تضيق المقصلة حول عنق رئيس حكومة الإحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، داخل الكيان وعلى مستويات متعدّدة.
وتتوالى المآزق التي يواجهها نتنياهو، بتصدّي القيادة الفلسطينية لمشاريعه، وتقديم شكاوى إلى المحافل الدولية ضد الاستيطان، والقوانين العنصرية، والاعتداءات والممارسات التعسّفية، بما فيها "محكمة الجنايات الدولية".
سياسياً: يُوَاجَه نتنياهو بعاصفة تنديد بـ"قانون القومية" العنصري، والذي تجاوز رفضه فلسطينياً ومن أبناء الـ48، إلى داخل الكيان الإسرائيلي، والأخطر هو تصويت أعضاء مجلس أمناء "الوكالة اليهودية" لدعم "المبادئ الأساسية لدولة إسرائيل، كما تظهر في وثيقة الاستقلال"، وهو ما يُعتبر احتجاجاً على "قانون القومية" العنصري.
وقطع الطريق على محاولة نتنياهو إجراء انتخابات مُبكِرة، وكشفه عن أنّ الوزير السابق جدعون ساعر حاول التآمر مع "رئيس الدولة رؤوفين ريفلين"، من أجل عزله بعد فوز حزب "الليكود"، الذي يترأسه في الانتخابات.
وقضائياً: انتهت التحقيقات التي أجرتها شرطة الإحتلال في شبهات فساد قام بها نتنياهو وزوجته سارة، استمر فيها التحقيق نحو سنتين ونصف السنة، وشملت 4 ملفات سُمّيت بـ(ملف 1000) و(ملف 2000) و(ملف 3000) و(ملف 4000).
وذُكِرَ أنّ المحققين يعملون حالياً على تقديم ملخص التحقيقات التي أجروها، وأنّ الجدول الزمني قد يكون مفاجئاً للجميع، خاصة أنّ التحقيقات توزّعت بين استغلال منصب بقبول هدايا من رجال أعمال مقابل تقديم خدمات لهم، وفي مقدّمهم رجل الأعمال ارنون ميلتشين، وهو ما تناوله (ملف 1000).
أما (ملف 2000) فيتضمّن شبهات حول تعاون نتنياهو مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرونوت" رجل الأعمال نوني موزس، لسن قانون في "الكنيسيت"، ينص على منع إصدار الصحف اليومية المجانية، بهدف ضرب صحيفة "يسرائيل هيوم"، مقابل نشر "يديعوت أحرونوت" أخباراً إيجابية عن نتنياهو.
فيما (ملف 3000) يتعلّق بصفقة لشراء غوّاصات ألمانية، حيث أمر المستشار القضائي لحكومة الإحتلال أفيحاي مندلبليت، في تشرين الثاني 2017، الشرطة بالتحقيق في مزاعم حول دور غير قانوني لأحد المقرّبين من نتنياهو في عملية شراء الإحتلال 3 غوّاصات ألمانية.
بينما (ملف 4000) يتعلّق بالتحقيق بمعرفة ما إذا كان نتنياهو سعى للحصول على تغطية إعلامية إيجابية في موقع "واللا" الإخباري، الذي يملكه رئيس "بيزك" شاؤول ايلوفيتش، مقابل خدمات وتسهيلات حكومية عادت على مجموعته بمئات ملايين الدولارات.
وأوضح نتنياهو، في حفل عيد ميلاده، أنّ "الوزير السابق ساعر حاول التآمر مع ريفلين، من أجل عزله بعد فوز "الليكود" في الانتخابات"، وهي المرّة الأولى التي يشير فيها نتنياهو مباشرة إلى ذلك.
وقال نتنياهو: "منذ أسابيع عدّة، وأنا أعرف بأنّ وزيراً سابقاً في "الليكود"، يتحدّث إلى عناصر في الائتلاف، وحاك مناورة تخريبية، محورها أنْ أحقّق نصراً ساحقاً لـ"الليكود" في الانتخابات، وبعد ذلك يهتم بألا أكون رئيساً للوزراء، خلافاً لإرادة ناخبي "الليكود"، خلافاً لإرادة الجمهور، وخلافاً للديموقراطية".
وأضاف: "أتجوّل في أنحاء البلاد معكم، وأشاهد الدعم الهائل الذي نحظى به، أنا وزوجتي، وهو
دعم لا أتذكّر مثله منذ دخولي السياسة، ولذلك كان محكوماً على هذه المؤامرة منذ البداية بالفشل، لأنّ الجمهور لا يسمح بحدوث مثل هذا الشيء، لكن هذا الأمر كُشف عن عيب في القانون، وسنرى كيف نتعامل معه".
