رأى الرئيس العماد ميشال عون خلال افتتاحه المكتبة الوطنية في الصنائع ان "من يراجع تاريخ هذه المكتبة وكيف بدأت، ثم كيف تابعت واستمرت لتصل الى ما وصلت اليه اليوم، يعرف معنى أن يؤمن الإنسان بحلم، ومعنى الإصرار والمثابرة لتحقيقه"، مشيرا الى "ان عالم المحفوظات والأرشيف والتوثيق عالم غني متنوع، يختزن عبق الماضي وتجاربه وخبراته، كما يحمل أيضاً آنية الحاضر وأحداثه ويؤسس للمستقبل؛ فهو وإن كان شاهداً على التاريخ وحارس الذاكرة فإنه إطار المستقبل، ومعلوم أن الشعوب التي لا ذاكرة لها تكرر أخطاءها."
واعتبر الرئيس عون ان "إذا كان البدء هو للكلمة، فإنّ الحرف هو الذي سمح لهذه الكلمة ان تُحفظ ولا تندثر في الهواء، الحرف، هذا الاختراع الفينيقي العجيب الذي أعطى للصورة صوتاً وللصوت صورة وجمع العين مع الأذن مع اللسان في تناسق فريد أتاح للغة أن تُكتَب وتُقرأ." وأكّد ان "أنتم أيها اللبنانيون ورثة حضارة وثقافة، وهذا الإرث أمانة وليس خياراً وعلينا دوماً واجب المحافظة عليه وسط كل متاعب حاضرنا لينتقل من جيل الى جيل فنحمل في وجداننا جبران خليل جبران، إيليا أبو ماضي، أمين الريحاني، الأخطل الصغير، سعيد عقل، سعيد تقي الدين، أمين تقي الدين.. ويطول التعداد، هذه الصورة لوطننا العابقة بالعراقة الثقافية هي الدافع الاساسي وراء تقدمي من الأمم المتحدة بمشروع إقامة "اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار" على أرضنا التي من شأنها أن تكون منصة لتعزيز الحوار بين الأديان والطوائف والثقافات والأعراق والبحث في سبل نشر ثقافة الحوار بين الأجيال الطالعة".
وشدّد الرئيس عون على ان "إذا كنّا نعمل كي يكون لبنان ملتقى لحوار الحضارات والثقافات والأديان، فحري بِنَا ان يكون الحوار الهادئ والمسؤول قاعدة لأدائنا والطريقة الفضلى للتخاطب في ما بيننا ما سمعناه في الأيام القليلة الماضية من كلام وما استتبعه من ردود فعل لم يسئ الى شخص أو فريق أو جماعة بل أساء الى الوطن والى جميع أبنائه من دون تمييز وكاد أن يعيد عقارب الساعة الى الوراء وهذا ما لن نسمح به أبداً لأن الإستقرار الذي ينعم به لبنان لن يستطيع أي طرف، الى أي جهة سياسية أو حزبية انتمى أن يستهدفه، لاسيما أن المؤسسات القضائية والأمنية قادرة على وضع حد للتجاوزات في القول أو في ردود الفعل وعازمة على تصحيح الأخطاء في الأداء عندما تقع الدولة القادرة والعادلة التي نعمل جميعاً على تثبيت أركانها، لا يمكن أن تكون تحت رحمة كلمة من هنا وردة فعل من هناك خصوصا اذا كان ما يقال يهدد السلم الأهلي ويسيء الى الكرامات يجدر بكل القيادات أن تعي دقّة الظرف الذي يمر به الوطن، وسط ممارسات معادية، وتهديدات متزايدة، مضافة الى ما يلحق بنا من أضرار مالية واقتصادية بحيث صار من الواجب علينا جميعاً توحيد الجهود للخروج من هذا الوضع" .
وأضاف الرئيس عون ان "لطالما شكّل الكتاب بما يمثله من تاريخ وحضارة وثقافة تحدياً لكل غازٍ ومحتل، ولكل فكر ظلامي همجي على مر العصور وفي كل بقعة في العالم. فكم من مكتبة أُحرقت ودُمّرت وضاعت معها معالم مرحلة واختفت نفائس فكرية وتاريخية ومخطوطات لا تعوّض وكانت ضربة قاسية للنهضة وللحضارة والتاريخ."، وختم بالاشارة الى ان "مع كل مكتبة تؤسّس، مع كل جهد يبذل لإنقاذ كتاب وإحياء وثيقة ومسح الغبار عن مخطوطة، يكبر الأمل بانتصار التنوّر على الظلامية والحضارة على التخلّف والثقافة على الجهل ونحن اليوم شهود على خطوة جبارة واثقة على طريق هذا الانتصار.. عشتم، عاش لبنان الثقافة والحضارة".
لمشاهدة الصورأنقر هنا.