من الصمت والصلاة والعزلة الى الضجيج في جميع انحاء الدنيا يمطر العجائب والشفاءات حتى انه اصبح طبيب العالم الشافي من مشارق الارض الى مغاربها. ورجاء من انقطع عندهم حبل الرجاء فاتوا طالبين شفاعته عند يسوع. كم يتساءل البعض لماذا هذه العزلة والابتعاد عن المجتمع. لماذا هذه العزلة ولم يكن من الافضل الانخراط في الاعمال الاجتماعية وخدمة المحتاجين مباشرة مستوحاة من مقدمة كتاب وصلوات المساء والصبح ونصف النهار والقدايس والزياح (الكسليك 2018).
الصلاة شمس العالم
نعم خدمة المجتمع والانسان واجب علينا ولا يمكن تركه على قارعة الطريق الى ان يمر السامري عليه ويهتم به ويداوي جراحاته كما جاء في الانجيل في مثل السامري لكن صمت شربل وعزلته وانفراده واستحباسه وصلاته وتصومعه غارقاً بمحبة الله سكرانا بلقاء وجهه البهي في تلك الايام اثمر اليوم غلال نعم من الشفاءات من الأمراض التي عجز عن معالجتها اطباء العالم.
تكلم صمت شربل بعد موته
لم يتكلم في حياته بل تكلم اليوم بحضوره العجائبي في جميع أطراف الدنيا وبجاني كل إنسان يدعو شفاعته للحصول على نعمة وهو بحاجة اليها، فهو يعطي فرجاً لمن يمر في ضيقه وراحة لكل من يخنقه الهم ولكل حزين عزاء ولكل مريض بالنفس أو بالجسد شفاء لغد أصبح سحراً هادراً من الصلاة في صمته من النعم والمكرمات والهبات والشفاءات.
سراج شربل يضيء الليل
اليوم يتكلم شربل بعد صمت وصلاة المحبسة الطويل عاملاً في حقول الدير كأجير بسيط يضيء سراج المياه كأنه مليء بالزيت مسحور هو بالله وحده هو المطلق الوحيد الازلي الذي خلق قلبنا له كما يقول القديس اغوسطينوس حتى قدر اليوم أن يسحر الكثير من الناس ويجذبهم اليه في ديره دير مار مارون عنايا.
ينطفئ سراج حياة شربل ونور سراجه ليلة عيد الميلاد 24 كانون الاول 1898. ولم "يكن أحد يعرف غير الله يعلم أن نور ذلك السراج المتواضع سيملأ القبر ولبنان والعالم" (صفحة 5، القديس شربل، صلوات المساء والصباح ونصف النهار والقداس والزياح، الكسليك 2008).
اختنقت في حلقة صلاة يا آب الحق... ابو دقوشتا، ساعة قداسه الاخير وانهاء جسده على المذبح، وناذا بكلاماته تملأ العالم.
وجه شربل سكن قلوب الناس في العالم كله
ويطل وجهه في جميع أنحاء الدنيا. الامحاء، التواضع، النسك، التقوى والعزلة، الصمت الصلاة، انقلبت جميعها الى اشراقة مجد عندما اعلنت قداسته في كاتدرائية مار بطرس في روما من قبل البابا بولس السادس الحب العميق لله والغرق فيه انقلب وتحول الى حب عميق للانسانية المتألمة الموجوعة والمجروحة الصارخة الى الشفاء والغرق في الله انقلب الى غرق بأوجاع الناس وآلامهم وحملهم الى الرجاء والفرح والشفاء.
في 8 أيار 1828 ولد القديس شربل في بقاعكفرا قرية عاليه بجوار ارز الرب في لبنان. ابوه انطوان مخلوف وأمه برجيتا الشدياق. وتعمد باسم يوسف. وفي عمر الثالثة والعشرين ترك بيته الوالد وذهب الى دير قزحيا قاصدا الترهب في الرهبانية اللبنانية المارونية وكان أخواله حبساء في الوادي المقدس.
