إنّ التشبّه ببعض الدول الغربيّة عبر منح الأسماء لكل موجة شتاء وثلج قادمة الى لبنان، وتصويرها كأنّها عواصف وأعاصير ستقتلع الأخضر واليابس، بات مسلسلاً سنوياً لا جدوى منه سوى إلهاء المواطن وبثّ الدعاية التعطيليّة، والبحث عن ذرائع لرفع المسؤولية.
إنّ لبنان على عكس دول عدّة يمتاز بفصوله الأربعة، وفصل الشتاء يعني الأمطار والرياح والثلوج.
هذا من حيث المبدأ يعتبر أمرا طبيعيا، أمّا غير الطبيعي فهو أن يصاب فصل الشتاء بحالة تصحّر وشحّ في المياه وغياب تساقط الثلوج، كما كان متخوفا على بعض القارات ومنها دول البحر الأبيض المتوسط.
الإستثناء اللبناني الأكبر، في بلد يقع خطّه في جغرافيا تنعم عليه بفصل بارد، فهو أن تكون البنى التحتيّة والمدارس والجامعات وقصور العدل والمباني الرسميّة كافة غير مؤهّلة بعد، ورغم مرور العقود والأزمنة، لاستقبال فصل الرياح والأمطار والثلوج.
سيول، فيضان المجاري، انهيار جدران دعم، مستنقعات تغرق الطرقات، طوفان أنفاق، انزلاق زفت الطرقات، انقطاع الكهرباء، قطع مياه الشفة... كلّ هذا ليس بمفهوم الطبيعة وبحسب درجة قوّة اضطراب الغلاف الجوّي الحاصل، سببه عاصفة، وليس بمفهوم القانون قوّة قاهرة. إنّه الإهمال بعينه والفساد بعينه والفشل بعينه والكفر بعينه الذي ورثناه من بعض إدارات تحكّمت بالبلد ولم تحكمه.
الأمطار والثلوج نعمة إلهيّة. شعوب القِدَم كانت ترفع الذبائح والصلوات لهطولها، أمّا اليوم فتحولت الى نقمة وأزمة، أليس تشويه نِعَم الخالق الكفر بعينه؟!.
كيف يستفيد لبنان من ثرواته الطبيعية المنتجة طاقات بديلة ومتجددة كافية لتأمين قطاعات عدّة ومنها الكهرباء؟ الشمس والمياه والرياح والأنهار والمدّ والجزر والأرض طاقات تذهب في لبنان سدى...
تبعاً لما تقدّم ، نتوقّف فيما يلي عند الآتي:
إنّ العواصف بأنواعها البحريّة والرمليّة والرعديّة والثلجيّة والأعاصير كما الزلازل معلومٌ أنها بدرجات متفاوتة من القوّة والخطورة والامتداد الجغرافي والزمني.
مطلوب اليوم من المعنيين في لبنان كما من الحكومة العتيدة، أن يضعوا على جدول أعمالهم وللضرورة القصوى، وجوب القيام بدراسات هندسيّة ميدانية-علمية جديدة وحديثة (علما ان الدراسات القديمة لم تنفذ جميعها)، وذلك بالتعاون مع شركات هندسيّة عالميّة متخصّصة بعلوم التحوّلات الطبيعيّة والهندسة المدنيّة المرتبطة بها، فتكون هذه الدراسات الأساس لإصلاحات وورش إنماء شاملة لكل الاراضي اللبنانية.
بدءا مما يلي:
١- تقرير مفصَّل عن الواقع الحالي للبنى التحتيّة اللبنانيّة في مختلف المحافظات ومدى قابليّتها لتحمّل درجات العواصف بأشكالها كافّة.
٢-وضع تخطيطات هندسيّة حديثة متوافقة مع علوم الطبيعة، ترسم آلية ومنهجيّة صيانة وتطوير واقع البنى التحتيّة في لبنان.
من غير المقبول أن تبقى حياة الإنسان في لبنان عرضة لمزاجيّة وزير هنا أو هناك في إقفال المدارس أو فتح طرقات أو بناء حائط هنا وإغفال دعم هناك.
من غير المقبول أن نحيا مع كل شتاء عاصفة تقاذف تهم بين وزارة أشغال وبلدية ومجلس إنماء وإعمار ومحافظ وصاحب معمل من هنا وهناك.
من غير المقبول ان تكون العواصف استنسابيّة، تقفل المدارس هنا وتفتح هناك وتترك الجامعات في مهبّ الريح و كذلك المحاكم... هل ضربت فعلا العاصفة لبنان؟ أم أن في لبنان دائما "صيف وشتاء" تحت سقف واحد؟!.
حدّدوا المعايير... الفوضى تفرغ كل شيء من مضمونه كما فرغت مؤسساتنا من أدوارها.