أطل الأمين العام لحزب اللـه السيد حسن نصر اللـه في مقابلة مباشرة عبر شاشة قناة الميادين سمي «بحوار العام» بإدارة رئيس مجلس إدارة القناة الأستاذ غسان بن جدو الذي أشار إلى أن هذا الحوار جرى وهو الرقم 19 في العام 2019.
إذا تجاوزنا كشف أكاذيب العدو الإسرائيلي التي جهد في بثها والشائعات التي روجها حول صحة سيد المقاومة نستطيع القول إن إطلالة نصر اللـه كانت أبعد من مقابلة تلفزيونية وأبعد من حوار العام، إنها الإستراتيجية الواضحة التي رسمت معالم قواعد الاشتباك مع العدو الإسرائيلي والتي يمكن البناء عليها للمرحلة المقبلة برؤية واضحة.
بادئ ذي بدء أراد نصر اللـه توقيت الظهور وإجراء الحوار للقول إنه لا يتكلم إلا بالتوقيت الذي يختاره هو بنفسه وليس حسب توقيت العدو، من هنا يُفهم أن إجراء الحوار أو الكلام هو كلام هادف وبعبارة أخرى هو عبارة عن رسائل موجهة بدقة متناهية لكل من يعنيه الأمر وفي مقدمهم العدو الإسرائيلي الذي بدوره يترقب ويفسر مفاعيل كل جمله أو كلمه يتفوه بها سيد المقاومة.
كسر نصر اللـه صمته الذي ترافق وموضوع الكشف عن الأنفاق في جنوب لبنان حيث أظهر في حديثه أن ما أثير حول موضوع الأنفاق تم تضخيمه وأُعطي أكبر من حجمه إسرائيلياً والهدف كان التغطية على وهن الجبهة الداخلية الإسرائيلية وصرف هذا الوهم بالعملية الانتخابية المرتقبة في إسرائيل «لأنهم حمقى» وأيضاً لتسجيل انتصار زائف يسجل في خانة رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو الذي وصفه بالكاذب والذليل والمخادع الذي يريد زيادة رصيده ولو كان على حساب دماء الإسرائيليين أنفسهم بعد أن كان يعمد إلى ذلك بدمائنا.
ختم نصر اللـه كلامه عن موضوع الأنفاق بالتأكيد أن المقاومة «جعبتها مليئة» وأنها إذا ما قررت الدخول إلى الجليل فإنها لن تكون بحاجة للأنفاق التي مضى عليها أكثر من 13 عاماً، وأكد أن زمن خوض الحرب على الحدود اللبنانية المشتركة مع فلسطين المحتلة بينما سكان تل أبيب يشربون الشاي في المقاهي قد ولّى.
في موضوع امتلاك المقاومة صواريخ دقيقة أفاض نصر اللـه في شرحه حيث قال: إن المقاومة باتت تمتلك ما تحتاجه من صواريخ بالغة الدقة وذلك لاستعمالها في أي مواجهة قادمة مع العدو الإسرائيلي ولم نعد بحاجة لنقل المزيد منها من سورية لأن ما في جعبتنا كاف وواف.
وأضاف: إن الغارات الإسرائيلية على سورية لن تؤثر ولن تمنعنا من نقل ما نحتاج إليه من صواريخ وعتاد، وعن احتمالات خطأ التقدير الإسرائيلي في جنوب لبنان أو سورية أفاد أن العدو الإسرائيلي لن يقدم على مثل هذا الخطأ في لبنان كما أنه توقع أن يخطئ العدو الإسرائيلي في سورية وليس في لبنان.
ختم نصر الله كلامه لهذا المحور بالقول: نعم هنا أريد توجيه رسالة واضحة لنتنياهو: إن دمشق ومحور المقاومة سيردان على اعتداءات «إسرائيل» وعلى نتنياهو ألا يخطئ التقدير.
أفاض نصر اللـه في شرحه تعقيدات الوضع في الشمال السوري وتشابك مصالح الدول مشيراً إلى الدور التركي السيئ والمرتبك حول وضع الكرد الموالين لأميركا والمدعومين سعودياً وإماراتياً، مركزاً كلامه على العرض الذي قدمه الأميركي للجانب السوري عبر الحليف الروسي القاضي بالانسحاب وبتسليم المنطقة في شرق الفرات شرط انسحاب إيران من سورية، الأمر الذي تم رفضه رفضاً قاطعاً من الجانب السوري.
أميركا إلى أين؟ تسليط نصر اللـه الضوء على الدور الأميركي المتوقع مستقبلاً مؤكداً على نية الجانب الأميركي الانسحاب المتدرج من المنطقة وحتى من أفغانستان خلال العام الحالي كان بمنزلة رسالة واضحة لحلفاء أميركا وأيضاً لخصوم الداخل اللبناني، مؤكداً خسارة المراهنين على أميركا وأن أميركا لن تخوض حروباً جديدة نيابة عن أحد وهذا ما يصيب حلفاء أميركا بالإحباط.
في موضوع عودة العرب إلى سورية جاء تأكيد سيد المقاومة على انتصار سورية وفشل كل من إسرائيل والسعودية والإمارات ودول في الخليج التي راهنت على إسقاطها وتوصل تلك الدول الخليجية إلى قناعة راسخة مفادها أن الخطر الأول هو خطر النفوذ التركي القادم إليهم وليس النفوذ الإيراني المساعد، وهذا ما دفع بعض العرب إلى الإقدام على هجمة فتح السفارات في سورية والانفتاح عليها لمواجهة المد التركي المتصاعد، وهذا الأمر هو اعتراف واضح بالهزيمة. وأضاف قائلا: نعم سورية انتصرت نعم سورية عائدة إلى لعب دور مهم في المنطقة وعائدة إلى علاقاتها الطبيعية مع الدول العربية وبكرامتها العزيزة وبقوة.
ورداً على سؤال عن المواجهة مع العدو الإسرائيلي وإذا ما كان عدم الرد على الضربات الإسرائيلية الأخيرة ناتج عن عدم قدرة عسكرية أم إن عدم الرد هو قرار سياسي، أجاب نصر اللـه أن عدم الرد ليس بالعجز العسكري أبداً وباستطاعتنا الرد في أي مكان وزمان ولكن قرار الرد هو قرار سياسي وأيضاً هو قرار ترتيب الأولويات، والأولويات التي يمكن أن تتغير في أي لحظة، وعندما أقول باستطاعتنا الرد لأنني أتكلم باسم المقاومة ومحورها وهذا يعني دمشق ومحور المقاومة وختم سيد المقاومة هذا الجانب بالقول: نعم نحن في محور المقاومة صرنا بوضع نستطيع معه القول إن كل خياراتنا وضعت على الطاولة ومفتوحة بعقل وحكمة وشجاعة.
نقول إن كلام نصر الله هو فصل الكلام وفي حواره رسائل وفي رسائله قول واضح وحين يوضح يعني أنه قرر وحين يقرر يرتعد العدو.