القى بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الارثوذكس المطران يوحنا العاشر اليازجي عظة لمناسبة رأس السنة الميلادية في الكاتدرائية المريمية في دمشق، مشيرا الى "أننا لقد تهنا كبشر في معاصي آثامنا فنقب السموات وحل بيننا. تمرمرنا بغربتنا فبلسم حياتنا بأسراره المقدسة. نهشنا الجوع فغذانا بقربانه ومرمرنا الظمأ فكواه بدمه الكريم إكسير حياة وتقديس. المجد له وهو الصامت الأكبر في لهاث التاريخ والهادر الأعتى في عباب حياتنا. المجد له وهو رب السلام الهاجع في مزود محبته والناظر من علياء صليبه الخليقة المفتدة".
ونوه إلى أن "العالم الأرثوذكسي يحوطه في هذه الأيام العديد من المخاطر التي قد تؤدي إلى مواجهات وصدامات في أكثر من مكان، مبتغاها زعزعة وحدة العالم الأرثوذكسي. وكنيستنا الأرثوذكسية الأنطاكية، هنا في الشرق، وفي سوريا ولبنان تحديدا، ليست خارج هذه الاعتبارات"، مؤكدا "أننا كمسيحيين مدعوون الى أن نقول كلمة الحق بالوفاق والتوافق، لا بالتنافر والارتهان، وأن روح الاستقلالية والتفرد هو أخطر ما يجري في الكنيسة. وأؤكِّد أيضا أننا كمسيحيين مشرقيين أرثوذكسيين أنطاكيين مدعوون الى ان نكون دوما روحا واحدة وجسدا واحدا وجسر تواصل بين الجميع".
وشدد يازجي على "أننا أبناء هذه الأرض التي لامست أقدام الرسل وعكست ومنذ ألفي عام صدى نشيد الملائكة مجدا لله في علاه وسلاما في أرضه ومسرة في الأنام. نصلي من أجل سوريا ووحدة تراب سوريا ونثق ونيقن أن السوريين قائمون من تحت رماد الأزمة ومتشبثون بقوة الحياة التي ستغلب كل أشكال الموت. لقد آن لإنسان هذا البلد أن يركن إلى سلام ربه ورحمة مولاه الإلهي"، جازما أنه "لقد آن لصوت السلام أن يغلب ضوضاء الحروب ولصوت الحكمة أن يغلب لغة المصالح".
ودعا كافة الجهات الدولية إلى "احترام المواثيق الدولية في الحفاظ على سيادة الدول وصيانة حدودها المعترف بها. يكفي سوريا حربا ويكفينا دماء طاهرة سالت على تراب الوطن لتحافظ على ساكنيه ومؤسساته. لقد دفع المسيحيون مع غيرهم من أبناء هذا البلد ثمن سيادة القرار والكرامة"، مضيفا: "صلاتنا من أجل لبنان واستقراره وأمنه. صلاتنا أن يديم الرب مراحمه على لبنان ويحفظه في البركة. ندعو جميع الأطراف إلى تغليب منطق الحوار وإكمال مسيرة العهد الرئاسي بالإسراع بتشكيل الحكومة منعا لأي تدهور اقتصادي ورأفة بالإنسان الذي يقاسي في سبيل لقمة العيش. وندعو إلى التمسك بكل ما من شأنه تمتين الوحدة الوطنية والحفاظ على الميثاقية الدستورية وضمان التمثيل الصحيح في الدولة وذلك تدعيما لمسيرة العهد الرئاسي في الحفاظ على دولة المواطنة والعيش الواحد بين كل الأطياف".
وتابع قائلا: "صلاتنا من دمشق من أجل فلسطين الجريحة ومن أجل كل أرض محتلة. صلاتنا من أجل مهد المسيح ومسراه إلى قلوبنا جميعا مسيحيين ومسلمين، صلاتنا من أجل القدس التي ستبقى عصية على كل مؤامرة وستبقى في وجداننا وكياننا، من كل الأديان، معراجا ومحجة إلى رحمانية الله. في القدس نفتقد ونتلمس، كما قال أسلافنا البطاركة، وجه الله. ووجه الله لن يغيب عن هذا الشرق. صلاتنا من أجل العراق ومن أجل كل بقعة من هذا الشرق ودعاؤنا نرفعه من أجل السلام في العالم أجمع. ولأبنائنا في الكرسي الأنطاكي في الوطن وبلاد الانتشار طيب السلام بالمسيح يسوع والبركة الرسولية من كنيسة الرسولين بطرس وبولس ومناجاة من القلب إلى القلب وصلاة حارة إلى الرب القدير أن يملأ حياتكم بحضوره وقلوبكم بمراحمه ويهبكم من معينه كل خير. والشكر للإعلام المرئي والمسموع ولصوت النعمة الذي نقل من دمشق صوت سلامنا سبحا لرب السموات وسكبه في المسامع والقلوب".