اشاد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بالعمل الذي تقوم به الاجهزة الامنية على الاراضي اللبنانية، وبدورها الفاعل في فرض الامن وتأمين الاستقرار ومكافحة الجريمة والفساد. وشدد الرئيس عون خلال استقباله قادة الاجهزة العسكرية والامنية ومدير عام الجمارك وكبار الضباط والمسؤولين الامنيين الذين حضروا لتهنئته في قصر بعبدا قبل ظهر اليوم لمناسبة الاعياد المجيدة، على ضرورة ان تبذل القوى الامنية كافة جهوداً اضافية من اجل الوصول الى اعلى درجة ممكنة من الاحترافية، رغم الصعوبات التي تعيق تحقيق هذا الهدف.
واكد الرئيس عون ان "الجيش اللبناني يبقى الامل الاساسي في التعقيدات والازمات للحفاظ على وحدة البلد، وهو الداعم الرئيسي للقوى الامنية الاخرى في فرض الامن في الداخل"، مذكّراً بأن ما تحقق في مجال مكافحة الجريمة والمخدرات والفساد والتهريب ليس بالامر السهل، ولكنه يبقى غير كاف. وشدد على اهمية ما يقوم به الامن العام على صعيد تنظيم وجود الاجانب في لبنان وضبط اقاماتهم ومتابعة تحركاتهم.
وتطرق رئيس الجمهورية الى "ان معالجة مشكلة تعاطي المخدرات والاتجار بها تستوجب مكافحة استباقية عبر الحزم والتربية، تبدأ من العائلة الى المدارس والجامعات، وصولا الى ملاحقة مصانع الكبتاغون وغيرها"، مشيرا الى "ان عدد ضحايا المخدرات وتعاطيها في لبنان يفوق ما سقط لنا من شهداء نتيجة الحرب الاسرائيلية ضدنا في العام 2006." واعتبر ان عمل قوى الامن في هذا المجال اساسي بالتنسيق مع سائر القوى الامنية والقضاء.
وعن حوادث السير وما تخلفه من مآسي، اعتبر الرئيس عون انه يجب اعتماد "الحزم والتربية في آن معا، الحزم في ضبط المخالفات وصولا الى سحب رخصة القيادة، والتربية بدءاً من العائلة للتوعية على مخاطر مخالفات قوانين السير"، مشيرا الى اهمية تعميم الرادارات على مستوى كافة الاراضي اللبنانية ومكننة محاضر المخالفات.
وتناول الرئيس عون مسألة الفساد الذي "يتطلب منا القيام بجهود اكبر لانه بدأ يتغلغل في النفوس ويستشري بشكل واسع وخصوصاً في الادارات الرسمية التي تعالج شؤون المواطنين. ولا شك ان امتناع المواطنين عن الشهادة في قضايا الفساد، تصعّب من مهمة مكافحته، ولكن رغم ذلك يجب عليكم بذل كل ما يمكن من اجل احقاق الحق والحد من ظاهرة الفساد بالتعاون مع السلطة القضائية، وهو امر عملت عليه منذ سنوات طويلة، وكنت ولا ازال اشجع على الشكوى ضد الفاسدين، انما للاسف فإن الشكاوى محدودة، لذلك ادعوكم الى ان تكونوا حازمين في قمع الفساد." كما ركّز على دور امن الدولة في سياق متابعة عملية مكافحة الفساد والتعاون مع القضاء المختص.
واشاد الرئيس عون بالدور الذي تقوم به مديرية الجمارك وما حققته الضابطة الجمركية في مجال مكافحة التهريب وزيادة مداخيل الدولة، آملاً في توافر الامكانات في المرحلة المقبلة لرفد المديرية بالآلات الالكترونية الحديثة وبالعديد الكافي لتفعيل المراقبة على مساحة الوطن.
واستهل الرئيس عون استقبالاته قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا، بلقاء وفد من قيادة الجيش برئاسة قائد الجيش العماد جوزف عون، الذي تمنى في كلمة القاها في بداية اللقاء ان تحمل السنة الجديدة الخير للبنان وتتكلل مساعي رئيس الجمهورية وجهوده من اجل الوطن بالنجاح. وقال:" لدينا ملء الثقة بكم، وفخامتكم ضمانة للاستقرار وصمام للأمان". ووجه معايدة خاصة للرئيس عون من كل جندي في الجيش "لأننا نعرف مكانة الجندي في نفسكم وثقتكم به في المهمات التي ينفذها".
