منذ الثامن عشر من كانون الأول الفائت، لم يقصد محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر مكتبه في مدينة الشمس، أما السبب فتهديد جديد تلقاه، مصدره عدد من مطلوبي عشيرة آل جعفر. تهديد دفع قائد منطقة البقاع في قوى الأمن الداخلي الى إرسال برقية مفصّلة عنه الى المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان والى شعبتي الخدمة والعمليات والمعلومات، وفي البرقية عينها التي حصلت الـ"النشرة" على صورتها، تحدّث قائد منطقة البقاع عن "معلومات حول وجود نيّات مبيّتة لدى عدد من المطلوبين من آل جعفر بإستهداف المحافظ خضر، إنتقاماً لمقتل ثلاثة أشخاص من آل جعفر أثناء المداهمة التي قام بها الجيش اللبناني بتاريخ ٣٠ تشرين الثاني ٢٠١٨، كونهم يعتبرون المحافظ المحرّض على توقيف المطلوبين".
هو ليس التهديد الأول الذي يتلقّاه خضر وسبق له أن إنقطع عن التواجد بمكتبه لفترة طويلة بعد مداهمة الحمّودية التي قتل فيها المطلوب علي زيد إسماعيل، حتى أنه اضطرّ في تلك المرحلة الى الإنتقال أحياناً الى مكتبه لتوقيع معاملات المواطنين بمؤازرة قوّة مواكبة من الجيش اللبناني وتؤمن له الحماية المطلوبة.
ولأنّ مطلوبين من آل جعفر نفّذوا بعد عمليّة الشراونة الأمنيّة التي قتل فيها ثلاثة منهم كميناً أدّى الى إستشهاد العسكري في الجيش اللبناني رؤوف يزبك، يطرح السؤال، لماذا الإصرار على الإنتقام من المحافظ خضر؟ الجواب، بحسب المصادر المتابعة هو أن مطلوبي آل جعفر يعتبرون خضر صيداً ثميناً وموجعاً للدولة اللبنانيّة وأجهزتها، ويرون أنّ المشكلة ليست مع أيّ عسكري من الجيش اللبناني يمكن أن يسقط برصاصة أطلقت من قبلهم. مشكلتهم الأساسيّة مع خضر، هي أنه لطالما كان من أكثر المطالبين بخطة أمنية في بعلبك-الهرمل، ولطالما تمنّى على المطلوبين الإستسلام. أضف الى ذلك فإصرارهم على قتله، ينبع من منطلق كسر هيبة الدولة الذي باتوا يعتبرونه أكثر من ضروري بعد الخسارات القويّة التي لحقت بهم وبالمطلوبين من عشائر أخرى، بسبب العمليّات النوعية التي ينفّذها الجيش اللبناني، وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي. مشكلتهم مع خضر أيضاً أنه لا يطالب بالعفو العام الذي حكي فيه قبل الإنتخابات النيابيّة الأخيرة بأشهر قليلة، وطويت صفحته ويبدو الى غير رجعة بعد الإنتخابات.
بناء على ما تقدم سلسلة أسئلة تطرح، أولّها، هل نحن في جمهورية أم لا؟ وهل بعلبك–الهرمل تنمتي الى اليها أم أنها خارجة عنها بسبب المطلوبين؟ من بإمكانه حماية خضر ووضع حدّ لهذه المسألة الفضيحة؟ ولماذا لم يتمّ اللجوء الى هذه الحماية منذ البداية كي يبقى المحافظ في مكتبه؟ أسئلة من الصعب جداً الحصول على إجابات عنها في زمن العواصف السياسيّة والحكوميّة والثلجيّة، وفي زمن يتخبط فيه المسؤولون بفضائح هشاشة البنى التحتية وفيضاناتها!.