أَعلن رئيس الحُكومة الإِسرائيليَّة بنيامين نتانياهو، في آخر يومٍ من العام 2018، أَنَّه لن يَستقيل إِذا وُجِّه إِليه اتِّهامٌ في قضايا فسادٍ. غير أَنَّه كان اسْتَبق تَصْريحه هذا باستعراضٍ في اتِّجاه الحُدود مع لبنان، مثيرًا مَسْأَلة أَنْفاق "حزب الله" المُمْتدَّة إِلى الداخل الاسرائيلي، مُظْهرًا "حِرْصه" على حِماية كَيانه من "بُعْبُع حزب الله"، غَيْر أَنَّ وراء الأَكَمة ما وراءَها في مِلَفَّات فَساد نتانياهو... حتَّى أَنَّه يُحيد الأَنظار عَنْها ساعَة يَشاء، ويُوجِّهُها إِلى لُبْنان لامْتِصاص النَّقْمة الشَّعْبيَّة علَيْه... ولَكِن إِذا اسْتَقال نتانياهو أَوْ أُقيل بِسبب مِلفَّات الفَساد، فَمن هُمْ خُلفاؤُه؟.
وماذا إِذا كَبِرت كُرَة الثَّلج الَّتي كانَت بدَأَت في 2 آذار 2018، حين استجْوَبَته الشُّرْطة الإِسرائيليَّة، للمرَّة الأُوْلى في قضيَّة فَساد تَتعلَّق بِشركة "بيزك" أَكبر شركة اتِّصالات إِسرائيليَّة، ما طَرَح الكثير من التَّساؤُلات في الدَّاخل والخارج عن مُستقبل حُكومته؟.
وكانَت الشُّرطة أَوصت في 13 شباط 2018، بتَوْجيه الاتِّهام إِلى نتانياهو (69 عامًا)، والَّذي تولَّى رئاسة الحُكُومة 4 فترات بتلقِّي رشوةً في قضيَّتين. ومن ثَمَّ اسْتُجْوِب في تحقيقٍ ثالثٍ، في شَأْن ِالشركة المذكورة.
وبِحسب المُتَّبَع في اسرائيل، يَحقُّ للشُّرطة تَقْديم التَّوصيات بالاتِّهام فقط، إِلاَّ أَنَّ قرار الاتِّهام يَعود إِلى المُدَّعي العامِّ أَفيخاي ماندلبليت، لتَحْديد هَل سيُوجِّه اتِّهاماتٍ في عمليَّةٍ تَسْتغرق شُهورًا.
كما ولا تُرتِّب تَوْصيات الشُّرطة أَيَّ التزامٍ قانونيٍّ على نتانياهو بالاسْتقالة. لذا فَهو يُؤَكِّد مرارًا عزمه البَقاء في مَنْصِبه، فيما هو يَخوض "المَعْركة القانونِيَّة". وكذلك لم يُمارس شُرَكاء الائْتِلاف ضُغُوطًا تُذْكَر عليه كي يَتْرك منصبَه، لكنَّ ذلك قد يتغيَّر مع تَداول رِجال السِّياسةِ والرَّأي العام تفاصيل القضايا.
وكانَت ثمَّة تكهُّنات قَبْل نَشْر تَوْصيات الشُّرطة، بأَنَّ نتانياهو قد يَدعو إِلى إِجراء انْتِخاباتٍ مُبْكرةٍ، سَعْيًا إِلى نَيْل تَفْويضٍ عامٍّ، مِن شَأْنه أَنْ يَجْعل المُدَّعي العامَّ يُفَكِّر مرَّتَين قَبْل أَنْ يتحرَّك ضدَّه، على ما ذَكَرت وكالة "رويْترز".
الخُلَفاء المُحْتَمَلون
وتُشير اسْتِطْلاعاتُ الرَّأْي إِلى أَنَّ يائير لبيد، زعيمَ حزب "يش عتيد" (أَي هُناك مُسْتَقْبَل) المُعارِض، المُنتَمي إِلى "تيَّار الوَسَط"، هو أَقْوى مُرشَّحٍ لِخِلافة نتانياهو، إِذا أُجْبِر الأَخيرُ على الاسْتِقالة. لَكِنَّ مُرشَّحِين آخَرِين قَدْ يَدْخُلون السِّباق، ويُغيِّرون مَوازين القِوى.
وحتَّى داخل حزب "اللِّيكود"، يَسْعى عددٌ من أَعْضاء الحِزْب لِخلافةِ نتانياهو، بَيْنهم "وزير الأَمن العامِّ" جِلعاد إِردان، و"وزير المُخابَرات" إِسرائيل كاتس، و"وزير التَّعليم" السَّابِق جدعون ساعر. ولم يُبْدِ أَيٌّ مِنْهم مُؤَشِّراتٍ على أَنَّه يَعْتَزم تَغْيير سِياسات نتانياهو المُتَشَدِّدة.
وأَمَّا خارج الحزب فيَبْرز اسْما "وزير الدِّفاع" المستقيل أفيغدور ليبرمان، و"وزير التَّعليم" نفتالي بينيت كمُرشَّحَين مُحْتَمَلَيْن. ويقود الاثنان حزبَيْن مِن اليَمين المُتَطرِّف في ائْتِلاف نتانياهو الحاكِم.
وفي انْتِظار ما ستَؤُول إِلَيْه الأُمور، تَشْهد "تل أَبيب" من حينٍ إِلى آخَر، احْتِجاجاتٍ حاشِدَةً، بسبب فَساد حُكُومة نتانياهو. وتُشير اسْتِطْلاعاتُ الرَّأْي الأَخيرة إِلى أَنَّ نحو نِصْف الإِسرائيليِّين يُصدِّقون الشُّرطة أَكْثر مِن رئيس وزرائهم، ويعتقدون أَنَّ علَيْه أَنْ يَتَنحَّى.
الانْتِخاباتُ المُقْبِلة
وتُجْرى الانْتِخابات الإِسرائيليَّة المُقْبلة في تِشْرين الثَّاني 2019، على ما كان أَشارَ نتانياهو، في خطابٍ بَثَّتْه حينَها وسائِل الإِعلام العِبْرِيَّة...
غَيْر أَنَّه نتانياهو ليس الوحيد المُتَّهَم في قَضايا فسادٍ. فقد تَخلَّى رئيس "الائْتِلاف الحكوميِّ الإِسرائيليِّ" عن منصبه، بسبب تحقيقاتٍ في تُهَمٍ بالفساد. وأَعلن دافيد بيتان في 21 كانون الأَوَّل 2017، وهو عُضْوٌ في "الكِنيست"، تَخلِّيَه عن منصبه كرئيسٍ للائْتِلاف، حين كان يُواجِه التَّحقيقات المُوَسَّعة أَمام الشُّرطة، في اتِّهامات بالرَّشوة والاحتيال وغسيل الأَموال وخِيانة الأَمانة. وللحَديث صِلةٌ...