توجه بطريرك أنطاكية وسائر المشرق يوحنا العاشر يازجي، إلى رعاة الكنيسة الأنطاكية المقدسة، قائلا: "إنني اليوم أسمع في بيت لحم من العادمي الأجساد: المجد في الأعالي لله الذي سر أن يكون السلام في الأرض"، هذا ما تقوله الكنيسة في الميلاد المجيد بلسان ناظم التسابيح. "إنني اليوم أسمعُ". ها حدثُ الميلاد لا قبل ألفي عام فحسب لا بل الآن. اليوم أسمع، تقول الكنيسة، صوت الملائكة مرنمين لميلاد المسيح. واليوم، ومن أي مكان أتواجد فيه، أدخل في القلب والذهن إلى بيت لحم وإلى مغارة الميلاد. واليوم أرى وأعاين، ولا أقرأ فقط في صفحات الإنجيل، وأسمع وعلى لسان الملائكة: "المجد لله في العلى وعلى الأرض السلام وفي الناس المسرة".
وشدد على أن "سلام الناس إن لم يقترن بسلام الله فهو زيفٌ محض. وعيد الميلاد هو بالدرجة الأولى عيد السلام الرباني الذي يتوق إليه هذا العالم المتخبط وسط أمواج العنف والقلاقل"، مشيرا الى أن "الله لم يأت لخلاص شعب معين دون سواه. ويسوع المسيح الذي اقتاد بنوره المجوس من أقاصي الأرض هو إياه الذي ينادي البشرية جمعاء بصوت القلب والضمير إلى ميناء السلام".
ولفت الى "أننا كمسيحيين أنطاكيين قلبنا في هذا الشرق العظيم وامتدادنا إلى العالم بأسره. نحن أشبه ما نكون بمزود بيت لحم الذي احتضن المسيح وأفاح عبيره إلى الدنيا. نحن من صلب هذا الشرق ومن ضعة جبروته الأرضي. لم نحتمِ بأحد ودرة تاجنا يسوع المسيح، وإياه رباً مصلوباً، كما يقول بولس الرسول. ومزود بيت لحم من ذات الطينة التي اقتبلت في قلبها الطفل المولود فأشع نوره للعالم".
وأضاف: "صلاتنا اليوم إلى الرب المخلص أن يغرس سلامه في الشرق وفي العالم أجمع. صلاتنا من أجل سلام سوريا واستقرار لبنان ومن أجل العراق وسائر بلدان وبقاع هذا الشرق. صلاتنا من أجل فلسطين وعاصمتها القدس التي بقيت وستبقى في قلبنا عصيّة على كل محنة. صلاتنا من أجل عودة المخطوفين، كل المخطوفين ومنهم أخوانا مطرانا حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي والذين تمثل قضيتهما غصّةً في قلبنا وفي قلب كل مسيحي ومسلم ومشرقي وفي قلب كل أخٍ لهما في الإنسانية التوّاقة إلى السلام. صلاتنا من أجل كل ملتاع وكل مهجر ومفقود. وصلاتنا إلى الرب القدير من أجل من سبقونا على رجاء القيامة والحياة الأبدية ودعاؤنا من أجل سلام العالم ومعونته. رجاؤنا في العيد الحاضر أن يجعل الإنسان من قلبه مغارةً يستقبل فيها ملك المجد. وصلاتنا إلى طفل المغارة من أجلكم يا أبناءنا في الكرسي الأنطاكي في الوطن وفي بلاد الانتشار. وليكن الميلاد المجيد مفيضاً في كل نفسٍ شيئاً من هدوء وسلام رب السلام له المجد والرفعة إلى الأبد".