ومباشرة نفى ساعر التقارير، وكتب عبر حسابه على "تويتر": "عادة لا أتعامل مع الادعاءات الكاذبة، خاصة أنّه لا يوجد أحد على استعداد للوقوف وراء الكلمات ويقولها بصوته، لكن بما أنّه تمَّ زجُّ إسمي، فأنا أعلن بأوضح الطرق الممكنة: لا يوجد أي أساس لما تمَّ نشره، إنّها أكاذيب واهية تماماً، ويقلقني التفكير بمَنْ يهمس بمثل هذا الهراء في أذن رئيس الوزراء، سننتظر بفارغ الصبر ذرّة دليل لتأكيد نظرية المؤامرة السخيفة".
ووفقاً لما نشرته "يسرائيل هيوم" فقد "امتنع نتنياهو عن تبكير موعد الانتخابات بسبب الخوف من قيام ريفلين بتكليف مهمة تشكيل الحكومة لعضو آخر في الكنيست".
كما ورد أنّ أحد "مسؤولي "الليكود" المقرّبين من ريفلين - ومن ثم نُشِرَ في وقت لاحق بأنّه ساعر - تحدّث مع أعضاء في "الكنيست" من الحزب ومع "إعلامي مقرّب من الليكود" خلال الأيام القليلة الماضية وطلب منهم التعاون.
في غضون ذلك، ما زال "قانون القومية" العنصري يلاقي اعتراضات حتى داخل الجهات
اليهودية.
وأبدت "الوكالة اليهودية" دعمها "للمبادئ الأساسية لدولة إسرائيل، كما تظهر في وثيقة الاستقلال"، حيث يُعتبر قرار الوكالة احتجاجاً غير مباشر على "قانون القومية"، الذي لاقى معارضة في جميع أنحاء العالم، بما فيه اليهودي.
وصوّت أعضاء مجلس أمناء "الوكالة اليهودية"، الذين شاركوا في اجتماعهم العام في تل أبيب، بالإجماع على تبنّي نص القرار الذي بادر إليه رئيس الوكالة يستحاق هرتسوغ.
وذكر بيان الوكالة أنّ "القرار طالب باتخاذه عدداً من أعضاء مجلس الأمناء، بينهم رئيس المركز متعدّد المجالات في مدينة هرتسيليا بمركز إسرائيل أوريئيل رايخمان".
ويتألّف مجلس أمناء "الوكالة اليهودية" من 120 عضواً، بينهم ممثّلون عن الفيدراليات اليهودية لأميركا الشمالية، ومنظّمات يهودية أخرى، ويعقد اجتماعه العام 3 مرّات سنوياً.
إلى ذلك، اعتدت شرطة الإحتلال على رهبان كنيسة الأقباط، عند باب "دير السلطان القبطي"، بمحاذاة كنيسة القيامة داخل القدس القديمة، واعتقلت الراهب مكاريوس الأورشليمي، خلال تنفيذها وقفة احتجاجية.
ولقي هذا الاعتداء استنكار رجال الدين المسلمين والمسيحيين، مطالبين بمحاسبة أفراد الشرطة
المعتدين، واحترام الحقوق الأساسية للناس بالتعبير والتظاهر.
وأوضح مستشار رؤساء الكنائس في الأرض المقدّسة وديع أبو نصار أنّ "اتصالات محلية وإقليمية ودولية جرت خلال الساعات الأخيرة، مع عدد من رؤساء الكنائس، حول سُبُل التعامل مع هذا الحدث الخطير، حيث تقدّمت بطريركية الأقباط الأرثوذكس بشكوى رسمية إلى قسم التحقيقات مع الشرطة (ماحش) في "وزارة العدل" الإسرائيلية، كما تنوي تنظيم وقفة احتجاجية أخرى خلال الأيام القليلة المقبلة احتجاجاً على تصرّف الشرطة".
وشدّد أبو نصار على أنّ "الصور والمقاطع المصوّرة التي نُشِرَتْ، تتحدّث من تلقاء نفسها عن القوّة التي استعملها بعض أفراد الشرطة ضد عدد من الرهبان، الذين تظاهروا بصورة سلمية، ولم يعتدوا على أحد"، مستنكراً "طريقة اعتقال الراهب مكاريوس الأورشليمي".
في هذا الوقت، لم تكتفِ قوّات الإحتلال باختطاف محافظ القدس عدنان غيث، في كمين نصبته الأسبوع الماضي، وإصدار "محكمة صلح" القدس حكماً بالحبس المنزلي له، والإبعاد عن منزله في بلدة سلوان، إلى حي وادي الجوز بمدينة القدس لمدّة أسبوع، بل عمدت مخابرات الإحتلال، للمرّة الثانية خلال ساعات، إلى اقتحام منزل ناصر عجاج، الذي يُقيم فيه المحافظ غيث، لفحص تواجده في المنزل.