ذكرت صحيفة "لوبينيون" الفرنسية إن الوقت مناسب لطرح اقتراح "الجيش الأوروبي الموحد" للنقاش، خاصة أن الانتخابات الأوروبية المزمع إجراؤها في أيار القادم باتت وشيكة، وذلك في مقال تحليلي لفريق تحرير الشأن الدفاعي الأوروبي فريديريك مورو، وأوليفيي جيهان.
وأكدت الصحيفة التناقض بين استطلاع للرأي يظهر أن 80% من الفرنسيين مؤيدون لتكوين جيش أوروبي، وبين عاصفة من السخرية قوبلت بها تصريحات الرئيس الفرنسي ماكرون حول هذا المشروع في تشرين الماضي، ثم أعادتها المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، على مسامع البرلمان الأوروبي عندما طالبت بـ"صياغة رؤية تسمح بالوصول يوماً ما إلى تشكيل جيش أوروبي حقيقي يتكامل مع الحلف الأطلسي".
وقد ركز منتقدو الفكرة خاصة على إثبات عدم واقعيتها لسبب واحد، وهو- حسب الصحيفة- أنها "فكرة تثير الخوف مما قد يترتب على تنفيذها". وركز كاتبا المقال على أن فكرة جيش أوروبي تخيف الولايات المتحدة الأميركية، فبالنظر إلى المستوى الحالي من العلاقات بين طرفي الأطلسي يبدو واضحاً أن الولايات المتحدة لا تهتم بالدفاع عن أوروبا إلا بقدر ما يخدم مصالحها.
ويتابع الكاتبان ان "على الأوروبيين ألا يفزعوا لمجرد التفكير في احتمال أن يختفي الحلف الأطلسي، فرئيس على شاكلة دونالد ترامب لم يكن ليتردد للحظة قبل سحب عضوية بلده من الحلف إذا لم يكن مقتنعاً أن المصالح العائدة على بلده من الحلف أكثر بكثير من الخسارة، فهو لا يتحمل فكرة (أوروبا مستقلة عسكرياً)؛ لأنه يفضل مواجهة الأوروبيين متفرقين". ويذكر الكاتبان أن ما يميز أي جيش هو استراتيجيته، ثم يتساءلان: "في الحالة الأوروبية من سيقود هذا الجيش الأوروبي؟ من سيعطي الأوامر؟ من سيرسل الجنود ليقتلوا ويُقتلوا؟".
وتضيف الصحيفة، ان "الجيش الأوروبي لا يعني كتائب ألمانية-فرنسية منتشرة على امتداد القارة، ولا آلاف الجنود الذين يستعرضون بأزياء موحدة، الجيش الأوروبي إذا ما وجد يوماً فسيولد من رحم قدرة الأوروبيين مجتمعين، ومن دون أي تدخل خارجي في اتخاذ قرارات في الشأن الدفاعي ثم تنفيذها، المسألة هي سياسة أولاً وأخيراً"، بحسب ما يذكر المقال. وأوضحت الصحيفة أن إطار التعاون الدفاعي القائم حالياً بين 27 دولة أوروبية ذات سيادة كواجهة يخفي حقيقة أن الأوروبيين يقفون عاجزين عن الدفاع عن أنفسهم من دون الأميركيين أمام تزايد التهديدات المحيطة بأوروبا وأمام تضاؤل مصداقية حلف الأطلسي. مشيرا الى ان إذا كانت أوروبا تخشى من روسيا، والإنفاق العسكري للدول الأوروبية مجتمعة يمثل ثلاثة أضعاف الإنفاق الروسي العسكري، إذاً فالمشكلة تخص هيكلة النفقات الدفاعية أكثر من قيمتها"، وفق ما يخلص إليه الكاتبان.
وينتهي مورو وجيهان في مقالهما إلى أن دفاعاً أوروبياً موحداً وفعالاً يفترض أن يُعلم أوروبا كيف تخطط، وتنفق، وتبني، وتبحث، وتشتري، وتستعمل معاً قوتها العسكرية. ويختم الكاتبان بالتأكيد أن يجب أن تنتقل أوروبا من مرحلة التعاون العملياتي والصناعي إلى مرحلة التكامل العسكري التام. والجيش الأوروبي هو- بحسب الكاتبين- "رؤية على المدى البعيد تختار بين الحرية والتبعية"، ومن هنا تأتي أهمية أن تناقش الفكرة من المرشحين لعضوية البرلمان الأوروبي أمام جمهور ناخبيهم، كما يرى المقال.