بشكل متسارع، توالت المستجدّات العسكرية في سورية منذ اعلان الرئيس الأميركي بشكل مباغت سحب قوّاته من هذا البلد.. دمشق التي لم تنتظر طويلا غداة القرار الخبيث في توقيته وخلفيّاته، بادرت الى حشد قوّاتها شرقا تزامنا مع استمرار الحشود العسكريّة التركيّة الضّخمة إيذانا باقتراب عمليّتها الموعودة ضدّ الإنفصاليين الأكراد.. وبعد وصول وحدات نخبويّة في الجيش السوري مدعومة بقوارب روسيّة الى مشارف الفرات يوم الأحد الماضي، دخلت قواّته الى مدينة منبج، على وقع تقارير عسكريّة عراقيّة نقلت عن مصادر امنيّة غربيّة إشارتها الى انّ المشهد المقبل خلال العام القادم، سيشهد حدثا عسكريّا "غير مسبوق" على الحدود السوريّة-العراقيّة، كاشفة انّ الأنظار ستشخص نحو الرئيس السوري بشّار الأسد، ربطا بحدث سياسي-عسكري تُنجزه دمشق في غفلة عن الجميع!
وفيما بدا واضحا انّ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب يهدف بالمقام الأوّل الى عمليّة "خلط اوراق" في المنطقة، تنسحب على الضفّة السوريّة-العراقيّة، سيّما انّ هذا القرار استُبق قُبيل ايّام قليلة بنشر وحدات اميركيّة في محيط منطقة القائم الحدوديّة بالقرب من الطريق البرّي البوكمال-القائم، حيث يجري العمل على بناء قاعدة عسكريّة اميركية جديدة تبعد عن الشريط الحدودي مع سورية قرابة 10 كيلومترات فقط،، حطّ ترامب خلسة وبشكل مفاجئ ودونما ايّ تنسيق مع السلطات العراقيّة الرسمية، في قاعدة عين الأسد بمنطقة الأنبار، في مشهد يُنذر انه يرتبط بالتجهيز لضربة عسكريّة ضدّ ايران، انطلاقا من العراق!
دمشق التي ترصد التحركات العسكرية المعادية على حدودها مع العراق، وتوقيت اعلان الرئيس الأميركي سحب قواته من سورية واهدافه الخفيّة، كانت سارعت الى ارسال قواّتها صوب مدينة البوكمال، تحضّرا لإطلاق معركة حاسمة ضدّ "جيب" تنظيم داعش في ايّ لحظة، والذي زرعته القوّات الأميركية هناك كخنجر يُهدّد طريق الوصل بين بغداد ودمشق.. معركة تهدف الى نشر القوّات السوريّة على طول الحدود من البوكمال الى التنف.
وفي وقت طُرحت اسئلة مشروعة حول "قطبة مخفيّة" بين الرئيسين دونالد ترامب ورجب طيّب اردوغان بعد رزمة الإغراءات الأميركية التي نالها الأخير سيّما وعد تسليمه "رأسَي" حلفاء واشنطن "قسد" وفتح الله غولن، ومنحه ضوءا اخضر يُطلق يده داخل سورية وغطاء اميركيا لعمليته المرتقبة ضدّ الإنفصاليين الأكراد شرق الفرات، رجّحت مصادر صحافيّة غربيّة ارتباط هذه الإغراءات –ليس فقط لإبعاد تركيا عن روسيا، بل طلب مساعدة "الحليف في النّاتو" ب" سيناريو ما" تعدّه الإدارة الأميركية في المنطقة، فيما ربطت معلومات صحافيّة روسيّة ذكرت بعضها صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا"، قرار الانسحاب الأميركي بتمهيد الأرضيّة لحرب اسرائيليّة شاملة ضدّ سورية ولبنان، وسط تواتر تقارير امنيّة لبنانيّة لم تستبعد ان يكون لبنان هو ساحة تصفية الحساب مع حزب الله.
