"فجأةً فرجت"... هذه هي العبارة التي يصحّ استخدامها في المرحلة الراهنة التي تشهد فيها البلاد قرب تشكيل الحكومة والتي يصفها رئيس الجمهورية ميشال عون "بحكومة العهد الاولى"، وحالياً تجري المشاورات على نار حامية قبل إعلان الولادة الحكومية المرتقبة التي يُفترض أن لا تتخطى نهاية الاسبوع الحالي.
ومن المتوقع أن يكون اللبنانيون على موعد مع نهاية أسبوع حافل سياسياً يضع حداً للفراغ الحكومي بعد إنضاج "الطبخة" الحكومية وعودة رئيس مجلس النواب نبيه بري من جنيف، وازاء هذا المشهد يبقى السؤال ما الذي تغيّر حتى بات من الممكن تشكيل حكومة في حين كان متعثراً طيلة الأشهر الماضية؟ّ!
التسوية العراقية سهّلت!
"ليس خاف على أحد أن ما سمي بالعقد أمام تشكيل الحكومة كان موجودا لأن "كلمة السرّ" لم تكن قد أتت بعد ولبنان بكلّ الاستحقاقات التي مرّ بها من رئاسة الجمهورية وتشكيل الحكومة وغيرها... مرتبط بكلمة سرّ كانت تأتي في لحظة ما". هذا ما يراه الكاتب والمحلل السياسي وسيم بزي عبر "النشرة"، لافتاً الى أن "عدّة عوامل خارجية ساهمت في تحريك الوضع الداخلي في لبنان أولها إنفراج الوضع بالعراق كذلك الوضع السوري والتقدم الذي أحرزه الجيش السوري وصولا الى اتفاق ادلب وفتح معبر نصيب، وأخيراً قضية جمال خاشقجي التي شكلت داخل السعودية أولوية وحيدة كل هذا سهّل الحلّ في لبنان". أما الكاتب والمحلل السياسي جوني منيّر فيرى أنه "حصل ربط خفي بين الوضع في العراق ولبنان وفي هذا الوضع بات على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أن يجد الحلّ".
لعبة التشاطر باللحظة الاخيرة
وأشار منيّر عبر "النشرة" الى أن "التسوية التي حصلت في العراق بحيث تم إعطاء حلفاء العراق رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب وهناك تركيبة حكومية ستصاغ لمصلحة هؤلاء وهذا يدلّ على أن الأميركيين وافقوا على تسوية العراق التي ليست لمصلحة السعودية وهذا الأمر إنعكس على لبنان وأدى الى تحريك الوضع فيه".
"ما نشهده حالياً يمكن وضعه في خانة "لعبة التشاطر" التي تحصل في اللحظة الاخيرة والتي فيها تعوّل جهات وتحت ضغط الوقت لتحصل على أمور لم تكن لتحصل عليها سابقاً". هذا ما يؤكده وسيم بزي، مشيراً الى أن "القوات اللبنانية ستكون من أكبر الخاسرين وكلّ الإخراج الذي يحصل حالياً حتى لا يظهر ذلك"، مشدداً على أن "رئيس الجمهورية ميشال عون ومن خلال هيبة المقام والصلاحيات إستطاع أن يفرض ما يريد". أما منيّر فيشير الى أن "إيران ربحت في العراق لكنها خسرت في لبنان أولاً من خلال التخلّي عن توزير سني من خارج تيار "المستقبل" ومن خلال إخراج الوزير السابق طلال ارسلان من الحكومة"، مضيفاً: "أخيراً القوات ستحصل على حجم لا بأس به في الحكومة".
ما بين الارمن والاشغال
وبإنتظار كلّ هذا تبقى هناك أمور عالقة. بحسب منيّر وأبرزها عقدة الأرمن، مشيرا الى أن "الطائفة الارمنية ترفض الحصول على مقعد وزاري واحد والتنازل عن الثاني لصالح الأقليات وقد أُبلغ رئيس الجمهورية ميشال عون بهذا الأمر رسمياً". في حين أن وسيم بزي يرى أن "عقدة وزارة الاشغال جدية بحيث أن "التيار الوطني الحر" يرفض التخلي عنها لصالح المردة"، مشيرا الى أنه "وفي ظلّ هذا الواقع قد يتدخل "حزب الله" ويأخذ حقيبة الأشغال ويعطي وزارة الصحة للمردة"، مضيفاً: "هذا الحلّ لا يتعارض مع الموقف الأميركي الرافض لأن يحصل "حزب الله" على وزارة الصحّة".
إذاً من المتوقع أن تولد الحكومة خلال أيام، لتكون العيون متوجهة نحو صياغة البيان الوزاري وإنطلاق عجلة العمل الحكومي رسمياً!