ترأس راعي أبرشية طرابلس المارونية المطران جورج بو جوده، قداس منتصف الليل، لمناسبة عيد الميلاد المجيد، في كنيسة مار مارون في طرابلس، عاونه فيه خادم الرعية المونسنيور نبيه معوض والخوري راشد شويري، في حضور عدد من المؤمنين.
بعد الانجيل، ألقى بو جوده عظة قال فيها: "هل نكتفي بالاحتفال بهذه الأعياد في سهراتنا الصاخبة وبقطع قالب الحلوى بينما المرارة والحقد والضغينة تسيطر على قلوبنا وعلى علاقاتنا مع بعضنا البعض. هل نكتفي بالادعاء بأننا نؤمن بالمسيح الإله المتجسد، إله المحبة والسلام بينما تغلي في قلوبنا روح الإنتقام؟ لنا الحرية، أيها الأحباء، في التعبير عن آرائنا الفكرية والسياسية واتخاذ المواقف المنسجمة معها، لكننا لسنا أحرارا في رفض الآخرين ونبذهم ومعاملتهم كأعداء. ولا يحق لنا بالتالي، ولا بأي شكل من الأشكال أن نشوه سمعتهم، فنستعمل الكلمات النابية للتحدث عنهم ولا المس بشرفهم وكرامتهم".
أضاف:" النشيد الذي أنشده الملائكة عندما أبلغوا الخبر السعيد للرعاة هو تعبير عن التواصل الذي يجب أن يبقى ويستمر بين الإنسان والله. إنه وسيلة تواصل اجتماعي تدعو إلى تمجيد الله وترسيخ السلام بينه وبين الإنسان، إنه دعوة لكي يقوم الإنسان أيضا بالدعوة لاستعمال كلامه في سبيل نشر هذا السلام، لمناسبة هذه الأعياد المباركة، فيستعمل لسانه وكلامه في سبيل ذلك، لأنه يستعمله اليوم غالبا في الطريق الخاطىء، لأن بليته تأتي اليوم غالبا من لسانه، على ما يقول القديس يعقوب في رسالته. "هذا اللسان هو عضو صغير من أعضائه من شأنه أن يفاخر بالأشياء العظيمة، إنه قادر أن يدنس الجسم كله، ويحرف الطبيعة في سيرها، ويخترق هو بنار جهنم. فاللسان بلية لا تضبط ولا يستطيع أحد أن يقهره، ملؤه سم قاتل. به نبارك الرب الآب وبه نلعن الناس المخلوقين على صورة الله. فمن فم واحد تخرج البركة واللعنة ولا يجب يا إخوتي أن يكون كذلك".
وتابع: "لسان العالم اليوم أصبح طويلا للغاية بفضل وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل الكلام إلى أقاصي الأرض. وما نراه ونسمعه عندنا في لبنان من أقوال وتصاريح نارية أوصل البلاد إلى شفير الهاوية. فهل نعي ويعي المسؤولون السياسيون عندنا خطورة هذه الأوضاع أم أن مصالحهم ومطامعهم الشخصية سوف تبقى طاغية على تصرفاتهم وأقوالهم؟ هل سيخرجون ويخرجوننا من هذا النفق المظلم الذي أدخلونا فيه، أم ان موقفهم سوف يبقى على مثال موقف شمشوم "علي وعلى أعدائي يا رب، فيخربون البلاد ويوصلون العباد إلى الإحباط واليأس والقنوط؟ هذا على كل حال ما أوصلوا شبيبة البلاد إليه، إذ إن الكثيرين كفروا بهذه البلاد وحملوا جوازات سفرهم إلى السفارات ليحصلوا منها على شارات السفر والهجرة، وغالبا من دون رجعة".
واعتبر أن "عيد الميلاد عيد المصالحة والسلام، عيد أعلنه الملائكة عندما أنشدوا المجد لله في الأعالي، وعلى الأرض السلام، عيد استقبال الرب يسوع إله السلام في قلوبنا وعقولنا وليس فقط في بيوتنا ومنازلنا. فلنضىء قلوبنا له ولنفتح له آذاننا لسماع تعاليمه والعمل بمقتضاها. فلنحفظها في قلوبنا مثل العذراء مريم، لكي نستحق نحن أيضا أن نسمعه يقول لنا: " طوبى لكم لأنكم سمعتم كلامي وعملتم به".