لفت رئيس الجمهورية ميشال عون إلى "أنّني عشت الآلام مع مئات العسكريين الّذين سقطوا جرحى، ومنهم من أصبح من ذوي الحاجات الخاصة، واهتممت بهم وكنت إلى جانبهم لسنوات. وتكرارًا كنت أقول لهم: لا تخافوا إذا ما بُترت ساقكم أو تعطلّت وظيفة ايديكم، فهذه ليست بإعاقة"، مركّزًا على أنّ "الإعاقة الحقيقية هي الّتي تُصيب أي أحد في قلبه أو عقله ممّن لا يعرف أن يفكّر بغيره أو لا يكّن عاطفة للغير".
وخلال استقباله ممثّلين من جمعية "التعاطف والعطاء" جبيل، ومن منتخبات لبنان وسوريا والأردن والعراق الّذين شاركوا في المهرجان الرياضي العربي الثالث في كرة الطاولة وكرة السلة للأشخاص ذوي الحاجات الخاصة على الكراسي المتحركة، الّذي أُقيم في مجمع رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سليمان الرياضي في عمشيت في 21 و22 تشرين الثاني الحالي، بدعوة من الجمعية، توجّه الرئيس عون إلى زواره قائلًا: "أنتم، على العكس، لديكم الشجاعة لبذل الجهود والمحافظة على صلابة معنوياتكم وإظهار ما لديكم من كفاءات كبرى تضاهي من يسير على ارجله ويحرّك يديه."
وأكّد أنّ "علينا أن نهتمّ بكم، على الرغم من الظروف الحالية غير المشجعة. وكنّا في السابق نسعى لإيجاد فرص عمل للذين خضعوا لدورات اعادة تأهيل"، مشيرًا إلى أنّ "هناك اليوم ضابطًا برتبة عميد من ذوي الحاجات الخاصة يتولّى قيادة لواء في الجيش اللبناني"، مشدّدًا على "عمق التقدير الّذي نكنّه لكلّ أحد منكم، وعلى البقاء إلى جانب كلّ أحد".
من جهته، توجّه رئيس لجنة الشباب والرياضة النيابية النائب سيمون أبي رميا، الّذي كان حضرًا، إلى الرئيس عون مؤكّدًا "أهمية هذا اللقاء اليوم معكم، ونحن نعرف مدى الأهمية الّتي تولونها إلى ذوي الحاجات الخاصة، واعتباركم هذا الملف بمثابة الأولوية"، منوّهًا إلى "أنّنا لا ننسى يوم كنتم في قلب معركة النضال من أجل سيادة لبنان وحريته في العام 1989، حيث استقبلتم ذوي الحاجات الخاصة في "بيت الشعب"، وقلتم لهم: بينكم من هو اصم واصغى الى قضيتي، ومنكم بُكمٌ عبّروا عن اعتناقهم للقضية، ومنكم من لا يبصر الّا انّه رأى قبل الاخرين حقيقة قضية لبنان".
وركّز على أنّ "اليوم نحن معكم، وإلى جانبكم. وأنا أدركت بفضل هذه التظاهرة الرياضية كم نحن في حاجة إلى القيم الرياضية السامية وهي المحبة والسلام في منطقتنا".
أمّا عضو جمعية "التعاطف والعطاء" ولاعب كرة الطاولة، الأب ميلاد عوض، فبيّن أنّ "الحاضرين يجمعهم وجع أوطانهم ووجع أجسادهم، ولكن على الرغم من أوضاعهم المؤلمة فإنّهم يحلّقون ويتحدّون وتستمر الحياة عندهم"، مشدّدًا على أنّ "أرقي الأوطان يُقاس بمقدار ما تحترم ذوي الإعاقات والحاجات الخاصّة، وتؤمن لهم الضروري للعيش الكريم"، متمنيًا للبنان وأوطان الشرق أن "تتحدّى آلامها وأوجاعها، وتعمل في قلب المحن لتصل بشعوبها إلى السلام".
بعدها، استقبل الرئيس عون عند مدخل البهو الرئيسي للقصر الجمهوري، المشاركين في سباق البدل السنوي لعيد الاستقلال والوفد الإداري والتنظيمي برئاسة رئيس "المعهد الأنطوني" في بعبدا الّذي ينظّم السباق الأب جورج صدقة. وضمّ الوفد إلى العدائين الّذين ركضوا من قلعة راشيا إلى القصر الجمهوري في بعبدا "تخليدًا لذكرى الاستقلال ورجاله والشهداء الّذين ناضلوا في سبيل حرية الانسان واستقلال لبنان الناجز"، رئيس بلدية راشيا بسام دلال وأعضاء لجان الأهل وحشد من الكهنة والطلاب.
