أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري لن يتراجع في موضوع العقدة السنية ورفضه توزير النواب السنّة غير المنخرطين ضمن تيار المستقبل، مشيراً إلى أنّ المسألة بالنسبة إليه هي مسألة تمثيل سنّي أكثر مما هي تمثيل حكومي، وهي معركة رئاسة حكومة أكثر ممّا هي تمثيل سنّي.
وفي حديث إلى تلفزيون "OTV" ضمن برنامج "حوار اليوم" أداره الإعلامي جاد أبو جودة، شدّد أبو فاضل على أنّ الرئيس الحريري ليس ضعيفاً، ولفت إلى أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون كان صريحاً جداً في لقائه التلفزيوني الأخير على جري عادته، وقال إنّه يريد أن يبقى رئيس الحكومة قوياً.
واعتبر أبو فاضل أنّ هذا لا يعني أنه على خلاف مع حزب الله، خصوصاً في القضايا الاستراتيجية، موضحاً أنّ ما يحصل بينهما اليوم ليس خلافاً كبيراً، بل هو اختلاف في وجهات النظر، علماً أنّ الرئيس ميشال عون لم يفعل شيئاً إلا للحفاظ على الدولة والمؤسسات، مؤكداً أنّ ما أنجزه عون في سنتين لم يستطع غيره فعله خلال سنوات طويلة.
حزب الله لم يطلب موعداً
ورداً على سؤال حول العقدة السنية، أشار أبو فاضل إلى اعتقاد لدى السنّة بأنّ هناك دخولاً شيعياً إلى البيت السنّي، وهذا ما يفسّر تحرّك دار الفتوى، لكنه استبعد أن تتطور الأمور أكثر وتصل لحدّ النزول إلى الشارع كما تمّ التلويح من أكثر من طرف. ولفت إلى أن حزب الله يعرف ان الرئيس ميشال عون حريص على رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، وقد اثبت هذا الامر منذ سنة حين تم احتجازه في السعودية.
وأكد أبو فاضل وجود اتصالات للحفاظ على العلاقة الجدية والمتينة والحلف القوي بين الرئيس عون والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، لكنه نفى أن يكون حزب الله طلب موعداً للقاء رئيس الجمهورية. واستبعد أن يكون هناك حكومة، إلا إذا غيّر السيد حسن نصر الله رأيه في ما يتعلق بموضوع العقدة السنية وتوزير أحد النواب المعارضين لتيار المستقبل.
القرارات المصيرية تحتاج إلى الثلثين
ونفى أبو فاضل رداً على سؤال، وجود ارتباط بين موقف حزب الله من العقدة السنية، وما يُحكى عن حصول التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية على الثلث المعطل في الحكومة، لافتاً إلى أنّ موقف الحزب مرتبط حصراً بوفاء الحزب لحلفائه من السنّة، ورغبته الوقوف إلى جانبهم ومساندتهم في مطلبهم التمثل في الحكومة.
وشدّد أبو فاضل على أنّ المسألة ليست مسألة ثلث معطل أو غيره، لافتاً إلى أنّ القرارات المصيرية في لبنان ليست مرهونة بالثلث، بل هي تحتاج إلى الثلثين داخل الحكومة، مذكّراً بأنّ رئيس الحكومة يبقى الأساس في الحكومة، وكلّ شيء مرهون به، وهو الذي يتحكّم بكلّ شيء، إذا استقال تستقيل الحكومة، وإذا غاب لا تجتمع.
وجدّد أبو فاضل القول إنّ النواب الذين وقّعوا على اتفاق الطائف ارتكبوا خطأ جسيماً بحق لبنان وبحق الموارنة، عندما فرّطوا بحقوق وصلاحيات رئيس الجمهورية، معرباً عن اعتقاده انطلاقاً من ذلك بأنّ الثلث المعطل يجب أن يكون بيد الرئيس لأن لا شيء آخر بيده، مذكّراً بأنّ وصول الرئيس عون إلى سُدّة الرئاسة منذ سنتين هو إنجاز.
القوات اللبنانية أخطأت كثيراً
ولفت أبو فاضل إلى أنّ الرئيسين عون والحريري يسايران كثيراً، مشيراً إلى أنّه مثلاً فُرِض عليهما أن تبقى وزارة الأشغال بيد تيار المردة ولم يرفضا ذلك، وحتى فُرِض عليهما بقاء الوزير يوسف فنيانوس على رأسها رغم التحفظات التي كانت لدى البعض عليه، وقبلا بذلك أيضاً، معتبراً أنّ وزارة الأشغال كان يفترض أن تذهب لصالح القوات اللبنانية.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ القوات اللبنانية أخطأت كثيراً بحقّ رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، حتى تركهم حلفاؤهم في النهاية المطاف يواجهون مصيرهم لوحدهم، معتبراً أنّ القواتيين أخطأوا عندما راهنوا على أنّ السعوديين، وتحديداً ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لن يتخلوا عنهم، خصوصاً بعدما اعتُبر رئيس الحزب سمير جعجع رجل السعودية الأول في لبنان في مرحلة من المراحل.
