باشرت المحكمة العسكرية برئاسة العميد الركن حسين عبدالله، محاكمة علنية للمقدّم في قوى الأمن الداخلي سوزان الحاج حبيش والمقرصن الموقوف إيلي غبش، المتّهم باختلاق جرم التعامل مع إسرائيل للممثّل المسرحي زياد عيتاني، وتقديم دليل الكتروني وهمي ومفبرك، فيما تتهم الحاج بأنها قبلت عرض غبش اختلاق جرم التعامل للممثل عيتاني انتقاما منه.
وقد مثلت المقدم الحاج ببزّتها العسكرية الرسمية وحضر معها وكلاؤها المحامون: النقيب رشيد درباس، مارك حبيقة وزياد حبيش، فيما أحضر المتّهم غبش مخفوراً من دون قيد وحضر وكيله المحامي أنطوان دويهي.
بعد تلاوة خلاصة القرار الإتهامي، شرعت المحكمة في استجواب غبش، الّذي أوضح "أنّه بدأ حياته جنديًّا في الجيش اللبناني في القوات البحرية بين عامي 2010 و2013، من ثمّ ترك الجيش وسافر إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث خضع لدورة مكثّفة على صيانة المعدّات الإلكترونية، والمعلومات المتعلّقة بـ(GBS) وأجهزة الرادار. بعدها، عاد إلى لبنان وفتح محلًّا للصيانة الإلكترونية، قبل أن يجري توقيفه في عام 2015 لدى أحد الأجهزة الأمنية بجرم قرصنة الموقع الإلكتروني لمصرف "سوسيتيه جنرال"، انتقامًا للجريمة الّتي ارتكبها طارق يتيم وذهب ضحيتها جورج الريف، وبعدما علم أنّ يتيم يعمل لدى صاحب المصرف المذكور".
وأوضح غبش "أنّه خلال خضوعه للتحقيق في مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، شاهد المقدّم الحاج، وكانت برتبة رائد، عندما كانت تتحدّث مع أحد عناصر مكتبها الّذي أبلغها باستحالة أن يتمكّن جهاز كومبيوتر واحد من إطفاء أكثر من موقع الكتروني، فأثبت لهما العكس، وقام بإطفاء خمسة مواقع إسرائيلية مرّة واحدة".
ولفت إلى أنّ "بعد خروجي من السجن الّذي استمرّ نحو أربعين يوما، اتّصلت بي المقدم الحاج وعرضت علي العمل معها في المكتب مقابل راتب شهري، وبالفعل بدأت العمل بصفتي "هاكر"، وكنت أقرصن مواقع تابعة للعدو الإسرائيلي أو حسابات خاصّة بمجموعات إرهابية وعناصر من تنظيم "داعش""، كاشفًا أنّ "في إحدى المرّات، طلبت منّي قرصنة موقع إخباري لبناني دأب على كتابة مقالات فيه ضدّ مكتب مكافحة جرائم المعلوماتية، واتهامه بتوقيف أصحاب الرأي الحر. وبعد سبعة أشهر تركت مكتب المعلوماتية وانتقلت للعمل في شركة كومبيوتر براتب مرتفع، وعندها انقطع الاتصال بيني وبين الحاج نهائيًّا".
وفي معرض جلسة الاستجواب الّتي أدراها رئيس المحكمة حسين عبدالله، الّذي أمر بعرض المراسلات والتسجيلات على شاشة كبيرة وضعت في القاعة، بيّن غبش "أنّه تلقّى رسالة نصية من الحاج بداية شهر نيسان 2016، بعد أيام من إقالتها من منصبها كرئيسة لمكتب المعلوماتية، وجرى الحديث عن قرصنة مواقع لوزارات وإدارات للقول إنّ إقالة المقدم الحاج خلق فراغًا أدّى إلى مهاجمة المواقع العائدة للوزارات".
وأكّد "أنّني استطعت اختراق 12 موقعًا للوزارات في يوم واحد، وأنا قبلت القيام بهذه المهمّة لأنّ المقدم الحاج لها فضل عليّ، لأنّها وظفّتني في مكتبها"، مشيرًا إلى أنّ خلال اختراق مواقع لوزارات "كنت أمرّر معلومات تفيد بأنّ وزير الداخلية نهاد المشنوق يمرّر مطالب غير قانونية لطائفته".
وأعلن أنّ "خلال زيارته الحاج في منزلها في أدما، طلبت منه جمع معلومات عن زياد عيتاني المقرّب من الوزير أشرف ريفي وعن الصحافي رضوان مرتضى، والتثبّت ممّا إذا كانت لديهما مخالفات لتسليط الضوء عليها في الاعلام"، منوّهًا إلى أنّ "بناء على ذلك، فتح حسابات وهمية باسميهما لمراقبة من يتفاعل معهما من تجار المخدرات أو الإسرائيليين بإشارات إعجاب مثلًا، وأرسلت ذات مرّة صورهما لعنصرين من أمن الدولة هما ايلي برقاشي وجبران ميسي، وسألتهما عمّا إذا كانت لديهما معلومات عن تعاملهما مع الإسرائيليين، فأبلغاني أنّ هناك شبهات حول زياد عيتاني، لكن لم تتوافر أدلة على تورطه بذلك، عندها أخبرت المقدم سوزان الحاج بالأمر"، وهنا وقع التناقض في أقوال غبش، حيث أوضح مرة أنها قالت له أوجد لهم الأدلة، ومرات يقول "طلبت مني أن أبحث عن أدلة".
وقد ركّز العميد عبدالله أسئلته مطوّلًا على هذه النقطة لكونها محورية وتحدّد مسار القضية، فما كان من وكيل غبش إلّا أن اعترض على ما أسماه ممارسة الضغط على موكله، فأجابه رئيس المحكمة بحزم: "أنا من يدير الجلسة، ولست أنت من يعطيني تعليمات كيف أتصرّف، نحن لا نضغط على المتهم، بل نطلب منه أن يقول الحقيقة كما هي لأنّنا نريد العدالة في هذه القضية".
وتوجّه عبدالله إلى غبش، قائلًا: "لديك اعترافات في محاضر التحقيقات الأولية، دعك منها، نحن الآن نبحث عن الحقيقة، هناك فرق كبير بين أن تقول إنّ سوزان الحاج طلبت منك أن تركب وتفبرك ملفًا لزياد عيتاني وبين أن تطلب منك البحث عن أدلة". فأجاب غبش: "كان الهدف أن نبحث عن دليل أو شبهة ليأتي زياد عيتاني إلى التحقيق "وياكل كفّين ويتبهدل شوي" وينتهي الأمر عند هذا الحد"، ثم عاد وأشار الى أنه استفسر من أمن الدولة عن شبهات حول زياد عيتاني ولم يسأل عن رضوان مرتضى.
واعترف غبش بأنه عند فتح حساب لزياد عيتاني عبر "فايسبوك" و"تويتر"، بدأ يرسل له رسائل، لكن الأخير لم يفتح أيًّا منها ولم يقرأها، ولم يجب عن أي منها، وقال: "كان الهدف خلق شبهات حوله لجره الى التحقيق لا أن يجري التعاطي معه كعميل اسرائيلي، لكن الأمور تدحرجت ووصلت الى ما وصلت اليه".
وعند هذا الحدّ، قرّر رئيس المحكمة إرجاء الجلسة الى يوم الخميس في السابع من شباط المقبل، لمتابعة استجواب غبش ومباشرة استجواب سوزان الحاج.