مع بدء العام الجديد ارتفعت وتيرة الهجوم الإسرائيلي على سوريا فكانت الهجمة الاخيرة الأقسى منذ أيار الماضي، الامر الذي دقّ ناقوس الخطر من إمكانية تدحرج الضربات العسكريّة الى حربٍ اقليمية تدخل فيها ثلاث دول بشكل أساسي، لبنان، سوريا واسرائيل.
لا يخرج حديث رئيس مجلس النواب نبيه بري عن هذا السياق، اذ يرى "أن التصعيد الذي يقوم به العدو الإسرائيلي يوجِب اليقظة والحذر، خصوصاً ما يقوم به حول الجدار على الحدود، اضافة الى الاعتداءات المتتالية على سوريا، مشيرا الى ان "ما يجري ليس اعتداء عادياً بل هناك الحديث عن حرب إقليمية".
لا ينبع تخوف رئيس المجلس من حرب إقليمية من فراغ، بل من وقائع متعددة منها ما هو ظاهر كالاعتداءات الإسرائيلية على سوريا وبناء الجدار على الحدود الجنوبيّة في لبنان، ومنها ما هو مخفيّ حول معاناة اسرائيل الداخليّة، من خلال زيادة الضغط على رئيس حكومتها بنيامين نتانياهو واضطراره لإجراء انتخابات مبكرة في الربيع المقبل، وخارجيا، بعد نجاح المحور المعادي له من الانتصار في سوريا ولو أن تظهير الانتصار لا يزال بحاجة الى بعض الوقت.
في هذا الإطار تكشف مصادر قياديّة في فريق 8 آذار أن الإسرائيلي فقد كل أوراق القوة التي كانت بحوزته في المعركة السوريّة، لذلك فهو يعمل على محاولة تحقيق ولو بعض الانجازات عبر تكثيف الضربات على ما يقول أنها مواقع إيرانيّة.
وترى المصادر أن ما يجري في المنطقة لا يتعلّق فقط بحزب الله ولبنان، بل بقرار أميركي بإنهاء النزاع الحاصل في الشرق الأوسط وفق معادلة "إنجاح صفقة القرن"، فالرئيس الأميركي دونالد ترامب وضع نصب عينيه أن ينهي ولايته محقّقا وعوده لإسرائيل بحل أزمتها مع محيطها وإحلال ما يُسمى بالسلام مع تل أبيب، لافتا الى أن الخطر شبه الوحيد على اسرائيل اليوم هو المتمثّل بإيران وحزب الله، وبالتالي الحلّ لإنهاء هذا الصراع يكون بالقضاء على هذين الطرفين حيث يشكلان خطراً وجودياً لإسرائيل، وهذه العملية قد تحمل وجهاً إقتصادياً وهو ما بدأت به أميركا بالفعل، أو قد تحمل وجهاً عسكرياً. فهل تندلع فعلاً الحرب في المنطقة؟
إسرائيلياً، وبحسب المصادر نفسها فقد برز مؤخراً حدثان عسكريّان أساسيّان، إذا فصلنا الجانب السياسي، وهما موضوع الأنفاق على الحدود مع لبنان وبناء الجدار الفاصل، وموضوع نشر المزيد من أجهزة القبّة الحديديّة في عدد من المستوطنات الإسرائيليّة، وهذا الأمر ما كان ليحصل لو لم يكن هناك ما يُحضّر للمنطقة، بالإضافة إلى ذلك، زادت وتيرة الطلعات الاستكشافيّة الاسرائيليّة في الأجواء اللبنانيّة وسجّلت أرقاماً قياسيّة في الفترة الأخيرة، كما أنّ الضربات على سوريا باتت شبه طبيعيّة، الامر الذي يزيد التوتّر ويرفع نسبة التوقّع باندلاع حرب أو جولة عسكريّة معيّنة.
اما لبنانياً، يترقب حزب الله التحركات الإسرائيليّة على الحدود، محاولاً مواجهة تلك الحرب الإعلاميّة بحرب نفسيّة على الداخل الإسرائيلي، أبرز عناصرها كان غياب الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله عن المنابر لمدّة طويلة ما جعل الإسرائيلي في حيرة من أمره. لذا، لا يمكن وضع هذه التحرّكات الإسرائيليّة على حدود لبنان الجنوبي بخانة العبثيّة، بل هي ضمن مخطط واضح وهو تأمين إسرائيل لظهرها تحضيراً للقيام بعمل أمنيّ عسكريّ في الداخل اللبناني، يُرجّح أن يكون عمليّة اغتيال ما.
سوريًّا، لا تتوقع المصادر توقّف اسرائيل عن شن الضربات، لا سيما في الفترة المقبلة التي تسبق الانتخابات الاسرائيلّية في شهر آذار، ولكن لا يجب عليها أن تطمئن بأن ضرباتها ستبقى دون ردّ، خصوصا اذا ما تمّ رفع وتيرة الهجمات. وتضيف المصادر: "لم يعد الجيش السوري ضعيفا في سلاح الدفاع الجوّي، وما أظهره من إمكانات في إسقاط الصواريخ ليس كل ما يملك، اذ تمّ العمل على تزويده بمزيد من الأسلحة المتطوّرة، وبالتالي سيستمر نسق إسقاط الصواريخ، دون أن يعني ذلك أن قيادة المحور لا تدرس إمكانية الردّ على العدوان بضربات محدودة".
الجميع يجهّز العتاد والعديد بانتظار لحظة الصفر القادمة لا محال، إلا في حال تراجعت الولايات المتّحدة عن رغبتها بمواجهة دور حزب الله وايران في المنطقة.