ولفت أبو فاضل إلى أنه بعد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، أصبحت السعودية بحاجة إلى الرئيس الحريري، وهو ما برز بوضوح خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها الحريري إلى المملكة وما ناله من ثناء واهتمام، حتى عاد قوياً إلى لبنان.
لماذا لم تطالب القوات بالأشغال؟
واستغرب أبو فاضل عدم مطالبة القوات اللبنانية خلال مرحلة المفاوضات لا بحقيبة الأشغال ولا بالداخلية ولا بالمالية، وإصرارهم على الحصول على حقيبة الدفاع أو الخارجية، أو تحديداً على الحقائب المندرجة ضمن حصّة رئيس الجمهورية أو التيار الوطني الحر، لافتاً إلى أنّهم حصلوا في نهاية المطاف على نيابة رئاسة الحكومة، التي تبقى أهمّ من الحقيبة السيادية بالنسبة لهم، خصوصاً أنّ حقيبة الدفاع مثلاً التي طالبوا بها لم تكن لتقدّم لهم شيئاً.
ورداً على سؤال، اعتبر أبو فاضل أنّ هناك أزمة ثقة اليوم بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، لا أحد يعرف كيف تُستعاد، مشيراً إلى أنّ القوات قبلت بما عُرِض عليها في النهاية لأن موقفها أصبح ضعيفاً بعدما استعاد رئيس الحكومة دوره ومكانته في المملكة العربية السعودية، مشدّداً على أنّ رئيس حزب القوات سمير جعجع لا يستطيع الذهاب إلى المعارضة، وهو ينشد الحماية المحلية والدولية منذ خروجه من السجن.
الرئيس عون يريد بناء دولة
وفي سياق آخر، لفت أبو فاضل إلى أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون عندما استلم الرئاسة استلم جثة واستلم عظاماً وهي رميمة وهو يقوم بترميمها، وأشار إلى أنّ من لا يعرف الرئيس عون لا يعرف شيئاً، وهو لا يفعل إلا ما هو مقتنع به، وهو الذي قال منذ سنوات طويلة إنه يريد وطناً ويريد دولة، وهذا ما يعمل عليه.
واستغرب أبو فاضل تحميل الرئيس عون مسؤولية المشاكل المتوارثة منذ 40 سنة في البلد، متحدّثاً عن مسؤولية تتحمّلها الحكومات المتعاقبة على البلد منذ اتفاق الطائف، خصوصاً في مرحلة النظام الأمني اللبناني السوري ممثلاً بالسيء عبد الحليم خدام (نائب الرئيس السوري السابق). وشدّد على أنّ الحرية والسيادة والاستقلال ممثلة بالرئيس عون وبالتيار الوطني الحر وبقسم كبير من 14 آذار وبالمقاومة التي حرّرت لبنان وقاتلت التكفيريين والإرهابيين.
إنجازات بالجملة للعهد
ولفت أبو فاضل إلى أنّ العهد حقّق الكثير من الإنجازات خلال سنتين، من بينها تشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري بدعم من حزب الله وسمير جعجع يومها، ساهمت إلى حد كبير في ضبط الوضع في الداخل اللبناني، وأجرت تعيينات أساسية ومهمة بينها تعيين قائد الجيش العماد جوزيف عون وتثبيت المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي وصفه بلواء الأمن والأمان، وتعيين اللواء أنطوان صليبا مديراً عاماً لأمن الدولة ونائبه العميد سمير سنان، بالإضافة إلى الإصلاحات التي قام بها في هيئات الرقابة والتفتيش المركزي والجمارك والتطور النوعي الذي حصل على خطها.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ من إنجازات العهد أيضاً، التعيينات القضائية التي تمّت خلال العامين الماضيين، بالإضافة إلى تعيين رئيس مجلس شورى الدولة القاضي هنري خوري، الذي أكد أنه من القضاة المشهود له، وهو الذي أثبت أنه لا يُشترى ولا يُباع، لافتاً كذلك إلى إقرار العهد موازنتين بعد 11 سنة من دون موازنة، وإقرار قانون انتخابات جديد قائم على النسبية، وهيئة إشراف على الانتخابات، ما يؤكد أنه عهد قوي بامتياز، فضلاً عن دعمه معركة تحرير الجرود من المسلحين والإرهابيين بإشراف قائد الجيش العماد جوزيف عون شخصياً.
التعرض للعهد بالشتائم ممنوع
وجدد أبو فاضل القول إنه ليس متمسّكاً بحكومة الوحدة الوطنية وأنه يفضّل حكومة الأكثرية بمعنى أن تحكم الأكثرية وتعارض الأقلية، مشدّداً على أنّ التعرض للعهد بالسوء وبالشتائم ممنوع، لافتاً إلى أنّ انتقاد العهد حق بديهي للجميع، لكن ممنوع المس بموقع رئيس الجمهورية وبشخص رئيس الجمهورية، وقال: "لن نسكت بعد اليوم على التعرض للرئيس، ولن نسكت أيضاً حتى بالنسبة للتعرض لباقي الرؤساء".