على وقع التجاذبات السياسية "المضبوطة" بين قوى الثامن من آذار وتيار "المستقبل"، ختمت المحكمة العسكرية الدائمة برئاسة العميد حسين عبدالله، اليوم، محاكمة رئيس حزب "التيار العربي" شاكر البرجاوي، بجرائم جنحيّة بعد تبرئته من جرائم جنائيّة على خلفيّة أحداث المدينة الرياضيّة التي حصلت في العام 2014، في حين كانت قد خرجت العديد من الأصوات من داخل قوى الثامن من آذار لتتهم تيار "المستقبل" بـ"الإنتقام" من البرجاوي، في وقت حذّر التيار من الضغوط التي تمارسها جهات أمنيّة وحزبيّة على القضاء، لإصدار حكم ببراءة البرجاوي، مؤكداً أنه لن يسكت عن هذا الأمر.
وكان البرجاوي قد حضر إلى المحكمة، يوم الثلاثاء الماضي، تنفيذاً للحكم الغيابي الصادر بحقه، على أمل أن يتمّ الإنتهاء من هذه القضيّة في جلسة واحدة، إلا أن ممثّل النيابة العامة القاضي هاني حلمي الحجار أصرّ، في الجلسة السابقة، على طلب الاستمهال لاتّخاذ موقف من "الإرباك الإجرائي" الذي شاب الملفّ برمّته، الأمر الذي تجاوب معه العميد عبدالله، بعد نقاش مستفيض مع القاضي الحجّار الذي طلب مهلة 48 ساعة، بحيث تقرّر إرجاء الجلسة إلى اليوم الجمعة للمرافعة والحكم.
"الإرباك الإجرائي" في هذه القضيّة، يعود إلى أن المحكمة العسكرية كانت قد أصدرت، في شهر شباط الماضي، حكماً غيابياً بحبس البرجاوي لمدة سنة بجنحة حمل السلاح وإطلاق النار، مسقطةً عنه التهم الجنائية، إلا أن النيابة العامة قرّرت تمييز الحكم أمام محكمة التمييز، التي قررت قبوله شكلاً وتعيين جلسة جديدة للمحاكمة، لكن وكيل الدفاع عن البرجاوي المحامي معن الأسعد وجّه رسالة لمحكمة التمييز، أكد فيها أن قبولها التمييز مخالف للقانون، نظراً إلى أنه لا يحق لها التمييز بحكم غير نهائي، معترضاً أيضاً أمام المحكمة العسكريّة على الحكم الغيابي بشقّه الجنحي، ما دفع محكمة التمييز إلى إعادة الملفّ إلى المحكمة العسكرية لبتّ الطعن باعتراض الأسعد.
في جلسة اليوم، كان من الممكن أن تذهب الجلسة إلى التأجيل من جديد، نظراً إلى أن ممثل النيابة العامة القاضي فادي عقيقي طلب في مستهل الجلسة، سماع افادات عدد من الشهود، إلا أن وكيل الدفاع عن البرجاوي عارض هذا الأمر، على قاعدة أنه تجاوز لأصول المحاكمات الجزائيّة وقانون القضاء العسكري، لأن الجلسة مخصّصة للمرافعة ما يعني عدم جواز تقديم طلبات جديدة، ليقرّر رئيس المحكمة، في نهاية المطاف، ردّ طلب النيابة العامة والسير بالمرافعة.
وقد طلب عقيقي، في مرافعته، تجريم البرجاوي وفقا للجرائم الملاحق بها، أي اطلاق النار وحمل سلاح دون ترخيص والتخريب في الممتلكات العامة، فيما طلب وكيل الدفاع عن البرجاوي، المحامي معن الأسعد، كفّ التعقبات والبراءة، بعد أن تحدث عن تاريخ البرجاوي "النضالي" و"العروبي"، مشيراً إلى أن الحادث يعود إلى هجوم على مركزه، حسب تحقيقات الأجهزة الأمنية، من قبل ما يسمّى "التيار السلفي"، موضحاً أنه إذا تم إعتبار المشكلة بين البرجاوي وتيار "المستقبل"، فإنّ المطلوب محاكمة رئيسي الحزبين، بينما نفى البرجاوي، من جديد، أي علاقة له بالإشكال طالباً البراءة، مؤكداً أنه لم يسلّح أو يأمر وهو تحت سقف القانون.
بعد إنتهاء الجلسات، كان الكثيرون ينتظرون الحكم الذي سيصدر بحق البرجاوي، حيث حضر إلى محيط المحكمة بعض المحامين من تيار "المستقبل"، بالإضافة إلى مناصرين للبرجاوي، لتقرّر المحكمة إدانة البرجاوي بالتهم المسندة إليه، والحكم عليه بالسجن لمدة 9 أشهر تُستبدل بغرامة قيمتها 6 ملايين و800 ألف ليرة وإلزامه بتقديم بندقية أو دفع مليون وخمسمئة الف ليرة، في وقت أعلن منسّق فرع الحقوقيين في "المستقبل" عمر الكوش، تعليقاً على الحكم، أن العقوبة لا تتناسب وحجم الجريمة، مؤكداً متابعته للملف من خلال النيابة العامة العسكريّة لناحية تمييز الحكم.