شدّد رئيس المجلس الوطني للإعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، على أنّ "العلاقات بين لبنان وسوريا هي أعمق بكثير من أن تكون مربوطة بسفارتين في بيروت ودمشق. فإضافة إلى الإنتماء إلى العروبة واللغة ووشائج القربى، هناك التاريخ المشترك بمقاومة الإستعمار الفرنسي وقبله "التتريك" وطمس الهوية القومية".
ولفت في بيان، إلى أنّ "لبنان وسوريا ينتميان إلى "الهلال الخصيب" و"بلاد الشام"، ولا يمكن عزل الحاضر عن الماضي ولا كتابة المستقبل بوقائع مفبركة و"تاريخ زائف"، منوّهًا إلى أنّ "في المعلومات، انّ الرئيس السوري بشار الأسد كان قد خيَّر الرئيس اللبناني الأسبق ميشال سليمان بين نوعين من العلاقات الدبلوماسية. أي على لبنان أن يختار بين علاقات ندّية وبين علاقات مميزة"، موضحًا أنّ "لكلّ نوع من العلاقات ميزاته وتداعياته على الصعد الدبلوماسية والإقتصادية والإجتماعية والسياسية كافّة".
وركّز محفوظ على أنّ "قبل سنوات معدودة، خرج منظّر المحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأميركية ريتشارد بيرل بنظرية مفادها أنّ من يضع يده على بغداد يتحكّم بـ"الهلال الخصيب" باتجاه تفكيكه وإعادة تشكيله استنادًا للمصالح الأميركية المتمثّلة في المنطقة بأمرَين اثنين النفط وأمن إسرائيل"، مشيرًا إلى أنّ "هكذا كان التوجه الغربي والأميركي، هو الضغط على سوريا الحلقة الأساسية في بلدان "الهلال الخصيب" بعد أن أصبحت القوات العسكرية الأميركية المنتشرة في العراق على حدودها".
وبيّن أنّ "المطلوب من الأسد كان التخلّي عن المقاومتين اللبنانية والفلسطينية وعن الربط بين البعدين الوطني والقومي وكسر العلاقة مع إيران. ورفض الأسد الضغوط فكانت الحرب الكونية على سوريا وإطلاق يد التطرف الديني واحتضان الفكر التكفيري وحصار اقتصادي وسياسي ومالي أمبركي وأوروبي وخليجي"، مؤكّدًا أنّ "سوريا الآن هي في موقع قوّة. ردعت الحرب الكونية عليها، هزمت مشروع تفتيت "الهلال الخصيب"، هزمت المشروع التكفيري، وحمت ظهر الخليج العربي من كوارث مشروع الشرق الأوسط الكبير الّذي لا يستثني دوله الغنية بالنفط والغاز".
ونوّه إلى أنّه "أيًّا يكن الأمر، فتحصين العلاقة اللبنانية- السورية هو في تعميق التواصل بين مؤسسات المجتمع المدني اللبنانية والسورية وتحديدًا في مجالات الثقافة والاجتماع وفي المناطق والبلدات الّتي تتداخل فيها الحدود والديموغرافيا، وحتّى المدارس المشتركة والأساتذة الّذين يعبّرون الحدود"، منوّهًا إلى أنّ "هناك آلاف العائلات اللبنانية الّتي تعمل في الزراعة في المناطق الحدودية المتاخمة للهرمل والقاع والقصر، والّتي لم تصل إليها لا الكهرباء ولا مياه الشفة ولا قنوات الري اللبنانية والّتي تعتمد كليًّا على البنى التحتية السورية، خصوصًا وأنّ صلة الدولة اللبنانية بالأطراف والأرياف ضعفت كثيرًا مع اندلاع الحرب الأهلية في العام 1975".
ورأى محفوظ أنّ "لا بدّ من مراجعة العلاقات اللبنانية - السورية في الفترة السابقة على الخروج العسكري السوري من لبنان وعلى ما بعده. كان هناك أخطاء مشتركة ساهم فيها الجانبان اللبناني والسوري على السواء، وهي أخطاء يمكن تداركها بالتركيز على ما يجمع وليس على ما هو سبب للخلاف، على قاعدة أنّ لبنان يقوى بسوريا وسوريا تقوى بلبنان، وفي سياق احترام خصوصية كلّ من البلدين سواء في نظامه السياسي أم في توجهه الاقتصادي وسيادته الوطنية".
وأكّد أنّ "سوريا هي بوابة لبنان على العالم العربي، ومصلحة لبنان أن يكون المستفيد الأوّل من إعادة إعمار سوريا. هكذا تقتضي المصلحة اللبنانية قبل السوية بالخروج من أسر المواقف الغربية وغير الغربية باتخاذ القرار الحكيم والمستقل بتغليب "المشترك" بين لبنان وسوريا على ما عداه"، لافتًا إلى أنّ "العالم العربي بدوله المختلفة عائد إلى سوريا، وكان ينبغي على لبنان أن يكون طليعته".