واكد العماد عون ان الجيش برغم الظروف الصعبة التي تمر بها المنطقة، ويعيشها لبنان داخلياً وعلى الحدود، في جهوزية تامة وخصوصا في فترة الاعياد، "لكي يعيد الناس بأمان ولمنع المساس بالاستقرار والامن"، آملاً ان ينسحب الاستقرار الامني الذي ينعم به لبنان في هذه الفترة على الوضعين الاقتصادي والسياسي في السنة الجديدة .
ثم استقبل رئيس الجمهورية وفدا من المديرية العامة للامن العام برئاسة اللواء عباس ابراهيم، الذي ألقى كلمة تمنى فيها تحقيق الالتفاف الوطني حول الدولة ومؤسساتها، "لبناء الثقة بينها وبين المواطن على قاعدة العدالة والشفافية، ونبذ العنف أيا كانت هويته ومسمياته، وتغليب صيغة العيش المشترك التي تعكس اهمية التنوع الروحي والثقافي والحضاري، بوصفها ميزة لبنان الرسالة". واضاف: "اننا في الامن العام، وكما وعدنا اللبنانيين، سنبقى اوفياء لقسمنا العسكري ودورنا في خدمة الناس والحفاظ على الامن، بكل مندرجاته، تحت راية الدولة التي اقسمتم، يا فخامة الرئيس، على الحفاظ عليها، وحملتم شرف ادارتها مع باقي المسؤولين من اجل الوصول بها الى برّ الامان ونقلها الى مصاف الحداثة والتطور".
والتقى الرئيس عون، بعد ذلك وفد المديرية العامة لأمن الدولة، برئاسة المدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، الذي هنأ رئيس الجمهورية بالأعياد وبحلول العام الجديد، آملا ان يحمل العام الجديد مواعيد زاخرة بالانتاج، وقال: "اننا نشعر دائما بوجودكم ان لنا سندا نعتمد عليه لا سيما في الاوقات الصعبة. لقد مرت علينا ظروف صعبة، لكنكم، فخامة الرئيس، كنتم لنا كما لسائر المؤسسات الوطنية، الحصن المنيع."
اضاف: "نعرف ان لكم احلاما ومشاريع كبرى، خصوصا في مكافحة الفساد. ونحن بذلنا جهودا لتحقيق ما تصبون اليه بالتنسيق مع الهيئات الرقابية والقضائية. وقد وضعنا استراتيجيات وحققنا انجازات، ولو لم تظهر كلها على وسائل الاعلام، حفاظا منا على معنويات الجسم الوظيفي العام." وامل في العام المقبل ان تثمر خطط مكافحة الفساد اكثر، "تحقيقا لارادتكم في ان تكون للبنان مؤسسات شفافة، ورائدة. ونحن سائرون في هذا الخط، ونحن الى جانبكم في تحقيق هذه الغاية."
كما جاء مهنئا رئيس الجمهورية وفد المديرية العامة للجمارك برئاسة المدير العام بدري ضاهر، الذي عرض للرئيس عون ملخصاً عن انجازات الجمارك ضمن الخطة الاستراتيجية التي وضعتها، "برغم الامكانات المتواضعة للمديرية والنقص الكبير في عديد الضباط والعناصر والسلك الاداري". وابرز الانجازات التي عرضها ضاهر كانت العمل على مكافحة الفساد في الجمارك عبر تأمين خط ساخن للشكاوى، وزيادة رسم الخدمات وتوقيف عدد من مخلصي البضائع. ولفت الى الوفر المالي الذي حققته المديرية والبالغ 900 مليون ليرة لبنانية عبر التخلي عن الابنية المستأجرة، وتحديث مراكز العمل بالاجهزة والبرامج المعلوماتية، كما تطوير آلية الاجراءات الجمركية التي ساهمت في منع هدر المال العام بما قيمته نحو مليار و400 مليون ليرة لبنانية، وتحقيق زيادة في الواردات ومكافحة التهريب، وخصوصا المخدرات حيث تم ضبط اكثر من 3 ملايين و700 الف حبة كبتاغون ونحو 67 كيلوغراماً من الكوكايين، واكثر من ثلاثة أطنان ونصف الطن من الحشيشة.
