في مؤتمره الصحافي الأخير كشف رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري عن مفاجأة تمثيل الكتلة النيابيّة التي يرأسها الرئيس السابق للحكومة نجيب ميقاتي بمقعد سنّي من المقاعد الوزارية الستة.
مفاجأة لاقت ترحيباً في عاصمة الشمال خصوصاً أن ميقاتي إحتلّ بأصواته التفضيليّة المرتبة الأولى بحسب فرز صناديق الإقتراع، فكيف ومتى تمّ الإتفاق بين الحريري وميقاتي على هذا التمثيل؟ وهل لإحراج النواب السنّة في "اللقاء التشاوري" قرّر الحريري إعطاء مقعد سني لكتلة ميقاتي، أم أن الأمر محسوم بين رئيس الحكومة المكلف ورئيس الحكومة السابق ومتفق عليه قبل حل العقدتين المسيحيّة والدرزيّة وقبل أن يرفع الأمين العام لـ"حزب الله" السيّد حسن نصرالله شعار لا حكومة من دون سنة الثامن من آذار؟.
أسئلة، تفرض الإجابة عليها، عودة الى الإستشارات النيابيّة التي أجراها الحريري بعد تكليفه لمعرفة تفاصيل القصة من ألفها الى يائها.
"منذ البداية"، تقول مصادر مواكبة لعملية التأليف" كان إتفاق غير معلن بين الحريري وميقاتي على تمثيل الكتلة النيابيّة التي تضم الى رئيس "العزم" كلاً من النواب جان عبيد(ماروني) ونقولا نحاس(روم أرثوذوكس) وعلي درويش(علوي)، لكن الإتفاق لم يحسم طائفة الوزير الذي سيمثل ميقاتي في الحكومة. تردّدت معلومات مفادها أن ميقاتي يشترط على الحريري الحصول على وزير سنّي ومن طرابلس في الحكومة المقبلة، لكن هذه المعلومات سرعان ما تبيّن أنها غير دقيقة. وبحسب أوساط تيار "العزم"، لم يضع ميقاتي على الحريري أيّ شرط قد يصعّب مهمته، لا لناحية طائفة أو مذهب المقعد الوزاري، ولا لناحية نوع الحقيبة وحجمها، بل وسّع لرئيس الحكومة المكلّف مروحة الإحتمالات، كل ذلك بهدف تسهيل مهمة التأليف لا عرقلتها. وفي هذا السياق تكشف المعلومات أن ميقاتي وخلال لقائه الحريري في الإستشارات النيابية غير الملزمة التي أجراها الأخير في مجلس النواب بعد تكليفه، قال له وبصراحة، "خياراتنا مفتوحة ونحن كتلة متنوعة طائفياً، أولاً نحن مع توزير عبيد وثانياً مع توزير نحاس وثالثاً إذا كان المقعد سنياً فسيمثلنا خلدون الشريف".
خير دليل على إتفاق الحريري وميقاتي على تمثيل الثاني في الحكومة، كيف أن رئيس العزم لم يضغط على رئيس الحكومة المكلف في الإعلام، ولم يهاجمه كما فعل نواب "اللقاء التشاوري" طيلة فترة المفاوضات التي إمتدّت لأكثر من خمسة أشهر. ولكن هل كان قرار الحريري منذ البداية بتمثيل كتلة ميقاتي عبر وزير سني لإسترضاء الشارع الطرابلسي الذي يعرف الحريري جيداً أنه لم يعد ممثله السياسي الوحيد، أم أن قرار التنازل عن مقعد سني جاء بعدما إشتدت أزمة تمثيل النواب المحسوبين على فريق الثامن من آذار؟ سؤال لا تعرف المصادر المتابعة جوابه، لأن ميقاتي وعلى رغم إصراره على تمثيل كتلته، لم يحصر طلبه بمقعد سني الأمر الذي جعل الحريري يرتاح أكثر فأكثر في التفاوض، وسمح له بترك طائفة الوزير الذي سيعطى لكتلة ميقاتي طيّ الكتمان. وفيما تردد في الكواليس عن إحتمال تسمية الحريري شخصيّة مقربة من ميقاتي وتحظى برضى تيار المستقبل، نفت مصادر "العزم" هذا الإحتمال مؤكدة أن الأسماء التي طرحها ميقاتي على الحريري ليس فيها من يستفز رئيس الحكومة المكلف كي يتم البحث عن إسم آخر من خارج اللائحة.
في نهاية المطاف جنّب الحريري نفسه حملة طرابلسية ضد عدم توزير كتلة ميقاتي، وفي الوقت عينه أصاب عصفوراً ثانياً ألا وهو إسقاط ما يهاجمه خصومه عليه لناحية إحتكار التمثيل السنّي بتيّاره. فهل سيتمكّن من إصابة العصفور الثالث أي بتشكيل حكومة من دون سنة "اللقاء التشاوري"؟.