الإعجاز العلمي الإسرائيلي الذي جسده نظام القبة الحديدية والذي سوّق له الإعلام العبري على أنه خيمة الخلاص للمستوطنين بوجه صواريخ المقاومة في فلسطين ولبنان، والذي وضع في الخدمة عام 2011. هذا الإعلان رافقه حملة إعلامية اسرائيلية ضخمة وتسويق سياسي وأمني وعسكري بأن صواريخ المقاومة ستتبدد في السماء قبل وصولها إلى هدفها وأن المستوطنات والمطارات والمرافق الحيوية الصهيونية ستكون بمأمن من صواريخ المقاومة في أي حرب ستخوضها إسرائيل، حتى بدا للمستوطنين أن هذه القبة منزّلة من السماء، وأصبحت بعض المواقع التي تضم بطاريات القبة محجا للمستوطنين، يزورونها لإلتقاط الصور جنبها، وقد نقشوا شعار (I love dome) أنا أحب القبة على قمصانهم.
هذه الدعاية كان تسوّق بإختبارات لنظام القبة الحديدية على مرأى العالم وأمام وسائل الإعلام، لكن الإختبار الحقيقي لهذه القبة كان في حرب غزة عام 2014، حيث وضعت أمام الإمتحان الحقيقي، وعند الإمتحان تكرم القبة أو تهان.
نتائج حرب غزّة كانت بعكس ما تشتهي القبة ومصنّعوها، والهدف المنشود الذي صممت لأجله وهو حماية المستوطنين والمستوطنات سقط في أول صلية صواريخ فلسطينية، وأمام غزارة الصواريخ بدأ زيف الوهم الإسرائيلي يظهر للملأ، فصواريخ القبة الحديدية لم تستطع أن تعطّل جميع الصواريخ التي أطلقت من القطاع.
خبير الأسلحة الأميركي تيد بوستل كان قد شكك بإدعاءات اسرائيل التي زعمت أن نظام القبة سيعترض 90% من صواريخ المقاومة، وكذلك شكك خبير الصواريخ الأميركي ريتشارد لويد بقدرة النظام، وكلاهما أثبتا مقولتهما بأن الحكومة الإسرائيلية تكذّب وتضلل شعبها، وما نتائج حرب غزة 2014 إلا دليلا على صدق مقولاتهما، تيد صرح عندها وقال ان نظام القبة الحديدية لا يعترض أكثر من 5 % من الصواريخ الفلسطينية.
عدة أسباب عزاها الخبيران الأميركيان لفشل نظام القبة الحديدية وأبرزها عجز صواريخها عن تفجير رؤوس الصواريخ الفلسطينية، لأن صواريخ القبة ليس لديها القدرة على تحديد الرأس المتفجر لصاروخ المقاومة، وبالتالي فإنها تضرب جزءا من جسم الصاروخ فتسقطه دون أن تحدث أي أذى للجزء الأهم والأخطر فيه، ألا وهو رأسه المتفجر، الذي ينفجر في أول إحتكاك مع جسم صلب، وبالتالي تبقى الخطورة فيه.
والاهم من ذلك أن هذا النظام عاجز عن تعطيل قذيفة هاون واحدة وهو ما اخفاه العدو عن جمهوره طوال فترة التهليل لنظام القبة الحديدية، ما يجعل المستوطنات في غلاف قطاع غزة تحت نار قذائف المقاومة .
اليوم وبعد الاحداث الاخيرة في تشرين الثاني 2018 في قطاع غزة، عجز نظام القبة الحديدية عن حماية المستوطنات، الصواريخ إنهمرت فوق رؤوس المستوطنين، الّذين عادوا إلى الملاجىء، وفي داخلهم شعور بالخيبة من نظام صوّر لهم بانه النظام الحامي والمخلص، والخبيران الأميركيان بوستل ولويد يستطعيان اليوم أن يقولا إن نظام القبة سقط أمام معادلة الصواريخ الفلسطينية التي أصبحت تشكل توازن الرعب والتي فرضت نتائج عسكرية بأبعاد سياسية أجبرت اسرائيل على وقف إطلاق النار وعدم الخوض في حرب جديدة تجلب ويلات جديدة على الحكومة الإسرائيلية ، والخلاصة اليوم تختصر بالتالي: عند الإمتحان الفلسطيني، أهين نظام القبة الصهيوني.