اشارت صحيفة "الخليج" الاماراتية في افتتاحيتها الى ان "قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الانسحاب من سوريا بشكل مفاجئ؛ ترك موجة من القلق والصدمة والتساؤلات هنا في الشرق الأوسط، وفي العالم، ولم يسلم الداخل الأميركي من الارتدادات والتداعيات في الكونغرس، وحتى داخل الإدارة الأميركية نفسها"، مضيفة: "لعل أبرز التداعيات؛ إعلان وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس استقالته من منصبه، لينضم بذلك إلى قائمة طويلة من المسؤولين في إدارة ترامب، الذين أُقيلوا أو استقالوا خلال العامين الماضيين؛ إما لأنهم لم يتوافقوا مع مزاج ترامب، ولم يتقيدوا بتعليماته؛ فأقالهم، وإما لأنهم اختلفوا معه؛ فآثروا الاستقالة"، مشيرة الىأنه "سبق أن استقال جون كيري أقرب مستشاريه، وكبير موظفي البيت الأبيض، ومندوبة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هايلي، ووزير الخارجية السابق ريكس تيليرسون، ومايكل فلين مستشار الأمن القومي السابق، وجيمس كومي المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي وغيرهم".
ولفتت الصحيفة الى أن "استقالة ماتيس، وهو أقوى رجال ترامب، جاءت على خلفية قرار الانسحاب من سوريا؛ ما يدل على أن هذا القرار لا يحظى بموافقة وزارة الدفاع، ولا أركان البنتاجون، إضافة إلى مروحة واسعة من الخلافات بين الرجلين سابقة لهذا القرار حول ملفات عدة لها علاقة بالسياسات الأميركية العالمية، وجاء قرار الانسحاب من سوريا كأنه الشعرة، التي قصمت ظهر البعير كما يقال"، لافتة الى أنه "ووفقاً لما كان معروفاً، فإن هناك تبايناً في القناعات بين ترامب وماتيس، وعلى رأسها: قرار الانسحاب من سوريا، والاتجاه لخفض عديد القوات الأميركية في أفغانستان، وتعيين رئيس لهيئة الأركان في وقت مبكر، وقبل نحو عام من انتهاء رئاسة الجنرال الحالي جو دنفورد، وتعليق المناورات العسكرية في كوريا الجنوبية وبحر اليابان، دون استشارة قادة الأركان؛ كي لا يغضب رئيس كوريا الشمالية كيم جونخ أون، ويحافظ على الاتفاق، الذي أبرمه معه، إضافة إلى الخروج من الاتفاق النووي مع إيران، وغيرها من القضايا، التي تتصل باختصاصات ماتيس، التي تجاوزها ترامب، تماماً، كما فعل مع وزير الخارجية السابق تيلرسون".
ورأت أن "هذه الأزمة؛ المتمثلة بانفراط عقد الإدارة الأميركية؛ تدل على مأزق سياسي يعانيه ترامب في تعاطيه مع فريق عمله؛ ما ينعكس بشكل مباشر على أداء هذه الإدارة في إدارتها لقضايا مهمة؛ بعضها له علاقة بالأمن القومي الأميركي، وعلاقات الولايات المتحدة مع الحلفاء والأصدقاء، وحتى مع الخصوم"، مضيفة: "لهذا تبدو الولايات المتحدة في عهد ترامب، وكأنها دولة لا تمتلك استراتيجية محددة إزاء مختلف القضايا الدولية، وحتى الداخلية، ويتجلى ذلك في المواقف المتضاربة من القضية الواحدة، وفي القرارات، التي تخرج أحياناً على ثوابت السياسة الأميركية؛ بخصوص العلاقات مع الحلفاء والشركاء، والتخلي عن مبدأ الحوار معهم، كما في الحروب التجارية، وسياسة المواجهة مع أوروبا الغربية"، مشددة على أن "استقالة ماتيس، لن تكون آخر مسلسل الاستقالات والإقالات في الإدارة الأميركية ، وقد تفتح الباب أمام استقالات أخرى، فيما يواجه الرئيس الأميركي عواصف داخلية عاتية، فهل يخرج منها سالماً؟".