لفتت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية في حكومة تصريف الاعمال عناية عز الدين خلال تنظيم الجامعة الاسلامية في لبنان "المؤتمر العربي الدولي التاسع عشر لتكنولوجيا المعلومات" إلى أنه "كلفني رئيس مجلس النواب نبيه بري فشرفني بتمثيله في مؤتمركم الهام الذي يتناول احد اهم عناوين هذا العصر لا بل احد اهم عناوين المستقبل، فتكنولوجيا المعلومات تشكل عصب الحياة وترسم وجه العالم بعد ان اصبحت صناعة حقيقية مؤثرة في كافة القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعسكرية وإن المعلومات هي سبب اساسي من اسباب القوة في ظل ثورة جديدة تعتمد فيها العملية الإنتاجية على العقل البشري والإلكترونيات الدقيقة والهندسية والكيمياء الحيوية والذكاء الاصطناعي وتوليد المعلومات".
وأشارت إلى أنه "تعزز الارقام المتداولة هذه الحقيقة، فشركات الاستشارات تتوقع ان 25% من الناتج المحلي الاجمالي العالمي سيعتمد على التكنولوجيا الرقمية بحلول العام 2022 وتؤكد الاحصاءات وجود اكثر من ثلاثة مليارات إنسان حول العالم يستخدمون الانترنت ويرسلون 269 بليون رسالة الكترونية يوميا، اما في العالم العربي فقد ارتفع عدد مستخدمي الانترنت الى 226 مليون انسان وقد بلغ الانفاق على التكنولوجيا في الشرق الاوسط وشمال افريقيا في العام 2017 حوالى 155 مليار دولار".
وأضافت عز الدين: "هذه الارقام تعني ان المهارات الرقمية تتزايد اهميتها ليس فقط لصناعة تكنولوجيا المعلومات انما لجميع الشركات في المجالات المختلفة وللمجتمع ككل. وهي تعني ايضا ان طرح القضايا المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات لم تعد ترفا في بلادنا انما هي حاجة ضرورية وماسة وتحديدا في الجامعات وان مؤسسات التعليم العالي هي المكان المعني بالتعامل مع التوجهات العلمية الجديدة التي افرزتها التكنولوجيا وعلى عاتقها تقع مسؤولية "صناعة الطاقات الانسانية" التي اصبحت أهم صناعات عصر المعلومات على الإطلاق) علوم الـSTEM وضرورة تعديل مناهج العلوم الانسانية".
وتابعت: "ان الجامعات هي المسؤولة عن تنمية قدرات التحليل والابتكار والقدرة على التعامل مع هذا الكم الهائل من المعلومات وتحويلها الى معرفة، وهذا التسارع المذهل للثورة العلمية والتقنية المعلوماتية وتطبيقاتها. هذا التطور يشكل تحديا كبيرا وجديا أمام التعليم العالي خصوصا في منطقتنا حيث المطلوب قيام نظام تعليمي يجمع بين التخصصات العلمية والتكنولوجية والتنموية وان ايجاد الرابط بين تكنولوجيا المعلومات والتنمية هو الكفيل بإحداث التغيير وايجاد الحلول للكثير من المشكلات التي تعصف بعالمنا، ولعل أهم ايجابيات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات أنها اداة أو وسيلة لتحقيق التنمية اي لتمكين الناس والمجتمعات من الاكتفاء الذاتي في تلبية احتياجاتهم الاساسية ومساعدتهم في استخدام طاقتهم الكامنة بشكل كامل".
وقالت عز الدين: "من البديهي القول ان استخدام تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات من أجل التنمية ومن أجل التقدم الانساني والتطوير الاجتماعي، وبشكل أكثر دقة، استخدامها في مجالات التعليم والصحة والحوكمة الرشيدة والتطوير الاقتصادي لم يعد ترفا. وهذا ما يحضر في ادبيات الامم المتحدة التي تعتبر ان تكنولوجيا المعلومات هي عوامل تمكينية وقوى دافعة أساسية لتحقيق اهداف التنمية المستدامة للعام 2030 وتتحدث تقارير الامم المتحدة عن ان استخدام تكنولوجيا المعلومات اسهم بشكل قوي في تحقيق فرق هام على مستوى القضاء على الجوع ورفع المستوى الصحي وسد الفجوة بين الجنسين ورفع مستويات النمو في الاقتصاد وتحقيق فرص العمل".
