يسدل العام 2018 ستارته على ما تبقّى من روزنامة أيامه، فيما الأزمة في لبنان مستفحلة وآخذة بالتمادي إلى مدى غير معلوم، لأنّ التعقيدات التي حالت حتى الآن دون تشكيل الحكومة الجديدة تتوالد من بعضها بعضاً، «لأنّ هناك من يريد تغيير التقاليد والأعراف» كما قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من بكركي يوم عيد الميلاد، ولا يبدو في الأفق المنظور أنّ الحلول قريبة لأنّ الأطراف كلها على مواقفها وعنادها ولا تتزحزح قيد أنملة عن شروطها ومطالبها…
وإذ تستمرّ الأزمة الحكومية، وتستمرّ معها بل تستفحل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المزمنة والمتراكمة، يتبيّن أنّ ما يعانيه لبنان يتخطى المقاعد أو الحقائب الوزارية التي يحصل عليها هذا الفريق أو ذاك، ليصل الأمر إلى حدّ الجزم بأنّنا أمام أزمة نظام رثّ مهترئ لم تعد كلّ عمليات الترميم والتجميل قادرة على إخفاء عوراته وعيوبه.
على أنّ الخروج من هذه الدوامة لا بدّ أن يكون بطريقة منظمة حتى لا يتحوّل مطلب تطوير نظامنا السياسي إلى عملية فوضوية، وحتى لا نهدم الموجود قبل التأكد من أنّ البديل أفضل وقادر على العمل من دون معوقات وعراقيل كالتي نواجهها اليوم.
والمشكلة الكبيرة في لبنان أنّنا لا نستطيع اعتماد شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، بل واقعنا الطائفي والمذهبي المزري يقول إنّ «بعض الشعب يريد إسقاط بعض النظام»… و«بعض آخر من الشعب يريد إسقاط بعض آخر من النظام»!
لذلك… لا بدّ من التأنّي والسير على مهل، خاصة أنّ دستورنا المعمول به حالياً يسمح لنا من داخله بأن نخطو خطوات مدروسة لمعالجة الخلل الحالي، وتحديداً من خلال المادة 95 التي تنص على إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية.
هذا هو بيت القصيد… إلغاء الطائفية، ومعها المذهبية طبعاً، فهي علة العلل وهي المسبّب الأول والأخير لمشاكلنا السياسية وتعقيدات قوانين الانتخاب وتشكيل الحكومات، ولا شكّ أنّ إلغاءها هو الحلّ الأمثل والأفضل.
ولكن ماذا نفعل من الآن إلى أن نتمكّن من تحقيق هذا الهدف المنشود والمرتجى…؟
لا مجال أمامنا إلا بذل أقصى الجهود لمنع انهيار الهيكل على رؤوسنا جميعاً، والخطوة الأولى هي بالخروج من أزمتنا الحالية، وذلك من خلال تمكين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من تنفيذ برنامجه التغييري والإصلاحي الذي يلبّي تطلعات المواطنين، وهذا يحتاج طبعاً إلى أن تكون الأداة التنفيذية الحكومة جاهزة في أسرع وقت ممكن ومستعدّة للعمل والإنتاج، بعيداً عن الحصص والمحاصصة، وذلك بعد أن يقتنع كلّ الأفرقاء السياسيين بتنحية مصالحهم الخاصة والضيقة والآنية وتغليب المصلحة العليا للبنان واللبنانيين.
وختاماً لا بدّ من القول إننا على ثقة تامة بعهد الرئيس عون وحكمته وقدرته على إيجاد المخارج من هذه الأزمة المستعصية ومن غيرها، وذلك من أجل بناء البلد وإعادة لحمته لما فيه خير جميع أبنائه… فهنيئاً لنا برئيسنا ودوره الرائد وكلّ عام وأنتم جميعاً ولبنان بألف خير.
أمين عام منبر الوحدة الوطنية