5 أشهر بالتمام والكمال مرّت على رحلة البحث عن توليفة حكومية ترضي كل القوى السياسية، وحتى هذه الساعة لا توجد أي معطيات تفيد بأن الحكومة العتيدة ستكون في قبضة اليد في وقت قريب، بعد ان كان البعض ممن يعمل على خط المشاورات والمفاوضات قد ظن بأن عملية التشكيل قد وصلت إلى الشوط الأخير مع نهاية الأسبوع المنصرم قبل ان تعود وتطفو على سطح الخلافات مطالبة «القوات اللبنانية» بحقيبة العدل ورفض رئيس الجمهورية التنازل عنها.
لا توحي المشاورات العلنية والتفاوض السري بأن الطبخة الحكومية قد استوت، لا بل ان ما يسرب من هنا وهناك يؤشر إلى ان العقدة «القواتية» كما عقدة نواب السنّة المستقلين ما تزال على حالها وأن كل الأفكار التي طرحت لحلحلتها لم تصل إلى النتيجة المرجوة.
وفي اعتقاد مصادر نيابية ان قطار التأليف ما زال متوقفاً في محطته الأولى، وأن محاولة البعض ضخ جرعات تفاؤلية مرده إلى محاولة إبقاء الأبواب مفتوحة امام الأخذ والرد وكسب المزيد من الوقت لعل محاولات تدوير الزوايا تصل إلى الهدف المطلوب في إخراج الحكومة العتيدة إلى النور لتجنيب لبنان من الدخول في مطبات اقتصادية ومالية لا قدرة له على تجاوزها في ظل الوضع السياسي غير الصحي في هذه المرحلة.
وتجزم المصادر بأن العقد الثلاثة التي اعترضت عملية التأليف منذ بدأ العمل لها ما تزال على حالها، فـ«القوات اللبنانية» أبلغت الرئيس المكلف في الساعات الماضية بأنها تقبل بحقيبة وازنة بدلاً من وزارة العدل، وفي حال رفض هذا الطلب، فإنها تستعيض عنها بقبولها بأربع حقائب، غير ان هذين الطرحين لم يجدا طريقهما إلى القبول بعد. وكذلك فإن العقدة السنيّة ما تزال تراوح مكانها في ظل رفض الرئيس المكلف تمثيل النواب السنّة ممن هم خارج مدار «المستقبل» بوزير. وحتى العقدة الدرزية لم تجد الحل النهائي لها إذ أن طرفي النزاع النائب السابق وليد جنبلاط والنائب طلال أرسلان لم يعلنا قبولهما بأي اسم من الأسماء التي اودعوها رئيس الجمهورية وبذلك فإن هذا يعني ان العقدة الدرزية معلقة ولم تحل.
وتعرب المصادر عن اعتقادها بأن نهاية الأسبوع الحالي ستكون حاسمة على المستوى التفاوضي، بحيث ان المشاورات ستتوقف في الـ48 ساعة المقبلة، فالرئيس سعد الحريري سيكون اليوم في المملكة العربية السعودية، والوزير جبران باسيل سيغادر غداً الخميس إلى العاصمة البولونية وارسو وهو ما يعني ان عجلة المشاورات ستعود إلى الدوران يوم الجمعة من دون ان يكون هناك تقدّم ولو بمقدار قيد أنملة، علماً ان هناك من يستعجل عملية التأليف قبل ولوج العهد سنته الثالثة في الحادي والثلاثين من هذا الشهر.
وحول موقع الرئيس برّي مما يجري من مشاورات ومفاوضات تؤكد المصادر النيابية بأن عين التينة ليست بعيدة عمّا يجري على خط التأليف وأن الرئيس نبيه برّي بعث برسالة إلى المعنيين بأنه في حال طلبوا منه المساعدة فإنه مستعد لتقديم هذه المساعدة أو المشورة أو المخرج للأزمة الموجودة.
وتؤكد المصادر بأن رئيس المجلس لم ينقطع حتى خلال وجوده في جنيف عن التواصل مع بيروت والبحث في المخارج المؤدية إلى إخراج التوليفة الحكومية من عنق الزجاجة التي وصلت إليه بفعل الغلو في المطالب والفيتوات التي توضع على هذه الحقيبة أو تلك، لافتة إلى ان الرئيس برّي حاول منذ اليوم الأوّل للتأليف المساعدة في تجاوز ما يسمى بالعقدة السنيّة من خلال طرحه تمثيل النواب السنّة المستقلين بوزير غير ان هذا الطرح لم يلقَ الصدى المطلوب.
وتؤكد المصادر بأن الأمور إذا لم تشهد تقدماً جوهرياً في غضون اليومين المقبلين فهذا يعني ان التأليف ربما يستوطن المربع الأوّل لأسابيع إضافية وهذا لن يكون في صالح أحد، لا بل انه سيرتد سلباً على الواقع اللبناني في أكثر من ناحية.
وفي رأي المصادر ان عملية تشكيل الحكومة باتت تحتاج إلى «خلطة سحرية» تفكك العقد التي ما تزال عصية على الحل، والا فإن الأمور ستبقى تدور في حلقة مفرغة بعد ان أدلى كل فريق سياسي بدلوه، وباتت كل المطالب واضحة ولم يعد هناك من مجال لا للعب تحت الطاولة، ولا لأي نوع من شد الحبال.
وتسقط المصادر النيابية من حساباتها الوصول بالأمور إلى حدّ اعتذار الرئيس المكلف، بانية موقفها على عدّة سوابق في هذا المجال حيث ان بعض الحكومات استغرق تأليفها أكثر من سبعة أشهر، فالمجال ما زال متاحاً امام الرئيس الحريري للمزيد من المشاورات وابتداع الأفكار المؤدية إلى حلحلة العقد الموجودة، وهو أعلن أكثر من مرّة امام زواره بأنه ليس في وارد التراجع أو الاعتذار وأن مثل هذه الأمور غير موجودة في قاموسه السياسي.