بعيداً عن السجالات والعنتريات والمواقف الاعلامية والخطابات المتناقضة وبعيداً عن الحزبيات الضيقة... يبقى السؤال الاساسي في وضعنا المتازم هل يفكر أحد المسؤولين أو النواب الجدد او المجدد لهم بمستقبلنا؟ لننسى مستقبلنا نحن هل يفكرون بمستقبل اتباعهم ومناصريهم هل هنالك من يستطيع أن يقول لهم إلى أين ؟!؟ هل هنالك من يدرس ملف قبل ان يرتجل موقفاً أو أن يطلق تصريحاً أو يقوم بخطوة؟!؟
لنأخذ السجال الواقع حول رفع لوحة انسحاب الجيش السوري من لبنان على ضفاف نهر الكلب، والكلام الذي سمعناه عن وادمن المفروض ان يكون متحفاً طبيعياً يمتد من مغارة جعيتا الى مصب النهر مروراً بتلك اللوحات التي تختصر تاريخ وطن حزين اسمه لبنان... وبغض النظر عن احقية رفع اللوحة لنطرح معا ايها السادة اسئلة اعمق واجدى: هل هذه الصخور ملك لفئة معينة او حزب معين؟؟ هل هذه الصخور صندوق بريد تمرر عبرها الرسائل السياسية المحلية والاقليمية؟؟ هل يحتمل الوضع انقسام اضافي وطني ومناطقي حول لوحة هي ملك للشعب اللبناني كل الشعب اللبناني ممثلاً بالحكومة المركزية؟؟؟ والتي عليها وحدها ان تقرر ماذا يضاف الى ذلك المتحف الطبيعي ... هل عمل هؤلاء السادة على حماية هذه الصخور وهذا الوادي وعلى منع التعديات عليه من قبل المسؤولين الكبار والصغار ؟؟؟... بالطبع هم لم يطلعوا على مشاريع المرحوم الشيخ موريس الجميل للوادي ولكن هل يعلمون بوجود القرار رقم 97/1 الصادر عن وزير الثقافة في العام 1998 والذي "يصنف الموقع المعروف بمجرى نهر الكلب:"من المواقع الطبيعية الخاضعة لحماية وزارة البيئة... وقد حدد حرمه" من المنبع حتى المصب طولا وضمن مسافة خمسماية متر من منتصف مجرى النهر وباتجاه الضفتين عرضا".
وهل صحيح بان أحد نواب المتن ولأسباب انتخابية منع وزير الاشغال من تشييد جدار دعم واقامة مونسات على الطريق الداخلية للنهر التي تسلكها مئات السيارات يومياً وهو ما سبق ان اشرنا اليه في "ملحق المتن" بعدد تشرين الثاني 2017 في رسالة الى وزير الاشغال ؟؟ وهل نوابنا الكرام يعلمون شيئاً عن المرسوم 502 الصادر في العام 2007 والذي يقضي "بتصديق تخطيط انشاء طريق وساحة عامة لوقوف السيارات لخدمة الآثارات الواقعة في منطقة نهر الكلب" العالق في مجلس الانماء والاعمار والذي في حال اتمامه يخفف التلوث المباشر عن اللوحات التاريخية ويجعل من الوادي منطقة سياحية تتكامل مع مغارة جعيتا في المرحلة الاولى ومع غيرها من الاماكن السياحية والدينية التي تحيط بالوادي؟؟؟ ...
ربما الساسة لا يريدون ان يعلموا بأهمية الوادي الا لناحية اطلاق المواقف غير المفهومة، ولكن المؤسسات الدينية التي تملك معظم الوادي ومرتفعاته هل تدرك دورها في المحافظة على بيئة الوادي وعلى جماله؟؟؟ لماذا تقدم على تاجير الاراضي لغير اهداف زراعية سليمة تؤمن المعيشة لمئات العائلات، ضاربة بعرض الحائط مئات السنوات من التاريخ والاثار والتجانس الاجتماعي؟ وفي السياق نفسه هل يقوم التنظيم المدني بواجبه بمنع التعديات وفقا للمراسيم التنظيمية ومنها القرار رقم 97/1 المذكور اعلاه؟؟؟ واي دور تلعبه السلطات المحلية واتحاد بلديات المتن في منع التلوث والبناء العشوائي الذي ينبت كالفطر المميت سواء في الوادي او فوق المرتفعات التي تطل عليه؟؟؟
أيها السادة نهر الكلب وواديه مثالا لطبقة سياسية دينية ادارية لا تقيم وزنا لماضينا ولا تهتم بحاضرنا ولا تريد ان نعيش مستقبلنا بكرامة... وكل ما تسمعونه ما هو الا لذر الرماد في عيون ترفض ان لا ترى الا الحقيقة مجردة لا كما يردوننا ان نراها...