تقاطعت معلومات عدّة مفادها انّ الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان من خلال بناء الجدار الفاصل على حدود متنازع عليها في الخط الازرق المرسوم من قبل الامم المتحدة، كادت ان تؤدّي الى تصعيد للتوتر مع الجيش اللبناني الذي كان ينتظر قراراً سياسياً بالاشتباك في حال استمرّت الاعتداءات دون محاسبة او تدخلات دبلوماسيّة لاعادة الامور الى ما كانت عليه قبل مباشرة الاسرائيليين بالعمل.
وتفيد المعلومات انّه على الرغم من عدم قدرة الجيش اللبناني على مواجهة الاسرائيليين عسكرياً، الا انه كان على استعداد للاشتباك معهم، وانه كان ينتظر تلقّي الاوامر من قائده الذي كان في اجتماع المجلس الاعلى للدفاع حيث تمّ بحث الموضوع بدقّة وبالتفصيل، وتمّ درس الخطوات بتمعّن كي لا تتخذ قرارات من شأنها دفع لبنان والمنطقة الى حدود يصعب معها العودة الى الوراء. ومن المعلوم انه في حال حصول أيّ اشتباك عسكري على الحدود، كانت الامور ستتطور الى الاسوأ قبل ان تعمد الدول الكبرى وفي مقدمها روسيا والولايات المتحدة الى التدخل للجم الوضع، ومنع لاعبين آخرين دوليين من الدخول على الخط.
وتضيف المعلومات ان اجتماع المجلس الاعلى الذي تطرق الى مسألة ترسيم الحدود البرية والبحريّة، فشل في الحصول على توافق سياسي شامل على موضوع الترسيم بفعل تمسّك الاطراف بمواقفها السابقة التي كانت اعلنت عنها عند التخطيط لاستقدام مناقصات الشركات الدوليّة لاستكشاف والتنقيب عن النفط، حيث كان خلاف حول البدء بالترسيم البري او البحري. وتردّد ان زيارات المسؤولين الاميركيين من دبلوماسيين وعسكريين، كانت تتطرق الى هذا الموضوع، وتستطرد في الكلام عن الانفاق التي تم اكتشافها وخطورتها على الاستقرار، وانه يجب استيعاب المواقف الاسرائيليّة التي اتت "مقبولة" وفق ما وصفوه، بالنسبة الى حجم المشكلة وخطورتها، معتبرين ان الضغوط الاميركية حالت دون تدهور الاوضاع والتسبب بمشكلة على الحدود كان من شأنها جرّ المنطقة الى مصائب وويلات جديدة على الجميع دون استثناء.
ويبدو ان المسألة باتت تحت السيطرة ولا خوف من حصول تصعيد بشأنها، لكنها اعادت فتح الباب على وضع "الفيتو" على تسليح الجيش اللبناني بالاسلحة والعتاد اللازمين، مخافة استعماله ضد اسرائيل ولو من اجل الحفاظ على سيادة الاراضي اللبنانيّة في حال حصول أي اعتداء او هجوم. وقد اقلق استعداد الجيش للاشتباك مع الاسرائيليين رغم تواضع امكاناته، المسؤولين الاسرائيليين والاميركيين على حد سواء، لانّ الاول يعلمون ان ضعف تسليحه سيؤدّي الى ضمّ "حزب الله" اليه في العمليّات العسكريّة، وسيصبحان قوة لا يستهان بها على الارض يمكنها التعويض عن النقص بالسلاح من خلال الخبرة المكتسبة في المخيّمات وفي سوريا، وقدرات الحزب بنوعيّة الاسلحة التي يملكها والتي تصلح للاشتباك القريب والبعيد على حدّ سواء.
اما القلق الاميركي فيكمن في ان تُستعمل الاسلحة التي يتم تزويد الجيش بها، ضدّ الاسرائيليين، الامر الذي من شأنه تأليب الداخل الاميركي على ادارة الرئيس الحالي دونالد ترامب وتراجع شعبيته بفعل الضغوط التي سيمارسها "اللوبي الاسرائيلي" في واشنطن وغيرها من الولايات من اجل تغيير النظرة الخارجية الى الجيش البناني واعتباره شريكاً للحزب في كل شيء، رغم ان الواقع مغاير تماماً ولكن التجارب خلال العقود الماضية اثبتت ان هذا اللوبي بمقدوره قلب الحقائق وجعل "الابيض يتغيّر الى الاسود" بجهد كبير يُبذل في كافة دول العالم انطلاقاً من اميركا نفسها.
كل المؤشّرات الحاليّة تفيد بأنّ الاجواء عادت الى الهدوء، وان التدخّلات الدبلوماسيّة فعلت فعلها، خصوصاً وان احداً لا يرغب بالحرب، ان كان من جهة لبنان او من جهة اسرائيل، كما ان موسكو وواشنطن لا ترغبان حتماً في تذوّق مرارة تداعيات مثل هذه الحرب على دول المنطقة وتأثيرها السلبي على نفوذهما حيث سيتطلب الامر سنوات طويلة للعودة الى النقطة الحالية.