واستقبل الرئيس عون بعد ذلك، بحضور اللبنانية الاولى السيدة ناديا الشامي عون، موظفي المديرية العامة لرئاسة الجمهورية والاعلاميين المعتمدين فيها، وقائد لواء الحرس الجمهوري العميد سليم فغالي على رأس وفد من ضباط اللواء، لتهنئته بالاعياد المجيدة.
في مستهل اللقاء، القى مدير عام رئاسة الجمهورية الدكتور انطوان شقير كلمة جاء فيها: "في بداية كلمتي أودّ أن أتمنى لفخامتكم وللّبنانية الأولى ميلاداً مجيداً وعاماً سعيداً مليئاً بالفرح والسعادة والطمأنينة والسلام والإستقرار. استذكر ما أشرتم اليه في كتابكم "ما به اؤمن" لاسيما في تحديدكم لمعنى الحاضر والمستقبل على ان الحاضر هو مستقبل افتراضي هو تطوّر للماضي وهو لحظة ما بين الماضي والمستقبل لايمكننا الإمساك بها لأنها متحركة تنساب بين اصابعنا. لابد وانطلاقاً من ذلك مراجعة ابرز ما تم تحقيقُه لغاية الآن منذ بداية عهدكم". اضاف "اذا راجعنا سريعاً خطاب القسم والبيان الوزاري يتبين ان الكثير تحقق نذكر على سبيل المثال لا الحصر ان كان بالاستقرار الأمني أو بالسياسة الخارجية وحضور لبنان على ارفع المنابر الدولية والإهتمام بالمغتربين ومنحهم حق التصويت وتمثيلهم في المجلس النيابي المقبل، وان كان على صعيد التشريع وصدور قوانين جديدة تتعلق بمكافحة الفساد وتنظيم الشراكة بين القطاع العام والخاص، ناهيك عن اتفاقيات القروض خاصة تلك التي تحرك العجلة الإنمائية لاسيما البنى التحتية بالإضافة الى الدفع الذي حظي به التنقيب عن النفط، واقرار الموازنات التي كانت عالقة منذ سنوات واجراء الإنتخابات النيابية على اساس قانون النسبية الذي اعطى لكل فريق حجمه لاسيما في الحياة السياسية الديمقراطية التي يتمتع به لبنان وبفضل فخامتكم سنحافظ عليها".
وتابع "لن اطيل الكلام بتعداد كل ما تحقق انما احرص على كلمة "تحقق" وليس "أُنجز" لأن ما تحقق ليس على قدر طموحات فخامتكم وطموحات اللبنانيين ولأن فخامتكم تقولون لي دائماً ما زال امامَنا الكثير لنعملَه من اجل لبنان وشعبِه العظيم. ونحن كمديرية عامة ذراعُكم الأيمن الى جانبكم في تحقيق طموحاتكم وتنفيذ خطاب القسم لجهة العمل على وضع خطة تنفيذية لمكافحة الفساد وايجاد الحل اللازم لعودة النازحين السوريين الى بلدهم وتحقيق اللامركزية الإدارية والحكومة الإلكترونية وتنفيذ الخطة الإقتصادية التي اعدت من قبل اهم المكاتب العالمية والملفات الإجتماعية والصحية والتي تهم الحياة اليومية للمواطنين. نحن واثقون أنّ كل ذلك سيُنجز متى تتشكل الحكومة التي تعملون جاهدين لتحقيق ذلك استناداً الى الدستور وخاصة على أثر انتخابات نيابية جرت على اساس النسبية. كما اوجه ايضاً تحية كبيرة من جميع موظفي رئاسة الجمهورية الى اللبنانية الأولى لمحبتها وعاطفتها وحرصها على ابقاء القصر الجمهوري قصر الشعب منارة مشعّة للقضايا الإنسانية والبيئية والإجتماعية والصحية".
اضاف "اخيراً وليس آخراً نعدكم فخامة الرئيس ان المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بالتعاون والتنسيق الدائم مع قيادة وضباط وعناصر لواء الحرس الجمهوري ستبقى الى جانبكم في تحقيق آمالكم ونحن ملتزمون المثابرة على استكمال الورشات الإدارية والفنية والهندسية والتكنولوجية لتكون المديرية العامة لرئاسة الجمهورية مواكبة للتطور الإداري ولتكون المديرية العامة التي يحتذى بها كمثل في المؤسسات المنتجة والفعالة".
