ليست قصة "تهجير طلاب" مدرسة "الليسيه عبد القادر" التي تسكن قلب العاصمة بيروت جديدة، فالقضية بدأت عام 2015، عندما سمع أهالي الطلاب همسا بنية نقل المدرسة خلال فترة 5 أعوام كحدّ أقصى، لان مالكة العقار وريثة رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري، هند الحريري قررت الاستفادة من الإرث تجاريا.
يومها لم تكن وجهة نقل المدرسة معروفة، وقد كانت "النشرة" أوّل من أضاءت على الامر وقتذاك في مقال بعنوان "مصير "ليسيه عبد القادر" بين مصلحة هند التجارية وسعد السياسية"! تشرح فيه ملابسات المسألة، التي عادت الى الواجهة هذا العام مع تغييرات طفيفة، أساسها "المكان الذي تنوي إدارة المدرسة، أي مؤسسة الحريري التربوية بالتعاون مع وزارة الخارجية الفرنسية والبعثة الفرنسية، نقلها إليه".
تحركت مديرة مؤسسة الحريري التربوية شقيقة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، سلوى بعاصيري، بالتكافل والتضامن مع رئيسة المؤسسة نازك الحريري، إدارة المدرسة، ورجل أعمال ينتظر بفارغ الصبر "خلوّ" المبنى لتدميره وبناء مشروع تجاري ضخم، على غرار ما قام به نجل الحريري الأكبر بهاء الدين الحريري في منطقة فردان حيث بنى مجمع "ABC" التجاري على أنقاض مدرسة "الكرمل سان جوزيف"، لإيجاد البديل، فكانت الوجهة مدرسة ثانوية الآباء الأنطونيين في بعبدا، خصوصا وان الاخيرة تعاني من "ضائقة مالية".
ولكن تكشف مصادر متابعة عبر "النشرة" ان الضائقة الماليّة حُلّت بقرار كنسي جاء من خارج لبنان، ففشلت المساعي وانطلق البحث عن حلّ جديد. تضيف المصادر: "التقى وزير الداخلية نهاد المشنوق ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس بلدية بيروت جمال عيتاني ووزير التربية مروان حمادة، واتفقوا على حلّ يقضي بنقل مدرسة الليسيه عبد القادر الى مجمّع المدارس الرسمية الذي بُني في زقاق البلاط بهبة كويتيّة لدعم التعليم الرسمي لفقراء العاصمة ولم يُعمل به منذ 5 سنوات حتى اليوم".
ولكن ليس هذا كل شيء فبحسب المصادر تولّت بلدية بيروت "استثمار" هذا المجمّع بطريقة غير قانونيّة اذ تعهدت بدفع مبلغ 500 الف دولار أميركي كل عام لوزارة التربيّة لوضع المجمّع بتصرّفها، ولم يُعرف كيف ستتعامل الوزارة مع هذا المبلغ أصلا بحيث أن العملية غير واضحة المعالم القانونيّة.
تؤكد المصادر أن هذا الحل وإن تم قوننته فإنّه لا يؤدي الاّ الى مزيد من الضياع فالمدرسة المنوي الانتقال اليها رسميّة ويجب على إدارة "الليسيه" إعادتها للدولة خلال عام واحد يلي مطالبة وزارة التربيّة بها وهذا ما يمكن أن يحصل بعهد وزير التربية الجديد، كذلك يجب التنبه لوجود طلاب معهد "الكنام" في ذلك المجمّع، حيث رفضت وزارة التربية استلامه بعد إنجازه بسبب عيوب فيه.
يستمر أولياء الطلاب بالتحرك، وآخر محاولاتهم كانت بتوقيع عريضة وإرسالها الى وزارة التربية يوم أمس، والى رئيس بلدية بيروت، يؤكدون فيها رفضهم التام والمطلق لقرار نقل المدرسة الى المجمّع بزقاق البلاط، مؤكدين أن تشريد أكثر من 2000 طالب لن يمر لتغطية فشل من ادار هذا المشروع.
تكشف المصادر أنّ المدرسة تحقّق الأرباح السنويّة، بحيث أصبح صندوقها بالسنوات الثلاث الاخيرة يضمّ حوالي 10 مليون دولار، انما يبدو أن المستفيدين من الأرباح لم يكتفوا بهذه المبالغ فأصبح التوجّه نحو "المشروع التجاري" مربحا أكثر، الأمر الذي كان رفيق الحريري يرفض القيام به، سواء في منطقة "الروشة" أو غيرها.