في مستهل اللقاء، تسلّم الرئيس عون من العدائين العلم اللبناني وعلم المعهد الأنطوني.
في هذا الإطار، أوضح الأب صدقة "أنّنا أتينا من راشيا القلعة التاريخية الحاملة صليب الاستقلال والحاضنة تضحيات الأبطال الميامين، الّذين بسجنهم حقّقوا لنا الاستقلال والعزة والكرامة. أتيناكم رافعين علم البلاد، الّذي رفيفه يحمل كلّ أماني اللبنانيين. أتينا بالعلم المفدّى إلى القصر الجمهوري الذّي هو رمز قيامة لبنان وعنوان استقلاله".
وأفاد بأنّه "يسلّمكم علم البلاد شبّان نرى فيهم مستقبل الوطن الواعد، وفي عيونهم أمل منكم برعاية الرياضة والشباب لنبني جيلًا يحقّق طموحات العهد القوي، الّذي يوصل الوطن إلى الاستقلال الحقيقي، حيث يكون الرئيس رئيس كلّ ترابة من ترابات الوطن، رئيس كلّ لبنان".
ولفت صدقة إلى أنّ "القاصي والداني عرف أنّكم رجل المواقف والقرار، لذا أتيناكم اليوم لنشدّ على اياديكم، ويكون شبابنا زخم مسيرتكم الاصلاحية في قيامة لبنان، لتحققوا كل الآمال التي يعقدها عليكم شعبنا، في السيادة والحرية والاستقلال. وانطلاقا من شعاركم الجديد لمناسبة الاستقلال: "نيل الاستقلال أسهل من الحفاظ عليه"، نعاهدكم مع هذه الشبيبة بأن نثابر معكم في الحفاظ عليه لأنه اثمن ما لدينا في هذا الوطن".
فردّ الرئيس عون مرحّبًّا بالوفد ومهنئًا العدائين على ما أنجزوه لمناسبة الاستقلال، ومتمنيًا لهم دوام العطاء والنجاح. وأكّد أنّه "عندما تحملون العلم اللبناني فهذا يعني أنّكم تحملون لبنان بأسره، لأنّه لوحده يدلّ على جميع اللبنانيين وهو رمزهم جميعًا، حيثما كنّا في أيّ احتفال أو مقام دولي او زيارة رسمية"، مشيرًا إلى أنّ "في هذا العام، نحتفل باليوبيل الماسي لاستقلال لبنان الّذي دُفِع ثمنه في مراحل عديدة. صحيح أنّنا نلناه في عام 1943 إلّا أنّه تعرّض إلى كبوات عدة، وكدنا نخسره في كلّ مرة. لكن كان هناك على الدوام رجالات أنقذوا الوضع".
وركّز على "أنّنا نجتاز اليوم أزمة تأليف الحكومة الّتي لم تعد أزمة صغيرة لأنّها كبرت. وهي أزمة يحضرني فيها حكم سليمان الحكيم يوم أتت إليه امرأتان مع طفل وكلّ منهما تدّعي انّها أمه. وبعد جهد جهيد، قال إنّه سيحكم بالعدل بينهما بأن يتمّ تقطيع الطفل إلى قطعتين لكٍّل واحدة قطعة. فصرخت إحداهنّ: لا تقتله بل اعطه كلّه إلى الأُخرى، فعرف سليمان عندها من هي الأم الحقيقية. ونحن اليوم نريد أن نعرف من هي أم لبنان لكي نعطيها لبنان".
من جهة ثانية، تلّقى رئيس الجمهورية المزيد من برقيات التهنئة لمناسبة عيد الاستقلال، أبرزها من ملك إسبانيا فيليبي السادس، التّي شدّد فيها على "عمق روابط الصداقة الّتي تجمع بلاده إلى لبنان"، متمنيًا "للبنان وشعبه المحبوب "أطيب التمنيات بالسلام والرفاهية".
وتلقّى الرئيس عون كذلك، برقية من الأمينة العامة للفرنكوفونية ميكايل جان عبّرت فيها عن "تقدير منظمة الفرنكوفونية للبنان في دفاعه عن القيم الإنسانية العالمية الّتي تحملها، من أجل مستقبل سلام وهناء قائم على التضامن بين الشعوب"، متمنيةً أن "يسهم إنشاء المركز الإقليمي للشرق الأوسط للفرنكوفونية في بيروت بتوطيد هذه الرسالة اأثر، بدفع مباشر منكم".