ثم القى مدير مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية رفيق شلالا كلمة جاء فيها:"ابدأ أولاً بتقديم التهنئة بعيد الميلاد المجيد والسنة الجديدة، باسمي وباسم جميع العاملين في مكتب الاعلام والزملاء المندوبين الاعلاميين في القصر الجمهوري، متمنياً لفخامتكم وللسيدة الاولى ، الصحة وكل الخير والمحبة التي تستحقانها. سنة ثالثة تطل، وأنتم فيها في سدة الرئاسة، تحاولون بكل شفافية ومصداقية أن تكونوا مرآة لتطلعات اللبنانيين، تحملون هواجسهم في دقائق يومكم، وتسعون من موقع المسؤولية وبما كفله لكم الدستور، وبكل تجرد وموضوعية، اثمرت هذه المرحلة انجازات كانت عصية على التحقيق لسنوات طويلة. ويبدو أن تحقيق الوعود، والعمل بجدية، والتزام مصالح البلاد والشعب، أزعجت من لا يريد للوطن، أو لفخامتكم شخصياً، النجاح والخروج من المحن والاحباط. فبانت في الأشهر الأخيرة عثرات لم تكن في الحسبان. لكننا، كما غالبية اللبنانيين، على ثقة أنكم بصبركم المعهود، وحكمتكم، ستنجحون في إضاءة النفق، والعبور إلى الحلول ومواجهة التحديات، وتوحيد جهود الخيِّرين للنهوض بالوطن".
اضاف "لقد صبرتم يا فخامة الرئيس على الظلم. وصبرتم أمام الاساءات. وصبرتم في خلال سنوات النفي القسري والابعاد. وصبرتم على الطعن بالظهر. فمن يريد اليوم ، فخامة الرئيس ، امتحان صبركم وارادتكم، سيكتشف أن عزيمتكم لا تلين في سبيل الحفاظ على رسالة لبنان، وحقوق جميع شرائحه، وتحييده عن تأثيرات الاعاصير والحروب المحيطة به. ونحن الاعلاميين في مكتب الاعلام والزملاء المندوبين، شهود على عمق المعاناة وثقل المسؤولية من جهة، وقوة ارادتكم وابوتكم لجميع اللبنانيين من جهة أخرى. لذلك، أملنا كبير بالتغلب على الأزمات الراهنة وما يبدو افقاً مسدوداً، وانتصار لبنان".
وتابع قائلا "أما أنت سيدتي اللبنانية الأولى، العاملة بصمت في خدمة القضايا الانسانية والبيئية، والأطفال، وأصحاب الحاجات الخاصة، الذين فتحت لهم جميعاً أبواب القصر الجمهوري، واستضفتهم بحنان الأم، فلك تحية تقدير على ما تسعين إليه بعطف والتزام، دون ضجيج إعلامي، أو صخب الأضواء. فندعو لك بالصحة والعافية من أجل مزيد من العطاء والثمار الطيبة. فخامة الرئيس، شئت أن يكون شعب لبنان عظيماً، وفريداً في بصماته بما يخترنه من حضارة وتاريخ. هذا الشعب، يتطلع اليكم اليوم، لتنعشوا عظمته من جديد، وتدفعوا بأحلامه إلى دائرة النور، وترفعوا البلاد من كبوتها العقيمة. وكلنا ثقة بأن الأمل بكم لن يخيب. كل عام وأنتم، واللبنانية الأولى، وعائلتكم الكريمة بخير".
بعد ذلك، ردّ الرئيس عون بكلمة قال فيها: "كل عام وانتم بخير. انّ هذه المناسبة السنوية التي نجتمع في خلالها هي علامة فارقة في مسيرتكم المهنية. وهي كذلك بالنسبة الينا في حياتنا السياسية. وان ثمار اعمالكم تمّر امامنا كلّ يوم، كما تعبر اليكم توجيهاتنا بصورة يومية." اضاف: "اني اشكركم جميعا على جهدكم المتواصل. فانتم تعملون معنا وتنتجون. كما اشكر الادارة التي تدير القصر الجمهوري بكافة قطاعاته البشرية. واني اعرب للمناسبة عن تقديري لكم، وعن عمق علاقتي المنظورة وغير المنظورة بكم، فأنا لا استطيع ان انسى جميع الذين يعملون كل يوم هنا صباحا ومساء. واتمنى ان تعيّدوا جميعا وعائلاتكم، الاعياد المجيدة التي نعيّدها كل عام، وانتم بألف خير. عشتم وعاش لبنان!"