا المسيحية، وهو دستور لحياة كلّ إنسان مسيحي منّا يستطيع التأمّل به والقداسة غير بعيدة عنه".
ودعا، خلال ندوة صحفية في المركز الكاثوليكي للإعلام، حول الإرشاد الرسولي للبابا فرنسيس "إفرحوا وابتهجوا"، كل الحركات الرسولية وكل المؤسسات الرهبانية، "تعميم هذا الكتاب على الكهنة والرهبان والراهبات والمؤمنين في رعاياهم، ومن المدارس الكاثوليكية في الصفوف العليا في التعليم المسيحي، أن يكون هذا الكتاب محطة لكلّ شاب وشابة، للإستفادة من كلمة لله وتطبيقها في حياتنا، وللحصول على هذا الإرشاد فهو موجود في المركز الكاثوليكي للإعلام".
أمّا رئيس أساقفة بيروت للموارنة ورئيس اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام المطران بولس مطر، فركّز على أنّ "هذا الكتاب هو تحفه جديدة في كتب البابا فرنسيس، والجميل في مجملها أنّها تأخذ عنوان الفرح، كتب عن "فرح الإنجيل"، "فرح الحب"، والآن يعنون "إفرحوا وابتهجوا"، لأنّ أجركم عظيم في السماء"، مشيرًا إلى أنّ "القداسة مرتبطة بالفرح ارتباطًا وثيقًا، وهي ليست نمطًا كهنوتيًّا، بل القداسة هي دعوة لجميع المؤمنين أن يحيو من قداسة الله وأن ويعبّروا في حياتهم عن هذه القداسة. كما توجد النعمة الحالية توجد القداسة الحالية، قداسة الأم وقداسة الوالد، قداسة الحاكم والحكيم، عندما يقوم كلّ إنسان بعمله يسير على طريق القداسة".
ونوّه إلى أنّ "البابا يقول إنّ القداسة نعيشها في الجماعة، نحن نخصّ جماعة القديسين أي أبناء الكنيسة". القديس بولس عندما كان يكتب لم يكن يقول إلى المسيحيين بل إلى القديسين أي يضع سمة القداسة على كلّ المؤمنين، بمعنى أنّهم هكذا يجب أن يكونوا، أن يعبروا عن فرح الله في قلبهم وعن محبة الله عبر محبتهم".
وأوضح مطر أنّ "الفكرة الثانية الّتي قالها البابا هي أنّ القداسة مرتبطة بالمحبة. لا يمكن أن يكون قديس دون حب، محبة الله والله أحبنا أوّلًا عندما نعترف بمحبته إلينا، نجيب على محبة بمحبة ونذهب إلى الآخرين بمحبة دون استثناء"، ذاكرًا أنّ "البابا يقول لجميع الناس أنتم تحيون القداسة عندما ترتبطون بالله وعندما تنقلون محبته إلى الآخرين، حياتكم هي رسالة، رسالة المسيح أن يعرف الناس أنكم تلاميذ المسيح، إذا كان فيكم حب بعضكم لبعض، هذه هي القداسة كما يراها قداسته. ويقول طبعًا عندك أخطاء وعندك نواقص الكمال لله وحده، والله لا ينظر إلى أعمالك منفصلة بل ينظر إلى حياتك كلّها، يتبعك من الألف إلى الياء في سقطاتك في نهوضك. أنت محبوب من الله والله يتبعك بنطراته المحبه يساعدك أينما انت وكيفما كنت حتى تكمل طريقك وبالنتيجة أنت نتيجة كل أعمالك معي".
وأكّد أنّه "جميل جدًّا أن ندرك نحن أنّنا حتّى في خطيئتنا نبقى أكبر منها، لو كانت خطيئتي أكبر منّي لخطئت ولا مجال لأن أرتفع من جديد. أنا أكبر من خطيئتي، والله أكبر منّا جميعًا، لذلك نستطيع أن نمتصّ بنعمة هذه الخطيئة وأن ننفضها عنّا وأن نكمل طريقنا، لهذا عند البابا مسحة إنسانية كبيرة تعطي الأمل والرجاء للذين يحاولون في حياتهم التقرب من الله".
بدوره، لفت راعي أبرشية جبيل المارونية المطران ميشال عون، إلى أنّ "البعض من الكاثوليك يعتبرون مثلًا قضيّة المُهاجرين موضوعًا ثانويًا مقارنةً مع القضايا المهمّة المتعلّقة بأخلاقيات الحياة. البابا يدعونا إلى أن نضع ذواتنا مكان هذا الأخ الّذي يخاطر بحياته ليؤمّن مستقبلًا أفضل لأولاده، ويذكّرُنا بما يطلبه منا يسوع عندما يقول: "كنتُ غريبًا فآويتموني"".
وشدّد على أنّ "بالرغم من أنّ الأولوية في حياتنا المسيحية تعود إلى العلاقة مع الله بحياة حميمة ترتكز على الصلاة والعبادة واحترام النظم الخلقية، إلّا أنّ المعيار لتقييم حياتنا هو ما نفعله للآخرين، لأنّ الصلاة يجب أن تُغذّي فينا بذل الذات الّذي يصبح تعبيرًا عن العطايا الّتي يُفيضها الله علينا"، موضحًا أنّ "بحسب القديس توما الأكوينيّ، إنّ الأعمال الّتي تُعبّر أعظم تعبير عن حبّنا لله هي أعمال الرحمة نحو القريب. ومن يريد حقًّا أن يُمجّد الله بحياته وأن يتقدّس لتُصبح حياته تمجيدًا للقدوس، مدعوّ إلى أن يسعى ويذل جهده في محاولة أعمال الرحمة".
ورأى عون أنّ "الذهنية الاستهلاكية تقودنا إلى التمحور بإفراط حول ذواتنا والاستمتاع بكلّ ما يقدّمه لنا العالم. فإذا لم نمارس بعض الزهد ولم نحارب ضد جشع العقلية الاستهلاكية، لن يمكننا التفكير بالآخرين أو العمل أي شيء لمساعدتهم".