منذ ان أعلنت وزارة الإقتصاد الحرب على ارتفاع أسعار اشتراك المولدات الكهربائيّة والفرض على أصحابها تركيب عدادات، إختلف المشهد كثيراً فحين طلب الالتزام بمسألة العدادات كونها توفّر على المواطن، لم يكن يُدرك الناس كمية الأرباح التي كان يجنيها هؤلاء سابقا، إلا بعد أن بدأوا يدفعون على أساس العدّاد، خصوصاً أنه في أوقات سابقة كان يصل ثمن الخمسة أمبير الى ما بين ثمانين ومئة دولار شهرياً أما اليوم فلم تعد تتخطّى الفاتورة الخمسين ألف ليرة.
جرت العادة في لبنان أن تطلق معركة في قضيّة ما ولكن دون أن تصل الى خواتيمها أو الى الهدف الذي وضعت من أجله. في قضيّة المولدات الكهربائيّة تدرّج الموضوع من التنبيه فتسطير محاضر ضبط فمصادرة مولّدات، وهذه المسألة أزعجت أصحاب "الموتورات" لأن الغرامات التي تدفع ليست بسيطة. وهنا تشير ليندا مرعب أن "تركيب العدّاد في منزلها ساعدها على تخفيض التعرفة الى أكثر من النصف، ففي أوقات سابقة كنا ندفع ثمن 10 أمبير أكثر من 200 ألف ليرة، أما اليوم فلا تتعدّى تعرفة ما نستهلكه الـ80 ألف ليرة وهو إنجاز بالنسبة لنا"، أما سينتيا راشد فتشير الى أن "صاحب المولد لم يقم بتركيب العدّاد بعد ولا يزال يتقاضى على اساس التعرفة القديمة"، لافتةً الى أن "أحداً لم يقم بسؤالهم إذا ما أرادوا تركيب عداد".
الحملة طالت مختلف المناطق
وبين هذا وذاك تسير قضية المولدات على السكّة الصحيحة، وفي هذا الاطار يشرح وزير الاقتصاد رائد خوري عبر "النشرة" أننا "تدرّجنا في موضوع المولّدات الكهربائية من إصدار القرار الى تسطير محاضر ضبط فإستدعاء أمن الدولة للمخالفين فمصادرة المولّد"، مضيفاً: "قالوا لنا إننا لن نجرؤ على توقيف الا بعض المخالفين فسطرنا محاضر ضبط في الضاحية وصيدا والهرمل وبعلبك وكل المناطق، لأن القانون يجب أن يسري على الجميع".
شكاوى عبر وسائل التواصل
يشير رائد خوري الى أننا "طلبنا من المواطنين تقديم شكوى في حال حصول أيّ مخالفة، وكل الوسائل متاحة لذلك حتى إننا وصلنا لحدّ متابعة الشكوى إذا تقدّمت عبر وسائل التواصل الاجتماعي على حسابي الخاص أو حساب الوزارة"، مشيرا الى أن "قسما من أصحاب المولدات وبعد أن شعروا بالخطر قاموا بتركيب العدادات، والناس في نفس الوقت وبعد أن أصبحوا يدفعون كلفة أقل إنتفضوا وبدأوا يتفاعلون مع الموضوع ويقدمون الشكاوى، وهذه المسألة ساعدتنا كثيرا مع وجود وعي لدى الناس، الذي لطالما اعتقدت أن أصحاب المولّدات "مافيا" لا أحد يطالها"، مشيرا في نفس الوقت الى أنه "في موضوع تواطؤ البلديات مع بعض هؤلاء، فإننا طالبنا وزارة الداخليّة بالتحرّك وهي أرسلت كتابا الى حوالي 25 بلدية تطالبهم فيها بالتقيّد بالقانون"، مؤكدا أنه "في حال لم يلتزم هؤلاء فإنّها ستحيلهم حكمًا الى الهيئة العليا للتأديب". هنا تشرح مصادر مطّلعة أنه "وفي حال لم يلتزم صاحب المولّد بتركيب العدّاد فإن من حق وزارة الداخلية أن تستدعيه للتحقيق وبعدها ترسل التحقيق الى الهيئة العليا للتأديب لمحاكمته".
نائب شمالي يتوسّط
مؤخراً أخذ موضوع المولّدات الكهربائية مساراً جديداً بعد توقيف جوزيف البشعلاني، وهو أحد أصحاب المولدات الكهربائيّة على خلفيّة المخالفات التي قام بها. هنا شدّدت مصادر مطلعة على أن "نائبا مارونيًّا من الشمال يتدخّل بقوّة من أجل إطلاقه". أما رائد خوري فيلفت الى أن " الغطاء السياسي الذي يحمي المخالفين لم يعد موجوداً، وقد درسنا كيف يمكن أن يأخذ هذا الموضوع مساراً جديداً عبر اللجوء الى حماية المستهلك، فبات يسطّر محضر الضبط ويصدر الحكم فيه قضائياً بعد يومين، والغرامة تتراوح بين خمسة ملايين الى عشرين مليون ليرة للمخالفة الواحدة، وفي حال وجود مخالفة كبرى فإن العقوبة قد تصل الى السجن في حال التأكد من وجود جرم".
إذاً، وضعت قضيّة المولّدات الكهربائية على السكّة الصحيحة و"المافيا" التي حكمت هذا القطاع منذ سنوات وجمعت ثروات لم تعد تملك السلطة نفسها لإخضاع المواطن أو وضعه تحت رحمتها، فهل ستسعى الدولة لتجديد معامل الكهرباء لديها للتخلّص من مافيات أصحاب المولّدات الكهربائيّة بشكلٍ نهائيّ؟!.