اشارت صحيفة "عكاظ" السعودية في مقال بعنوان "إعادة التفكير في القضية السورية"، الى أن الأحداث التي اندلعت في المنطقة عام 2011، كانت تنتهي في مصب واحد يتمثل في استبدال القوى الوطنية بأخرى ذات ولاءات خارجية. ولفتت الى أن تلك الأحداث العنيفة "بدأت بشرارة تنطلق في شوارع العواصم العربية، تندلع الفوضى، تتدخل جماعات وقوى وأموال خارجية وتقوم بتوجيه حالة الجريان القائمة إلى مصب واحد ينتهي باستبدال القوى الوطنية القائمة في تلك البلدان بقوى حزبية أيديولوجية ذات ولاءات خارجية". ورأت أن ثلاث دول لعبت أدورا محددة رئيسة في إذكاء تلك الأحداث، حيث ساعد "النظام القطري، وكيل ذلك المشروع في المنطقة، بالمال والإعلام سعيا منه ليكون اللاعب الكبير في المنطقة، بينما حملت تركيا مسؤولية التغطية الأيديولوجية للمشروع، وحملت إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما مسؤولية التغطية السياسية الدولية، انفجر الشارع العربي وتحققت انتصارات مؤقتة كان أسوأها ذلك الذي شهدته مصر حين حكمت جماعة الاخوان المسلمين".
ورأت الصحيفة السعودية ان "الأمور في المنطقة وصلت إلى وضع مأساوي للغاية وأصبحت الدولة الوطنية مهددة بالكامل في مصر وسوريا وليبيا، وكانت المسارات واضحة تعتمد في الغالب على جماعات الإسلام السياسي بوصفها الخيار القادم لتسلم السلطة في كل تلك البلدان". ووصفت هذا النهج بأنه "كان تفكيراً كارثيا للغاية، ولو تحقق لتحولت المنطقة إلى البقعة الأسوأ في العالم، خاصة وأن الدفع بجماعات الإسلام السياسي من شأنه أن يستلزم بناء نماذج تخدم ذلك المشروع وتقدمه بصفته الخيار الأنسب، ومن أبرز تلك النماذج تنظيم "داعش" في العراق والشام وما تبعه من ظهور مفاجئ وانتشار سريع في البلدان التي شهدت تلك الفوضى".
ورأت أن الوضع في سوريا كان يختلف "نوعا ما" عن دول عربية أخرى مثل ليبيا ومصر واليمن، وأرجع ذلك إلى أن حركات "الإسلام السياسي" في هذا البلد كانت "أقل قدرة على بناء كيانات قادرة على الاشتراك في تحقيق أهداف ذلك المشروع"، وذلك لأنها قمعت في فترة مبكرة. ولفتت الى إن السعودية أدركت خفايا هذا المشروع و"بادرت آنذاك في الاتصال بالقيادة السورية مع بداية الأحداث من أجل محاولة بناء تصور مختلف للتعامل مع الأحداث، إلا أن أخطاء كبرى ارتكبها النظام السوري أدت بعد ذلك إلى اتخاذ مواقف حادة منه"، قال إن أكبرها الاستعانة بالحرس الثوري الإيراني في إدارة الأزمة.
واشارت "عكاظ" السعودية الى إن إدارة أوباما، إضافة إلى النظامين التركي والقطري، لعبت "أدوارا ملتبسة ولم تلبث أنقرة أن أصبحت لديها أهدافها الخاصة في سوريا، ومثَّل "الجيش الحر" الذي اتخذ من تركيا مقرا له أبرز الأدوات التي تم استخدامها من قبل جميع الأطراف، مما أدى إلى انقسامه وتشرذمه، وبالتالي فقد فاعليته مبكرا وتسربت أسلحته إلى مختلف الجماعات والفصائل". واوضحت أنه "مع سعي دول الاستقرار والاعتدال في المنطقة إلى إعادة القاطرة الأمنية والاقتصادية للمنطقة نحو الاستقرار، ومع اللغة الجديدة والتوجهات المدنية التي تقودها الرياض وأبوظبي يمكن القول إن كثيرا من تلك الجهود، لكي تتحقق واقعا، لا بد من العمل على إنهاء الملف السوري باتجاه ما يحفظ الدولة السورية ويمثل بداية لإنقاذ ذلك البلد العربي العريق مما شهده طيلة الأعوام الماضية".
وختمت الصحيفة السعودية "سيتحرك الخاسرون في مؤامرة الثوات العربية لوصف كل تحرك عربي على انه انقاذ للنظام السوري وتخل عن دماء السوريين ونضالهم، وفي الواقع فإن هذه مجرد شعارات لا اساس لها لان من استرخص دماء السوريين هم من حولهم الى ورقة في لعبة مقامرة خاسرة".