كشف رئيس الهيئة السياسيّة والأمنيّة سابقًا في وزارة الأمن الإسرائيليّة عاموس غلعاد عن أنّ "الزعيم العربيّ الوحيد الذي اتخذّ صورة مَنْ يُبدي الاستعداد للخروج عن الصف العربيّ والضغط على الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، كان وليّ العهد السعوديّ محمد بن سلمان"، مُشدّدًا أنّ "بن سلمان تراجع ليسير على الخطّ مع الموقف التقليديّ لباقي الدول العربيّة".
ولفت إلى أنّ "السعودية وإسرائيل تُحافِظان على وجود رابطة وراء الكواليس، رغم تنازل الرياض عن استضافة بطولة الشطرنج الدوليّة، بدلاً من منح تأشيرات دخول للإسرائيليين"، مشيراً إلى أنّ "الخطوة السعوديّة تؤكّد أنّ العلاقات بين الجانبين لا زالت مُعقدةً، وأنّ أيّ تقاربٍ مُتاح حاليا تحت الرادار"، موضحًا أنّ "العلاقات الإسرائيليّة السعوديّة تحسّنت بشكلٍ كبيرٍ في السنوات الأخيرة، بسبب المصلحة الأمنيّة المشتركة لتحييد توسّع إيران".
وأشار إلى أنّ "الرابطة غير الرسمية بين الرياض وتل أبيب هي في مهدها ومشروطة بالواقع الجيوسياسي الحالي الذي قد يكون عابرًا"، لافتًا إلى أنّ "أيّ تحسّنٍ مفاجئٍ في العلاقات الإيرانيّة السعوديّة، سيؤدّي إلى ضعف فرص تزايد العلاقة بين الرياض وتل أبيب".
ورأى أنّ "علاقات التطبيع الكاملة ستؤدّي إلى تعميق وتعزيز وترسيخ علاقات السلام الحقيقية والمستقرّة"، مشيراً إلى أنّه "طالما لا توجد على الأقل مسيرة سياسية مع السلطة الفلسطينية التي تتمسّك بطريق السلام وتُبقي على تعاونٍ أمنيٍّ عظيمٍ القيمة مع إسرائيل، فإنّ علاقة التطبيع ستصطدِم بالسقف الزجاجيّ الفلسطينيّ".
وذكر أنّه "في الآونة الأخيرة تشغل بال المؤسسة السياسيّة الأمنيّة في إسرائيل مسألتان مركزيتان، الأولى هل التقارب مع الدول العربيّة السُنيّة، والذي يستند إلى تماثلٍ متعمقٍ للمصالح، يؤدّي إلى تطبيعٍ بين الطرفين على نحو مُنقطعٍ عن النزاع الإسرائيليّ الفلسطينيّ؟"، مشيراً إلى أن "المسألة الثانية هي، هل يُمكِن ربط الدول العربيّة للضغط من الخارج على السلطة الفلسطينيّة كي تُلطّف حدّة مواقفها وتقبل عناصر "صفقة القرن"، التي بلورتها إدارة الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب؟".
وأضاف: "الخوف من تطلعات الهيمنة الإيرانيّة والحاجة إلى مكافحة الإرهاب والإسلام المتطرف، تُعّد دوافع عظيمة لعملية التقارب بين إسرائيل والأنظمة العربيّة المؤيّدة لأميركا"، مشدداً على أن "الانشغال في هذه التحدّيات العاجلة، دفع جانبًا التزام الدول العربيّة التقليديّ بوضع القضيّة الفلسطينيّة في مركز جدول الأعمال الإقليميّ، منوهًا إلى أنّه من خلف الكواليس، عمقّت الأنظمة العربيّة السُنيّة التعاون مع إسرائيل بشكل غير مسبوق".
وتابع: "الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي استضاف رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو في زيارةٍ سريّةٍ إلى مصر في شهر أيار من العام الجاري"، مؤكّدًا أنّ "الدول العربيّة مهتمة بالاستفادة من التكنولوجيّة الإسرائيلية، بما في ذلك في المجالات الأمنيّة".
ورأى أنّ "العلاقة المُتحسنة مع الدول العربيّة تعكس تغييرًا في مكانة إسرائيل كحليفة في المنطقة، وتثير قلقًا عميقًا في السلطة الفلسطينيًة، التي تخشى من تآكل مكانتها كمن تمسك بمفتاح التطبيع"، مشدداً على أن "أساس التعاون مع الأنظمة العربيّة يجري من تحت الطاولة، ومن شريحةٍ ضيّقةٍ للغاية من المستويات الرسمية العليّا"، مشيراً إلى أن "العلاقات الشعبيّة نادرة، لأنّ الشارع وطبقة المثقفين العرب، وبشكلٍ خاصٍّ في دولتي السلام مصر والأردن، مُعاديان لإسرائيل".
ولفت إلى أنّه "على المستوى الرسميّ، فإنّ عمق العلاقات بين الطرفين متدنٍ اليوم عن مستواه مُقارنةً بذروة سنوات المفاوضات مع الفلسطينيين، مُوضحًا أنّه في تلك الفترة عملت مكاتب مصالح وتجارة في عدّة دولٍ في الخليج آنذاك، وحلّ مسؤولون إسرائيليون ضيوفًا في وضح النهار في القاهرة والتقوا علنًا مع الرئيس المصريّ الأسبق حسني مبارك"، مشيراً إلى أنه "يبدو أنّ الزعماء العرب لم يكونوا مستعدين للتطبيع مع إسرائيل في غياب مسيرةٍ مع الفلسطينيين، خوفًا من ردّ الرأي العّام الذي قد يؤثر على استقرار حكمهم، مؤكّدًا في الوقت عينه على أنّ الخوف العميق من الشارع العربيّ، عاد ليتجسّد في تجنّد كلّ الدول العربيّة لمنع قرارٍ في الأمم المُتحدّة حتى ضدّ حركة "حماس".