ان تكون هي ان تكون مع وليس فقط ان تكون الوجود ليس فقط بمجاورة بل تلاقي وجدانات هناك في الذات الانسانية شبه بنيات جوهرية اذا فقدت خسرت الذات خصوصيتها وتضعضعت وذابت.
هذه الذات الانسانية او الشخصية الاساسية تبنى على انماط عالم المثل والاخلاقية، قيم الروح والفكر والجمال يضاف الى هذا دور هام المحيط الجغرافي فيه، والعوالم النفسية الخاصة.
** كتبت سنة 1980 لمجلة نادي حرف مزيارة. واعدت الآن كتابتها. يوم كتبتها في اطروحتي عن الدكتوره رفضت وشجبت. اما اليوم فاصبحت مقبولة ويؤسس عليها.
على ضوء ما تقدم نركز نحن في لبنان شخصيتنا الاساسية، ذاتنا الخاصة، التي تميزنا عن سوانا. وهي ثوابت عليها تتحرك دينامية نمونا وتطورنا وتربيتنا.
الجغرافية: الثابت الاول
الثابت الاول الذي يظهر لنا هو هذه الجغرافية الطبيعية الجميلة الجامعة، بانتظام الفصول الاربعة والبحر والجبل، والحجر والرمل والصخور والتراب والمياه والاودية والجبال والسهول والانهار، هذا التذاوج المنظم بين السهل والجبل والبحر، بين السماء الصافية والارض المخصبة، وهذه هي ثنائية نادرة حتى في الجغرافية البحت.
انه نوع من الكينونة المرتكز على «المعية» مولود في عالم الجغرافية، الجغرافية اللبنانية تثبت نظرية «المعية» ان تكون ليس فقط «قرب» بل ان تكون «مع» هنا تسقط المجتمعات المسطحة الآتية من الاحادية وليس من الوحدة. الكائن الذي تربى في الجبال يبقى على فرادته وتميزه وذاتيته وشخصيته، والذي عاش بين الرمال والبطاح والصحراء يضيع ويغرق في السراب.
في الصحراء آلاف الرجال يبانون كرجل واحد اما في الجبال فيبقى الكائن على فرادته وفرديته في الجبال رجل واحد يبان كالف رجل.
هذا المنطق الاجتماعي للجغرافية يجب ان يفهم لنفهم معه وضع لبنان ووضع الدول والناس الميحطة به.
الثابت الثاني: تنوع حضاري واجتماعي
الثابت الثاني هو هذه الجغرافية الاجتماعية المتعددة والمتنوعة المعقتدات الرحبة الصدر المتعددة القيم والالهة. القابلة بعبادة الحجار او السجود امام الصلبان والصور والايمان باله واحد مثلث الاقانيم او المسلمة ذاته وارادتها وقلبها وعقلها للاله الواحد الاوحد.
هذه الجغرافية الاجتماعية او البيئة الاجتماعية غنية كالبيئة الطبيعية وهي ايضا تشير على «المعية» اي ان تكون مع وليس فقط ان تكون بالقرب او نتجاور.
ذات لبنان هي هذه المغامرة في عالم الحرية والحب واللقاء والاحترام بين المجتمعات المتنوعة والمغايرة والقبول بها كما هي تريد ان تكون اي في كرامة «غيريتها».
هذه القضية هي مصيبة هذا الشرق المصاب بمرض «العين الضيقة» والشح والقحط في قلوب الناس والطبيعة اما لبنان فهو عكس ذلك فهو ينعم بالكثرة والوفرة والفيض في القلب والعقل والارض.
لبنان موجود جوهرياً في دائرة المعية الدائمة في الثنائية، والكثرة والوحدة في ثنائية التحولات الادونيسية الآتية من الحياة الى الموت، والراحلة من الموت الى الحياة في تعدد الفصول وتكرارها.
الثابت الثالث: تعدد الهة وناس
الثابت الثالث ان ذات لبنان هي في هذه «المعية» القائمة على تعدد الالهة في جبيل وبعلبك وصور وبيروت وصيدا وبين الناس المؤمنين بتعدد الالهة او بوحدتهم، او تعدد الاقانيم في وحدة الله، وبين الذات الجامعة التصوف وحب الحياة، المتاجرة والفكر العقل والقلب والابداع والغرق في التجارة والمضاربة.. والبيع والشراء..
فنحن نلغي لبنان اذا الغينا هذه الذات. لكن لا احد يمكنه ان يلغي مسار الالهة والناس والحضارات ولبنان الفريد المتنوع.
سيبقى لبنان
لذلك سيبقى لبنان هذه الشخصية والذات الخاصة والمميزة التي نفخر بها ولاجلها نموت ونستشهد. ليبقى لبنان بلد حضارة التعدد والتنوع والمعية وليبقى للحضارة في المستقبل الاتي درب آخر ومستقبل مشرق جديد.