لفت راعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر، خلال ترؤسه قداسًا في الذكرى الـ17 لمقتل الوزير والنائب السابق إيلي حبيقة ورفاقه فارس سويدان وديمتري عجرم ووليد زين، في كنيسة مارت تقلا - الحازمية، إلى "أنّنا ما زلنا مصدومين بهذا الاغتيال الرهيب، الّذي جاء تعبيرًا عند مقترفيه عن اعتمادهم القوة المادية وفرض الآراء بالغصب دون أي انفتاح على التلاقي والعيش الإنساني السموح".
وشدّد على أنّ "حبيقة كان صورة عن جيل كامل دخل أتون الحرب أو أدخل فيه بواقع الظروف القاهرة. وهو حاول أن يخرج من هذا النفق المظلم إلى نور الحياة وأن يجد لهذا الأمر سبيلًا، لكن المحيط الّذي كان الجو العام لم يكن بعد قد وَصل إلى زمن السلم المنشود، والقلوب كانت تخفق للنفور من الآخر أكثر منها لقبوله وللعيش معه في جو من المحبة والرضى".
ونوّه مطر إلى أنّه "لئن كنّا في لبنان قد تخطّينا اليوم، زمن العنف القاتل والحرب البغيضة بين الأخوة وبين أهل الوطن الواحد والدين الواحد، إلّا أنّنا ما زلنا تحت تأثير منطقة محيطة وقعت في مثل هذه الشرور ولما تنهض بعد إلى نعمة السلام والخير العميم".
وركّز على أنّ "من أجل لبنان ومن أجل المنطقة كلّها، ندعو إلى مزيد من الحوارات المعمّقة لا بين المسيحيين والمسلمين وحسب، بل أيضًا بين المسلمين والمسلمين كما بين المسيحيين والمسيحيين، وحيثما تدعو الحاجة إلى ذلك"، موضحًا أنّ "ما يصيبنا من رفض للآخر أو خوف منه وكره له، إنّما هو وليد أزمة حضارية متأتّية من الابتعاد عن الرسالات الأصيلة للديانات أو من استعمال خاطئ وتفسيرات خاطئة للدين بما يدغدغ المشاعر الآنية ليس إلّا".
ودعا إلى "القيام بما نستطيع القيام به من اعتماد روح الأخوة والعيش بظلّها. وإن بقيت بعض الأمور عصية على تفسيرنا البشري فإنّ الله قد وعد بأن يحلها لنا في يوم القيامة"، مشيرًا إلى "أنّنا لا نرى لبنان شاة بيضاء في قطيع أسود، ولا يجب أن يراه أحد وكأنّه شاة سوداء في قطيع أبيض. بل نريده جميعًا في خدمة إخوانه العرب حضاريًّا، وبخاصّة في ما يتعلّق بالمواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وبالحرية المرتقية إلى حرية الرأي والضمير، دون نظر إلى الطائفة والمذهب لأي من أبناء هذه البقعة من العالم".