"مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة"، مقولة لطالما ترددت أمامنا في اي مشروع او مخطط نود القيام به، وفي هذا المجال سألنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي سؤالا "لماذا لا تطلق السلطات الرسمية مبدأ الفرز وإعادة التدوير في لبنان من المؤسسات الحكوميّة الرسميّة والبلديات والمدارس الرسميّة، لتكون الدولة النموذج الامثل وعبرها تطلق هذه الحملة، عبر تشكيل لجان لشرح وتثقيف موظفي الدولة والاساتذة حول كيفية الفرز"، وقد حصلت ردود فعل كثيرة ومتعاونة في هذا المجال.
"الفرز من المؤسسات الرسمية"
لايصال الفكرة او المقترح نبرز بعض الارقام التي تساعد في توضيح الصورة، فبحسب دراسة للدولية للمعلومات يبلغ عدد العاملين في القطاع العام في لبنان حوالي 300 الف، كما يبلغ عدد المدارس حوالي 1260، تضم 314726 طالبا ويعمل فيهاا 42686 استاذا، كما بحسب احصائيات اخر انتخابات بلدية حصلت عام 2016 يبلغ عدد البلديات حوالي 1029 بلدية. هذه الارقام تبرز ضخامة القطاع العام حيث يمكن بشكل بسيط بدء الفرز من هذا القطاع والانطلاق بدل الانتظار في حلقة مفرغة والقاء المسؤولية على الشعب الجاهز لفرز النفايات.
حيث يمكن ان تبدأ الدولة في توعية العاملين فيها على فرز القُمامة، وتضيء شمعة بدل لعن الظلمة، فجيش العاملين في القطاع العام يمكن ان يكون منطلقا لاعادة الفرز ومعرفة ما هي الامور التي يمكن ان تدوّر، وكيفية تقليص كمية النفايات التي تخرج من المنزل او اماكن العمل، كما انه عبر توعية اطفال المدارس والاساتذة والبدء الفعلي بالفرز والجمع بطريقة سليمة من الجهات المختصة، نكون قد خَطَونا خطوة كبيرة نحو تنمية بيئية مستدامة وبيئة مستقبلية سليمة، مع الاشارة الى ان العديد من الاعلاميين والشخصيات العامة في المجتمع ابدت استعدادها للمشاركة في حملة التوعية في المدارس قبيل البدء في الفرز، كما ان هناك مبادرات شبابية فردية ستنطلق في الفترة المقبلة في هذا الاطار.
"تجارب في الوزارات"
وبحسب مصادر في وزارة الداخلية والبلديات فإن مشروع الفرز بدأ في مبنى الوزارة منذ العام 2016، ليكون نموذجا للادارات والبلديات لتعمل به.
مصادر في وزارة التربية اشارت الى حصول بعض المبادرات في السابق حول فرز النفايات من قبل جمعيات من المجتمع المدني، الا انها لم تستكمل وتوقفت.
"مبادرات يجب ان تعمم"
بادرت البلديات في اكثر من مكان لإيجاد الحلول الحديثة لمشكلة النفايات في نطاقها الجغرافي، من هنا ابتكرت بلدية دير الزهراني طريقة جديدة لتحفيز السكان على فرز النفايات. تقوم الفكرة على إعطاء كل مواطن يسلّم البلدية "كيس" نفايات مُفرزة، 5 نقاط، وعندما يجمع المواطن 200 نقطة يحصل على هديّة. كذلك تنتشر في البلدة فكرة "الاستغناء" عن استعمال أكياس النايلون، واستبدالها بالأكياس الورقيّة او القماشيّة، للتخفيف من وجوده ضمن نفايات المنازل. ولتشجيع سياسة الاستغناء عنه، تعاقدت البلدية مع محل خضار لتقديم عرض يتيح لكل مواطن، يُعيد 25 كيس نايلون الى المحل، الحصول على كيلو بندورة أو كيلو خيار مجانا.
بدوره، استكمل اتحاد بلديات المنية، التحضير اللوجستي النهائي لإطلاق مشروع فرز النفايات من المصدر، وقد تم تدريب مجموعات من المتطوعين النساء اللواتي سوف يقمن بحملات التوعية على مدى شهرين. كما تم تجهيز آليات نقل القُمامة المخصصة للفرز، وايضا تم تلزيم من قبل منظمة "ميرسي كور"، شركة تعهدات لتجهيز قسم التسبيخ في معمل الفرز، لتحويل النفايات العضوية الى كومبوست سماد عضوي، الذي سوف يوزع مجانا على المزارعين ضمن خطة هذا المشروع.
"أين وزارة البيئة"
وفي تعليق على الاقتراح، رأت النائبة بولا يعقوبيان ان هناك من لا يريد الحلول البيئيّة غير المكلفة، بل يريد صفقة المحارق، لان ملف النفايات كملف الكهرباء مدر للمال.
بدوره الوزير السابق فادي عبود اعتبر ان الاهم وجود مصانع لبنانية للتدوير، وزارة البيئة تساعد على احتكار النفايات، معدل سعر الطن من "PET" مثلاً اَي زجاجات المياه المستعملة $300 قبل الغسيل والطحن اما من الخليج فيمكن استيرادها بنصف السعر ولكن الوزارة تضع شروطا تعجيزية ولهذا السبب لا يوجد صناعات تدوير حديثة وفعالة؟، ولفت الى ان اللبناني ينتقل اليوم مثلاً الى استعمال كوب الورق بدلاً من البلاستيك ويعتبر ان هذا افضل للبيئة، وهذا خطأ، لأنّ كوب الورق مغلف من الداخل بالبلاستيك مما يجعل تدويره شبه مستحيل. اين وزارة البيئة؟ التدوير مسؤولية أساسية لهذه الوزارة لا تمارسها كما يجب والاقتراح حتماً بمحله، التدوير هو الحل.
الزميل يزبك وهبي علق على الفكرة قائلا "هي فكرة بل خطة يجب تعميمها على الدوائر الرسمية، خصوصا وأن الكثير من مؤسسات القطاع الخاص تعتمدها". بدوره الزميل يعقوب علوية اعتبر انه "لا بد من الإجابة والإستجابة"، اما الزميل امين ابو يحيى اكد انها "حملة مهمة وانا أدعمها بشكل كامل لتكون دوائر الحكومة هي المثال".
الزميل محمد علوش رأى "انها من الافكار الجيدة والضرورية والمطلوبة، فلنبدأ من تربية الاطفال بالمدارس والزام الموظفين بالادارات"، اما الزميلة أماني جحا دعت "لدعم الفكرة، والحث على تطبيقها لان الحل بإعادة التدوير".
الزميل فليب ابو زيد شدد على ان "الحل هو الفرز من المصدر وتعميم هذه الثقافة". اما الناشط اسامة نور الدين رأى ان الفرز من المصدر ليس امرا صعبا، لانه يجب ان يصبح اسلوب حياة".
هي فكرة صغيرة، ولكنها تؤسس لمرحلة مهمة في موضوع حل ازمة النفايات، بعد تجهيز شريحة واسعة من المجتمع وتحضيرها للفرز من المصدر، على أمل ان تأخذ الفكرة خطوات عملية وجدية.