"اسرائيل التي سارعت الى الدخول على خطّ المستجدّات العسكرية في الشرق السوري، عبر ضربات صاروخيّة وجّهتها مقاتلاتها من الأجواء اللبنانية صوب اهداف في ريف دمشق، بعد ان نفّذت غارات وهميّة مكثّفة فوق مناطق الجنوب اللبناني، لم تفشل فقط في استدراج دمشق مرّة اخرى الى الكشف عن قواعد منظومة "اس 300" الصاروخيّة، بل تلقّت ردّا سوريّا صاعقا، إذ لم تكتف الدفاعات الجويّة السوريّة بإسقاط معظم صواريخها ومنعها من الوصول الى اهدافها، بل آثرت تسديد ضربة "ذهبية" عبر صاروخ وجّهته الى داخل الكيان الإسرائيلي، احدث انفجارا هائلا لحقته انفجارات متتالية في محيط مدينة حيفا.
واقعة استهداف الصاروخ السوري ل"هدف " داخل اسرائيل لم تُعرف ماهيّته حتى اللحظة نظرا للتكتّم الإسرائيلي المطبق حوله، سوى زعم اعتراضه بواسطة القبّة الحديديّة، اعترف بها موقع "ديبكا" المقرّب من الاستخبارات الإسرائيليّة، نافيا اعتراضه من قبل قبّة اسرائيل، ومقرّا بأنّ الصاروخ السوريّ اصاب "هدفا" داخل الكيان-دون تحديده، وانه ارعب نحو 250 الف اسرائيلي في الخضيرة وزخرون يعقوب واور عقيفا وبنيامينا، حيث بقيت رائحة البارود منتشرة في الأجواء على مدى ساعات كثيرة بعد الحادث.
وفيما اكتفى خبير عسكري روسي بوصف "الهدف الإسرائيلي" الذي استهدفه الصاروخ السوري ب" هدف عسكري غير عادي"، كان لافتا اكتفاء دمشق بالرسالة النّارية التحذيرية التي وجّهتها صوب تل ابيب عبر هذا الاستهداف الأوّلي، ليتكفّل موقع "ديبكا" بالكشف عن تحذيرات روسيّة عالية النّبرة هذه المرّة نحو "اسرائيل" ردّا على غاراتها الأخيرة، وتفيد بأنّ سورية ستردّ من الآن وصاعدا، ب "هدف مقابل هدف"، أُلحقت بمعلومات صحافيّة روسيّة كشفت انّ الرئيس السوري أبلغ القيادة الرّوسية انّ دمشق اتّخذت قرارا حاسما مع حلفائها حيال كيفيّة ايلام تل ابيب في المرحلة القادمة.
المعلومات التي لفتت الى انّ موسكو كانت مرّرت تحذيرات "جدّية" منذ بضعة اسابيع، للضباط "الإسرائيليين" الذين اجتمعوا مع نظراء روس، بعدم استفزاز الدّفاعات الجوّية السوريّة مرّة اخرى، كشفت انه تمّ ابلاغهم الا يُسقطوا من حساباتهم ايّ مفاجآت صاروخية سوريّة – مخفيّة حتى الآن، كما عدم استبعاد مفاجأة "جويّة" في سماء البقاع اللبناني حيال المقاتلات "الإسرائيليّة"!
وإذ المحت الى سيناريو مضاد يتمّ تجهيزه على ضفّة طهران وحلفائها منذ قرار الرئيس ترامب سحب قوّاته من سورية، وزيارته المشبوهة الى قاعدة عين الأسد العراقية والحراك العسكري الأميركي المريب على الحدود السورية العراقية، نقلت المعلومات عن مصدر وصفته ب"البارز" في وزارة الدفاع الفرنسيّة، اشارتها الى زيارة علنيّة غير مسبوقة، ستقود شخصيّة فرنسيّة كبيرة الى دمشق للقاء الرئيس بشّار الأسد، بعد لقاءات امنيّة فرنسيّة مع نظراء سوريّين جرت خلف الكواليس في العاصمة السورية على مدار اكثر من ثلاث سنوات، كاشفة ايضا عن مصافحة "استثنائيّة" مُرتقبة تلمّ باريس بتفاصيلها، بين الرئيس السوري وشخصيّة خليجيّة رفيعة المستوى في قصرالمهاجرين، تستقطب اولويّة المشهد الإقليمي في بداية العام الجديد!