لم يحقق الاجتماع بين الرئيس ميشال عون و«اللقاء التشاوري» أي خرق مباشر في «إسمنت» العقدة السنّية، بل بقي النواب السنّة الستة المستقلّين مصرّين على تسمية وزير من بينهم، فيما لا يزال الرئيس المكلّف سعد الحريري متمسّكاً برفض توزير أي منهم، في انتظار تبيان ما اذا كانت المبادرة الرئاسية المستمرة ستتمكن من تدوير الزوايا الحادّة للمأزق الحكومي. ولكن، ماذا دار في اجتماع القصر أمس، وأي منحى سلكه النقاش؟
خلال اللقاء الذي ساده ودٌ متبادل، وضع عون ضيوفه في صورة الأزمة الاقتصادية المستفحلة، قائلًا لهم: «انّ الوضع الاقتصادي صعب وخطير جداً ويُنذر بالأسوأ». مضيفاً: «لم يسبق لي في الماضي ان كنت قلقاً الى هذا الحد على الواقع الاقتصادي - المالي، وبالتالي عندما يصل بي الأمر هذه المرّة الى درجة التحذير من وقوع كارثة، فهذا يعني أنّ المخاطر جدّية وحقيقية، استناداً الى الوقائع الموجودة في حوزتنا وتقارير البنك الدولي».
وتابع عون مخاطباً النواب الستة: «لقد وصلنا الى طريق مسدود في ما خصّ تشكيل الحكومة، وسط ظرف اقتصادي دقيق ومحيط إقليمي ساخن وتهديدات اسرائيلية للبنان ووضع أمني حسّاس، ولذلك، فإنّ المسؤولية الوطنية تستوجب من كل طرف ان يتنازل قليلاً ويبادر الى بعض التضحية، بحيث يقدّم الرئيس المكلّف شيئاً وتقدّمون انتم شيئاً.. المطلوب أن نساعد بعضنا لا أن نصنع عقداً أكثر، وانا أنتظر منكم أن تساعدوا في الحل»..
وتناوب أعضاء «اللقاء التشاوري» على الكلام، مؤكّدين رفضهم إلغاء أنفسهم وتمسّكهم بأن يتمثلوا في الحكومة عبر وزير من صفوفهم، إحتراماً لنتائج الانتخابات النيابية ولإرادة ناخبيهم، لافتين الى انّ خياراتهم ضيّقة أصلاً «إذ انّ كل ما نطالب به هو منحنا مقعداً وزارياً نهدف من خلاله الى تثبيت التنوّع والرأي الآخر في الطائفة السنيّة، كما هو سائد لدى الطوائف الأُخرى، من شيعة ومسيحيين ودروزاً، فيما يراد للسُنّة ان يستمر احتكار تمثيلهم السياسي في الحكومة من قِبل جهة واحدة.. لقد أردتم تشكيل الحكومة على قاعدة القانون الارثوذكسي، وربطاً بهذه القاعدة نحن لا نقبل تهميشنا وتجاهل حيثيتنا التمثيلية».
وأوضح النواب، انّهم طلبوا اكثر من مرّة موعداً للقاء الحريري إنما من دون جدوى، معتبرين انّ عدم استقباله لهم «يتنافى مع التقاليد السياسية اللبنانية، ويسيء الى موقع رئاسة الحكومة كما الى الشريحة الشعبية التي نمثلها».
وردّ عون مؤكّداً لهم انّهم على حق، وانّ امتناع الرئيس المكلّف عن الاجتماع بهم هو تصرّف غير صحيح.
ولفت أحد النواب رئيس الجمهورية الى «انّ الحريري ضدنا في الشخصي وضدنا في السياسة، خصوصاً بالنسبة الى الموقف من المقاومة والعلاقة مع سوريا، بينما فخامتك أقرب الينا سواء في الشخصي أو في السياسة، وبالتالي المشكلة ليست معك بل هي عند الرئيس المكلّف».
وإزاء تلميح عون الى ضرورة ان يترك «اللقاء التشاوري» مجالاً للبحث في خيارات تسووية، قيل له: «لقد تعلّمنا منك فخامة الرئيس، انّ مجرّد القبول بالبحث في الخطة «ب» يعني تلقائياً سقوط الخطة «أ».. وبناءً عليه، نحن لا نقبل بإلغاء أنفسنا وإسقاط حقنا في أن نتمثل في الحكومة بوزير منا».
وبعد أخذ وردّ، تمنّى عون على النواب السنّة المستقلّين أن يفكّروا ملياً في أمرين: دقة الوضع الاقتصادي - المالي، وموقف الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله، الذي يتحمّل ضغوطاً وأعباء إضافية بسبب هذه العقدة الحكومية ويجب ان لا تُحرجوه». فردّ النواب الستة: «انّ لسماحة السيّد ديناً في رقبتنا حتى يوم القيامة، وهو مقتنع بأنّ مطلبنا محق وإلاّ ما كان ليقف الى جانبنا»..
«فكّروا، وخبروني شو بيصير معكن»، قال عون لضيوفه في ختام الاجتماع، فما كان من أحدهم إلاّ ان سارع الى الرد قائلاً: «لا نحتاج الى أي وقت إضافي لكي نحسم قرارنا.. من الآن، نؤكّد تمسّكنا بإختيار وزير من صفوفنا.. المسؤولية ليست ملقاة علينا، والحل هو عند الرئيس المكلّف بالتشاور معكم».