دخل دير الابتداء في دير سيدة ميفوق واتخذ له اسم شربل. ثم انتقل الى دير مار مارون عنايا حيث اتم عامه الثاني في الابتداء. من هناك ارسل الى دير كفيفان حيث قضى ست سنوات في درس الفلسفة واللاهوت مقتديا بعمله الراهب "القديس" الاب نعمة الله كساب الحرديني. سيم كاهنا في دير سيدة بكركي علىا يد المطران يوسف المريض في 23 تموز 1859.
لك تسبح الملائكة
في دير عنايا اقام شربل بعد سيامته الكهنوتية مدة 16 عاما يمارس اسمى الفضائل الرهبانية التجرد الفقر التواضع الطاعة الصمت والصلاة والعمل وصنع الايات الباهرة ومنها أنه أضاء سراج المي الذي وضعه له فيه خادم الدير وتحول الماء الى نور ليصلي شربل صلاة الليل منشدا: لك تسبح الملائكة: "لخ دمشبحين ملاخي".
ابو دقوشتا يا آب الحق
اذن التنسك طلبه من رؤسائه فإذنوا له ليستحبس في محبسة دير مار بطرس وبولس على جبال عنايا فإذن له الرؤساء بذلك سنة 1875.
جاهد في المحبسة 23 سنة في البرد والثلج والصقيع وراح يركع على طبق قصب له حروف نائتة ويلبس المسح على جسده يعيش، يمارس قانون الحبساء بصرامة وأمانة ودقة.
وفي الاسبوع السابق لعيد الميلاد والثلج قامات سنة 1898 وقف أمام الرب ليحتفل بالذبيحة الالهية. ولما وصل الى رفعة الكأس والقربان وهو يقول: يا آب الحق... ابو دقوشتو فإصابه عارض فالج. تسمرت اصابعه على القربان الذي أخذه من بين يديه رفيقه في المحبسة الاب مكاريوس ونقله الى غرف الدفئ والنار حيث عاش وقاسى الاوجاع والالام واسلم روحه بعفا وهدوء وسكينة ليلة عيد الميلاد سنة 1898 ونقل جثمانه الى مقبرة الدير العمومية وظهر النور تلك اللية على قبره وقد شاهد أهل الجوار لمدة 45 سنة.
وطلب الرؤساء اذناً من البطريرك الياس الحويك آنذاك فإذن لهم بذلك. فإذا الجسد يعوم بالدم الممزوج بالعرق اما الجسد فكان سالما من الفساد.
دم وماء
وسنة 1950 في 22 نيسان 1950 كشف على الجثمان لجنة طبية واخرى كنيسة فاذا بالجثمان صحيحا سليمات وهو مغمور بالدم والعرق الراشح منه.
سنة 1965في 15 كانون الاول والبابا بولس السادس يختتم المجمع الفاتيكاني الثاني. فرفعه الى مصاف الطوباويين.
وأعلن البابا نفسه سنة 1977 في 19 تشرين الاول شربل ابن لبنان وبقاعكفرا والرهبانية اللبنانية المارونية قديسا للكنيسة جمعاء.
يوم مثلت فيلم شربل هو لعب الدور
احداث حياة شربل هذه كلها عشتها في فيلم "شربل انسان سكران بالله". يوم اختارني المخرج نقولا ابو سمح والاب بولس ضاهر كاتب السيناريو وكتاب: شربل انسان سكران في الله. كنا شابا يافعا وأخافتني هذه المهمة الكبيرة فقلت لمار شربل انا بين يديك استعملني انت وقم انت في الدور آخذا جسدي ووجهي وصوتي ىويدي لهذه الرسالة. وكان فيلم شربل الرائع بالاسود الذي صورناه بيالامكنة نفسها وبالاوقات ذاتها دون اي تركاج...