منذ اعتقاله في سجون فرنسا غير الحرة، تُظهر المواجهات القانونية والأحكام والمتابعات أن جورج ابراهيم عبد الله تعرض ولا يزال لظلم كبير. وهو ظلم يمكن فهمه بالنظر الى الدور الاستعماري لفرنسا، ويمكن فهمه بالنظر الى الدور النضالي لجورج ضد الهيمنة الأميركية والغربية على شعوبنا وبلادنا، وفي سياق نضال مفتوح لنصرة الشعب العربي في فلسطين.
لم يعد ينفع أحداً التذكير بكل المداخلات القانونية أو تلك ذات البعد الإنساني، لأن الحدث اليوم هو كيف تقبل فرنسا لنفسها عار الخضوع لسلطة الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل ومواصلة احتجاز رهينة مثل جورج عبد الله. لكن مَن يراقب سلوك هذه الجمهورية منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، يعرف أنها قد تكون أبرز المتضررين عندما قبلت بأن تكون ضمن الباقة التي تديرها الولايات المتحدة، في ظلم كل شعوب العالم.
لقد كان واضحاً منذ زمن بعيد أن استراتيجية تحرير أي رهينة أو أسير موجود في دول الغرب، تقوم أساساً على منطق المبادلة. أي بمعنى أوضح، يفيدنا التاريخ بأن استعادة جورج لحريته، من دون إذلال وخضوع، تحتاج الى مقايضته بحرية موظف في الدولة الفرنسية يمثل أو ينفذ سياساتها. وهي عملية لم تلجأ إليها بعد المجموعات والقوى المناصرة لقضية جورج ورفاقه، منذ انتهاء محكوميته الظالمة أصلاً.
ومن دون الحاجة الى شرح طويل، فإن بقاء الأمور على حالها يفرض القول بأننا بتنا أمام خيارين لا ثالث لهما:
الأول: أن يبادر من يريد (ويقدر) إلى القيام بعملية أسر لموظف في الدولة الفرنسية، وحجز حريته، ويحصل ذلك في أي مكان من العالم، وليس شرطاً في لبنان، وأن تتم مقايضة حريته بحرية جورج من دون أي أثمان أخرى.
الثاني: استجابة الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون لطلبات وجّهت إليه، تدعوه الى إقفال هذا الملف بصورة نهائية، واتخاذ الإجراء السياسي ــــ القانوني ــــ الإداري الذي يتيح استعادة جورج حريته، وعودته الى أهله وبلده ومواصلة حياته كما يريد هو، وبكامل إرادته. وهي خطوة ممكنة من قبل ماكرون، الذي تفيد بعض المؤشرات بأنه يسعى الى «تنظيف» ملفات أساءت الى صورة فرنسا قبل أن تسيء إلى الاخرين.
هل يفعلها ماكرون؟