توافق الرئيسان الفلسطيني والمصري محمود عباس وعبد الفتاح السيسي، على أهمية مواصلة التشاور والتنسيق الدائم، وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، في ضوء التطوّرات الأخيرة المتعلّقة بالقضية الفلسطينية داخلياً ودولياً وإقليمياً.
فقد عُقِدَتْ قمة فلسطينية – مصرية أمس الأوّل (السبت)، على هامش انطلاق أعمال "منتدى شباب العالم الثاني" في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية.
وسمع الرئيس الفلسطيني من نظيره المصري، كلاماً واضحاً بثبات الموقف المصري من القضية الفلسطينية، ومؤكداَ أنّ مصر توافق على ما توافق عليه القيادة الفلسطينية، ولن تقبل بأي شأن سياسي يتعلّق بالقضية الفلسطينية يرفضه الفلسطينيون.
إضافة إلى التشديد على أنّ أي اتفاق تهدئة كاملة في قطاع غزّة، لن يكون إلا باتفاق فلسطيني – إسرائيلي، من خلال القيادة الفلسطينية، التي يمثّلها الرئيس "أبو مازن".
حضر القمة الثنائية عن الجانب الفلسطيني: عضو اللجنتين التنفيذية لـ"منظّمة التحرير الفلسطينية" والمركزية لحركة "فتح" عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة "فتح" رئيس هيئة الشؤون المدنية الوزير حسين الشيخ، مستشار الرئيس للشؤون الدبلوماسية مجدي الخالدي وسفير دولة فلسطين لدى مصر دياب اللوح.
وعن الجانب المصري: وزير الخارجية سامح شكري، رئيس جهاز المخابرات العامة اللواء عباس كمال، مدير مكتب الرئيس اللواء محسن عبد النبي والناطق الرسمي بإسم الرئاسة المصرية السفير باسم راضي.
وبحث الرئيسان مجمل التطوّرات والمستجدات في منطقة الشرق الأوسط عموماَ، والأراضي الفلسطينية المحتلة بشكل خاص، في ظل المخاطر التي تتعرّض لها القضية الفلسطينية.
وأشاد الرئيس عباس بـ"الجهود التي تبذلها جمهورية مصر العربية بقيادة الرئيس السيسي، وأهمية الاستمرار في التنسيق والتواصل الدائم بيت البلدين".
أكد الرئيس السيسي "حرص مصر على دعم التحرّك الفلسطيني، الساعي إلى استعادة حقوق الشعب الفلسطيني، وتسوية القضية وفق حلول عادلة وشاملة بالتنسيق الوثيق مع الأشقاء الفلسطينيين، بهدف إيجاد فرص للتحرّك الإيجابي لتوفير المناخ اللازم لاستقرار الأوضاع على الأرض، خاصةً من خلال دفع مسار المصالحة الوطنية، وبناء قواعد الثقة بين الأطراف الفلسطينية لتوحيد الصف والجهود، ما يساعد على مواجهة التحديات الأساسية المتمثّلة في تحقيق السلام المنشود".
وإثر القمة، أشار السفير راضي إلى أنّ "اللقاء شهد مباحثات حول آخر المستجدات على الساحة الفلسطينية، لاسيما ملف المصالحة الوطنية، في ضوء التطوّرات الأخيرة على جميع الصعد الداخلية والإقليمية والدولية، التي تتعلّق بجوانب القضية الفلسطينية".
وأوضح أنّ "الرئيس السيسي شدّد خلال اللقاء، على ثبات الموقف المصري من القضية الفلسطينية، المرتكز على حل الدولتين، وإقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية".
وختم السفير راضي: "كما اتفق الرئيسان على مواصلة التشاور والتنسيق المكثّف بينهما، لا سيما في ما يتعلّق بمتابعة الخطوات المقبلة، على صعيد توحيد الصف الفلسطيني، وفق اتفاق المصالحة المبرم في تشرين الأوّل/أكتوبر عام 2017، بما يساهم في تحقيق آمال الشعب الفلسطيني، وتمكينه من بناء دولته المستقلة، وضمان مستقبل أفضل لأجياله المقبلة".
من جهته، كشف الأحمد عن تفاصيل القمة، واصفاً اللقاء بأنّه كان "هاماً جداً"، وتمَّ خلاله استعراض القضايا
الساخنة في المنطقة خاصة المتعلّقة بالقضية الفلسطينية.