أضافت: "مما لا شك فيه اننا في العالم العربي يجب ان نبادر وبكل شجاعة لتبني هذا المفهوم لتكنولوجيا المعلومات. هكذا نتأكد من ان التكنولوجيا تخدمنا لحل المشكلات ولازالة الفروقات الاقتصادية والاجتماعية ولمكافحة الفساد. والحق يقال اننا في لبنان قدمنا -وعلى الرغم من مشاكلنا العديدة- نموذجا في هذا الاطار. نموذج لم يلق طريقه للتنفيذ بعد لأنه لم يتسن للحكومة السابقة اقراره في مجلس الوزراء، نموذج جوهري في نفس الوقت بالنسبة لبلد مثل لبنان".
ولفتت إلى "اننا انجزنا في وزارة الدولة لشؤون التنمية الادارية الاستراتيجية الوطنية للتحول الرقمي والتي نطمح من خلالها الى تحقيق الاصلاح في الدولة ومكافحة الفساد واحداث تحول في العلاقة بين المواطنين والدولة وتقديم الخدمات لهم رقميا وبفعالية عالية بناء على اجراءات مبتكرة غير ورقية (paperless)، وتوسيع المشاركة من خلال جعل اكبر عدد من المواطنين يقومون بالاعمال عبر الانترنت. ولقد انتهجنا اثناء تحضيرنا لهذه الاستراتيجية منهجية التشاركية مع مختلف القطاعات فكان التنسيق الدائم بيننا كوزارة تمثل الدولة اللبنانية وبين القطاع الخاص، فضلا عن اشراك كل الوزارات المعنية والادارات الرسمية والمجتمع المدني والجامعات في النقاش وتبادلنا الاراء والخبرات لإيماننا بأن هذا المنطق التشاركي هو احد شروط النجاح".
وأكدت "اننا حرصنا على ضرورة وأهمية بناء القدرات الوطنية في طار الشراكة مع القطاع الخاص والاعتماد عليها من اجل تنفيذ هذه الاستراتيجية وليس على شراء التكنولوجيا. هذه القدرات الداخلية تبنى هنا في الجامعة الاسلامية وفي غيرها من الجامعات الهامة في لبنان. ان الخريجين والخريجات هم اول المعنيين بمشروع التحول الرقمي، لاننا نطمح من خلاله ليكون لبنان مركزا عالميا في المجال الرقمي (Digital Hub) ما سيساهم في ازدهار الاقتصاد الرقمي في المنطقة وهذا سيخلق عشرات الاف الوظائف كل سنة، وسيساعد بقوة في تحويل الاعمال والمؤسسات الى مؤسسات ابداعية فعالة ومنافسة على مستوى عالمي".
وأضافت: "تحقيق هذا الهدف غير ممكن من دون الطاقات الشابة، الخريجين والخريجات، المهندسين والمهندسات الرقميين، الباحثين والباحثات وغير ممكن ايضا من دون وضع السياسات اللازمة للحفاظ على السيادة وعلى خصوصية المواطنين ووضع آليات قابلة للقياس لتطبيق هذه السياسات على مستوى الحكومة وبشكل مستمر، وهذا ما لحظناه في الاستراتيجية المذكورة. ان أمان شبكات المعلومات باتت الشغل الشاغل للعاملين في هذا المجال، الأمن المعلوماتي صار من أخطر وأهم الأمور التي باتت تؤرق السياسيين وصناع القرار والصناعات الإستراتيجية وأجهزة الأمن في كثير من دول العالم، وقد عبر احد المسؤولين الأميركيين عن هذه الاهمية بقوله ان أجهزة الاتصالات في بلاده قد تتعرض لهجمات الكترونية أشد وطأة من التي تعرض لها أسطول بلاده في الحرب العالمية الثانية في بيل هاربر من اليابانيين".
وتابعت: "لضمان تحقيق امن المعلومات بما يحفظ سيادتنا الوطنية ويؤمن مستقبلا رقميا لمجتمعاتنا، لا بد من رفع الحواجز التي تمنع النمو الرقمي، وهذا يتحقق عبر انشاء البيئة التشريعية الملائمة. وقد بدأنا في المجلس النيابي اللبناني وبتشجيع وحث من دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري بالعمل على هذا المستوى وكانت البداية مع اقرار قانون المعاملات الالكترونية والبيانات الشخصية. على ان تستكمل بقوانين تضمن الشمولية الرقمية اي تأمين الفرص المتساوية والعدالة للجميع في الوصول للانترنت وجعل هذا الامر بمثابة حق اساسي مثل حق الوصول الى الماء والطاقة والصحة وبسعر مقبول، اضافة الى قوانين لمكافحة القرصنة الالكترونية واخرى لمواكبة مجالات الذكاء الصناعي والملكية الفكرية في العالم الرقمي".