اعادت تصريحات الرئيس المكلف سعد الحريري عن "السني الآخر" او الشريك السني في فريق 8 آذار او ما بات يعرف بنواب "اللقاء التشاوري" السنة الستة، الى الاذهان وجود فريق سني وازن افرزته الانتخابات وكرسته طرفاً ثانياً في الطائفة السنية وله مساحة تمثيله التي تتجاوز الـ40 في المئة وفق ارقام واحصاءات نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة.
وتؤكد اوساط سياسية في 8 آذار ان الحريري اليوم امام واقع جديد افرزته الانتخابات واعطت وفق النظام النسبي تنوعاً في التمثيل السني في كل لبنان وكسرت آحادية التمثيل التي احتكرها تيار المستقبل منذ العام 2000 مع سيطرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري على مقاليد السلطة التنفيذية ووضع يده على كل مفاصل الطائفة السنية من دار الفتوى والاوقاف الى الوظائف الادارية والامنية والقضائية وحصر فيه كل التعيينات الخاصة بالطائفة السنية.
فالحريري الابن لم يعتد على وضع مماثل نيابياً وسياسياً وهو بدأ مسيرة التراجع السياسي منذ استقالة وزراء 8 آذار والتيار الوطني الحر من حكومته الاولى في العام 2013 ليمكث سنوات عدة في الخارج لاعتبارات امنية وسياسية وفق ما قال الحريري نفسه في اكثر من مناسبة.
وتشير الاوساط الى ان النظام النسبي والانتخابات اظهرت تراجعاً واضحاً لتيار المستقبل ولغيره من الاطراف وافقدته بعض المقاعد النيابية لمصلحة شركاء في الوطن والطائفة نفسها وهو امر جرى مع مختلف مكونات الطوائف باستثناء الطائفة الشيعية التي كرست الانتخابات تأييداً شعبياً شيعياً شبه كامل لخيارات المقاومة ولوائح تحالف امل وحزب الله "الوفاء والامل".
فسنياً كرس الرئيس نجيب ميقاتي زعامته الشمالية واللبنانية والسنية كما عادت البيوتات السنية الوازنة كآل كرامي وسعد الى الحكومة وحصل ممثلو 8 آذار من كل الطوائف على حضور نيابي وخصوصاً السنة منهم ومن حلفاء وحزب الله سوريا وايران. اما مسيحياً فكرست الانتخابات وجود فريقين مسيحيين كبيرين وهما التيارالوطني الحر والرئيس عون يقابلهما القوات اللبنانية بينما حجز تيار المردة له موقعاً متقدماً مسيحياً وحافظ الكتائب والنائب ميشال المر على نكهة مسيحية موجودة وحاضرة سياسياً منذ عقود. كما اتى تمثيل طائفة الموحدين الدروز ليؤكد وجود اكثر من شريك درزي وسياسي ونيابي للنائب السابق وليد جنبلاط وللحزب التقدمي الاشتراكي وفي طليعة الشركاء النائب طلال ارسلان والوزير السابق وئام وهاب مع ارجحية التمثيل للوزير جنبلاط والاشتراكي.
وتلفت الاوساط الى ان العقدة الدرزية حلت ومسيحياً يجري العمل على ارضاء القوات وفق احقية التمثيل ونسبته ونال المردة وزارة واحدة بينما خرج الكتائب من السباق الحكومي.
وتؤكد الاوساط ان طوال الاشهر الخمسة كانت المعركة بين القوى حكومياً هو تثبيت الاحجام الجديدة نيابياً في الحكومة وتكريس "الشركاء الجدد" لزعماء الطوائف التقليديين ورؤساء الاحزاب الكبرى.
وخلال الايام الماضية بدأت الامور تحسم تدريجياً لمصلحة تغليب التوجه نحو حكومة وحدة وطنية يشارك فيها الجميع بينما ظهرت مواقف الحريري "المتهيبة" من الشراكة السنية معه. وتعتبر الاوساط الى ان لا مناص امام الحريري الا الاعتراف بوجود شريك سني وتمثيله من بين النواب السنة الستة. وتلمح الاوساط الى ان الثنائي الشيعي وحلفائه في 8 آذار تركوا للحريري ولرئيس الجمهورية العماد ميشال عون طريقة "إخراج" تمثيل السنة خارج المستقبل من دون "كسر" احد وبشكل ينصف هؤلاء ويساويهم بغيرهم من الشركاء في الطوائف الاخرى.
وتكشف الاوساط الى ان العلاقة بين الثنائي الشيعي والرئيس الحريري جيدة ولا مصلحة له او لهما الذهاب نحو" مشكل" داخلي او تعقيد المشهد السياسي على تعقيداته الاقتصادية والاجتماعية وفي ظل تعاظم التحديات الخارجية على البلد والحكومة الجديدة ويبذل "الخليلان" الحاج حسين الخليل والوزير علي حسن خليل كل ما بوسعهما لتكون العلاقة على ما يرام بين الطرفين وبما يسهل تشكيل الحكومة.
وتشير الاوساط الى ان رغم عرقلة تشكيل الحكومة من الحريري ومعه القوات طيلة الخمسة اشهر الماضية، لم يكن لفريق 8 آذار اي توجه سلبي تجاه الحريري ولم يطالب بتكليف غيره ولم يقم بخطوات دستورية كانت متوفرة لفك "ربط النزاع" معه والتزم "الشراكة المفروضة" وطنياً وعن اصرار وترصد بعد ثبات بالوجه الشرعي ان السعودية باتت تضغط على الحريري لتحصيل مكتسبات ولم تمانع حتى احتجازه للضغط عليه واجباره على الاستقالة لتنفيذ مخطط تقويض الاستقرار السياسي الذي فرضته التسوية الرئاسية منذ عامين.