وقال الأحمد: "كما جرى استعراض المخاطر بشكل دقيق، وخصوصاً التي تهدّد مصير القضية الفلسطينية، عبر الحراك السياسي الأخير، سواء ما يتعلّق بما يسمّى بـ"صفقة القرن"، وما توصّلت إليه الأمور مع الجانب الأميركي والإسرائيلي بشكل تفصيلي، وآخرها ما ضم القنصلية الأميركية في فلسطين، إلى السفارة الأميركية في إسرائيل، وكأنهم أصبحوا في حِلٍّ من حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية".
وتابع: "أكد الرئيس السيسي خلال اللقاء، أنّه لا يمكن لمصر أنْ تقبل بأي شأن سياسي يتعلّق بالقضية الفلسطينية، إذا كان الأشقاء الفلسطينيون يرفضونه، ومصر توافق على ما توافق عليه القيادة الفلسطينية".
وإذ شدّد على أنّ "هناك تطابقاً فلسطينياً - مصرياً بالمواقف"، أشار إلى أنّه "تمَّ استعراض ما تقوم به إسرائيل من أعمال استيطان، وما يجري في الخان الأحمر، وصمود أهلها في مواجهة الإحتلال، إضافة إلى الأوضاع الخطرة في القدس، خاصة بعد القرار الأميركي بشأنها، وما يجري الآن الإعداد له في "الكنيست" الإسرائيلي، للتقسيم الزماني والمكاني، والذي يعني انفجاراً شاملاً في الأوضاع الفلسطينية – الإسرائيلية".
ولفت الأحمد إلى أنّ الرئيس السيسي أكد "ثبات الموقف المصري من خلال المحافظة على القدس الشرقية بكل مقدّساتها الإسلامية والمسيحية، كما هي حق للشعب الفلسطيني وللأمتين العربية والإسلامية، وأعرب عن حرص مصر على الهدوء، ووقف نزيف الدم مع "إسرائيل" في قطاع غزّة، ومنع قيام أي حرب جديدة تسفك المزيد من الدماء، وإنّنا نبحث عن الهدوء ومنع الحرب، ولا نبحث عن أي اتفاقات، لأنّ الاتفاقات يجب أنْ تكون بين القيادة
الفلسطينية الشرعية و"منظّمة التحرير الفلسطينية" بقيادة الرئيس محمود عباس والجانب الإسرائيلي، وبالتالي التهدئة الحقيقية والكاملة لن تكون إلا باتفاق فلسطيني – إسرائيلي، باعتبار أنّ ذلك شأن القيادة الفلسطينية، والتي يمثّلها الرئيس محمود عباس".
وأوضح أنّ الرئيسين أكدا "ضرورة التمسّك باتفاق 12/10/2017، والتنفيذ الدقيق له، وعودة حكومة التوافق لاستلام إدارة شؤون قطاع غزّة، كما تُديرها في الضفة الغربية، حيث يلاقي أهلنا هناك كل الرعاية من الحكومة الشرعية الفلسطينية، وتكون خطوات إدارة شؤون غزّة من قِبل السلطة الواحدة والقانون الواحد، كمقدّمة للتدرّج ووصولاً إلى الشراكة الوطنية، بما في ذلك تشكيل حكومة وحدة وطنية، بعد التأكد من صلابة إنهاء الانقسام من خلال التزام جميع الأطراف بالحكومة الواحدة والقانون الواحد".
وتابع: "لا بد من أنْ ينتهي الانقسام اليوم قبل الغد، حتى نستطيع أنْ نوحّد أنفسنا كفلسطينيين، وننتزع قضية الانقسام من يد "إسرائيل" والولايات المتحدة، فنحن لسنا بحاجة إلى حوارات واتفاقيات جديدة، بل نحن بحاجة إلى تنفيذ ما تم التوقيع عليه".
وختم الأحمد قائلاً: "كما تمَّ استعراض نتائج دورة المجلس المركزي الفلسطيني الأخيرة، خاصة ما يتعلّق بالعلاقة مع حركة "حماس"، والوضع الداخلي، وضرورة إنهاء حالة الانقسام، ثم العلاقة مع "إسرائيل"، وأنّ المجلسين الوطني والمركزي الفلسطيني قرّرا أنّه لا يمكن أنْ نبقى نلتزم من جانب واحد و"إسرائيل" لا تلتزم".
إلى ذلك استقبل الرئيس عباس، في مقر إقامته بشرم الشيخ، وزير شؤون الرئاسة اللبنانية بيار رفول، الذي نقل
له تحيات الرئيس العماد ميشال عون.
وجرى بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وأوضاع اللاجئين الفلسطينيين في المخيّمات اللبنانية.