أعلن وزير الشؤون الدينية والاوقاف في الجزائر محمد عيسى أنه سيتم يوم السبت بمدينة وهران تطويب 19 رجل دين مسيحي من بينهم الرهبان السبعة الذين اغتيلوا بمنطقة تبحيرين وراهبة أخرى بعد عشرين عاما على اغتيالهم خلال سنوات الحرب الأهلية في تسعينات القرن الماضي.
وهؤلاء الرهبان هم كريستيان دو شيرجيه (59 عاما)، ولوك دوشييه (82 عاما)، وبول فافر ميفيل (56 عاما)، وكريستوف لوبروتون (45 عاما)، وميشال فلوري (51 عاما)، وسيليستان رينجار (62 عاما) وبرونو لومارشان (66 عاما).
وفي تفاصيل اغتيال هؤلاء الرهبان، يذكر انه ليل السادس والعشرين إلى السابع والعشرين من آذار 1996، خطف نحو عشرين مسلحا سبعة رهبان من دير سيدة الأطلسي في تبحيرين، معقل الأصوليين في المدية الى جنوب غرب العاصمة الجزائرية. واتجهت الشكوك نحو الجماعة الإسلامية المسلحة في بلد يشهد حربا أهلية. وصدر أول تبن للخطف في 26 نيسان في بيان عرض فيه زعيم الجماعة الإسلامية جمال زيتوني على السلطات الفرنسية مبادلة الرهبان بأعضاء في الجماعة معتقلين. لكن في 23 أيار أعلنت الجماعة الإسلامية أنها قامت بقتل الرهائن بقطع رؤوسهم قبل يومين بسبب رفض باريس التفاوض. وعثر الجيش الجزائري على رؤوس الرهبان في 30 أيار على طريق بالقرب من المدية، لكن لم يجد جثثهم.
بعد ذلك شككت شهادات بسرعة في الرواية الرسمية الجزائرية. وطرحت فرضيتين هما خطأ ارتكبه الجيش الجزائري أو تلاعب من الاستخبارات الجزائرية لتشويه صورة الجماعة الإسلامية المسلحة. وأكد أحد الكوادر السابقين في المخابرات الجزائرية عبد القادر تيغا في كانون الأول 2002 في مقال في صحيفة "ليبيراسيون" الفرنسية أن الرهبان خطفوا بأمر من السلطات الجزائرية. وتم تسليم الرهبان بعد ذلك لمجموعة مسلحة تابعة للجماعة الإسلامية المسلحة التي قامت بقتلهم على ما يبدو.
وفي 2004، فتحت النيابة العامة في باريس التي لجأ إليها أقرباء الضحايا، تحقيقا قضائيا. وفتح التحقيق مجددا في 2009 بعد شهادة أدلى بها الجنرال فرنسوا بوشوالتر، الملحق الدفاعي السابق في العاصمة الجزائرية أمام قاضي مكافحة الإرهاب مارك تريفيديك. وقال الضابط الذي أكد أنه حصل على معلوماته من عسكري جزائري، إن الكهنة قتلوا برصاص أطلق من مروحيات عسكرية جزائرية فتحت النار على ما بدا أنه معسكر للجهاديين.
وفي تموز 2015، تحدث الخبراء عن "فرضية وفاة الرهبان بين 25 و27 نيسان 1996 أي قبل ثلاثة أسابيع من التاريخ الذي أعلن في تبنى الجماعة الاسلامية المسلحة، ما عزز الشكوك في الرواية الرسمية.
وفي شباط 2018، أكد الخبراء الثمانية الذين اختارهم قضاة مكافحة الإرهاب وقاموا بتحليل عينات من جماجم الرهبان بعد العثور عليها من دون الأجزاء الأخرى من الجثث أن "نتائج التحاليل لا تقدم أي دليل إضافي حول السبب المباشر للموت". لكن التقرير شكك من جديد في إعلان التبني الذي صدر عن الجماعة الإسلامية المسلحة وخصوصا حول نقطة رئيسية تتعلق بتاريخ مقتلهم. وأكد التقرير أن كل الجماجم تحمل آثار "قطع الرأس بعد الموت". ورأى الخبراء أن "فرضية وفاة حصلت بين 25 و27 نيسان"، أي قبل الإعلان الرسمي عن الوفاة، "تبقى منطقية".
من جهة أخرى، وفي 27 كانون الأول 1994، قتل أربعة من جمعية الآباء البيض في ديرهم في تيزي وزو بمنطقة القبائل في الجزائر. وهؤلاء المبشرون الأربعة هم الفرنسيون جان شوفيار (69 عاما) وآلان ديولانغار (75 عاما) وكريستيان شيسيل (36 عاما) والبلجيكي شارل ديكير (70 عاما). وكانوا ينتمون إلى "بعثة التبشير الإفريقية" التي تأسست في الجزائر في 1868. بعد يومين تبنت الجماعة الإسلامية المسلحة قتلهم "ردا على مقتل أربعة من أعضائها" في فرنسا، وأكدت أن "قواتها ستواصل القضاء على المسيحيين الصليبيين".
وفي الأول من آب 1996، قُتل المونسنيور بيار كلافري، أسقف مدينة وهران الذي كان ينتمي إلى رهبنة الدومينيكان، مع سائقه الجزائري في غرب الجزائر، في تفجير قنبلة عن بُعد، بعد دخوله مقر الأسقفية. وكان عائدا من الجزائر العاصمة بعد لقائه وزير الخارجية الفرنسي ايرفيه دو شاريت. وكان المونسينيور كلافري (58 عاما) يحمل الجنسيتين الفرنسية والجزائرية، وكان من أشد المدافعين عن التقارب الإسلامي المسيحي والجزائري الفرنسي ومعارضا للتعصب.
وأيضا، في الثامن من أيار 1994، قتل في حي القصبة في العاصمة الجزائرية الراهب الفرنسي هنري فيرجيس (63 عاما) والراهبة الفرنسية بول هيلين سان ريمون (67 عاما) اللذان كانا يديران مكتبة الأسقفية في الحي، وكانا أول من قتلوا من الضحايا ال19 من رجال الدين والراهبات خلال العقد الأسود في الجزائر.
في 23 تشرين الأول، قتلت الراهبتان الإسبانيتان إيستير بانيغوا ألونسو (45 عاما) وكاريداد ألفاريز مارتان (61 عاما) بالرصاص بينما كانتا متوجهتين للصلاة في كنيسة في حي باب الواد الشعبي في العاصمة.
في الثالث من أيلول 1995، قتلت الراهبتان المالطية أنجيل ماري (جان ليتلجون، 61 عاما) والفرنسية بيبيان (دينيز لوكلير، 65 عاما)، بالرصاص في طريق عودتهما من الصلاة في حي بلكور الشعبي في العاصمة. وفي العاشر من تشرين الثاني 1995، قتلت الراهبة الفرنسية أوديت بريفو (63 عاما) في اعتداء في حي القبة في العاصمة الجزائرية.