لفت "اللقاء التشاوري لملتقى الأديان والثقافات للتنمية والحوار والمنسقية العامة لشبكة الأمان للسلم الأهلي"، إلى أنّ "اللبنانيين يعيشون حالة من التفاؤل بعد ما أشاعته قيادات سياسية وازنة عن إفراج قريب للتشكيلة الحكومية، وإن كان هذا التفاؤل يحمل قدرًا من الحذر بعد التجارب السابقة الّتي تجرّعوا مرارتها حين اصطدموا بخيبات أمل متتالية، جراء ثقتهم بما تقوله قياداتهم الّتي لم تكن بمستوى الآمال المعقودة عليهم، وهم الّذين منحوهم كلّ الثقة والولاء لإنقاذ الوطن في الإنتخابات النيابية الأخيرة".
وركّز خلال اجتماعهم الشهري في كلية المقاصد بدعوة من "جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية"، على "أنّنا اليوم لا يسعنا إلّا أن نكون متفائلين بعدما استنفدت المناورات الحزبية والطائفية والسياسية مداها، واستهلكت ألوان التعبئة المذهبية أغراضها، وتفاقمت الأزمة السياسية إلى أزمة وطن ودولة تهدّد مصير البلد"، مبيّنًا أنّ "ما يعزّز هذا التفاؤل أنّ العقبات القائمة أمام التشكيل ليست بالشائكة أو المعقّدة، ولا تستحق أن تستغرق هذا المدى من الزمن الّذي عطّل حياة اللبنانيين وزاد من المنغصات والآلام الّتي أعاقت السبيل إلى العيش الكريم".
وشدّد على أنّ "مطالب اللبنانيين محدودة بعدما شهدوا بأمّ العين وأيضًا بشهادة العديد من القادة السياسيين عجز الحكم الفاضح عن إنتاج مستقبل أفضل للبنان، وأصبح جلّ غايتهم إخراج لبنان من هاوية البؤس والتلوّث والفساد واليأس، وهي هاوية لا قعر لها"، مشيرًا إلى أنّ "الآمال بتحقيق ازدهار للبلد بات رهانًا عقيمًا لوجود طبقة سياسية تحوم حول أغلب أفرادها شبهات الاستئثار أو الفساد أو الفئوية. ولا تراه ينجي من ذلك إلّا يقظة ضمير أو العودة إلى العقل بإجراء الحسابات الدقيقة للمصالح بعيدًا عن حالات الجموح والجشع الّتي لا تزال تتعمّق في النفوس، بما يعطّل فعاليّة الضمير ويشل آليات العقل".
ووجد اللقاء أنّ "الأزمة الحقيقية تتعدّى أزمة تشكيل الحكومة إلى أزمة أعمق، تتّصل بذهنية الاستئثار وانعدام الثقة والمخاوف المتبادلة"، مشدّدَين على "ضرورة أن تجتمع المرجعيات والقيادات والقوى السياسية الفاعلة في لقاء مكاشفة ومصارحة، وذلك تحت سقف دستور الطائف، لمراجعة التجربة السياسية المؤلمة الّتي عاشها اللبنانيون خلال السنوات الأخيرة، والعمل على البدء بمسار جديد يبدأ بمحاربة الفساد، وبتعاون الجميع على إخراج البلد من انهيار قريب، ويتحرّك ليعيد حالة الثقة بين الشعب وقياداته، ويخرجنا من وضعية التربص المتبادل بين القوى السياسية والطوائف والمذاهب الّتي تهدّد السلم الأهلي، إلى استعادة الثقة والطمأنينة في ما بينها".
وأعرب عن خشيته، أن "لا يكون الفرق كبيرًا بين ولادة الحكومة وعدمها، لجهة النهوض بالبلد، وإخراجه من أزماته الكبيرة بدءًا من وضعه الاقتصادي الخطير، وتصليب موقفه من التهديدات والعدوانية الإسرائيلية، وتحصين مناعته من ارتداد أزمات المنطقة المتفاعلة على أوضاعنا الداخلية، إضافة إلى ما تتعرض له القضية الفلسطينية من من مشاريع للتصفية".
ونوّه إلى أنّ "في هذا المجال، لا بدّ لمثل هذا اللقاء أن يكون بعيدًا عن لغة المجاملة والمداهنة الّتي تتقنها الجهات اللبنانية في خطابها السياسي، فتعيد النظر في الذهنية السائدة التي باتت تمثل البيئة المؤاتية لولادة المشكلات والأزمات، والتفكير بعقلانية في اختيار الأسلوب الأفضل في التعامل مع القضايا الخلافية الشّائكة فيما يتعلّق بالنزوح السوري أو العلاقة مع سوريا، أو أسلوب مواجهة الخطر الصهيوني، ومعالجة هواجس الطوائف والمذاهب والقوى السياسية من بعضها البعض، للوصول إلى صيغةٍ واضحة وشفافة، لإدارة الحكم والعلاقات بين القوى السياسية ليس فيها مستأثِر ولا مستأثَر به، ولا غالب أو مغلوب، وهو ما لا يمكن أن ننجح في الوصول إليها إلا بصفاء النوايا وتوفر الرغبة والإرادة لبناء دولة تتطلع إلى أن تكون وحدها هي الضامنة لحقوق الطوائف والمواطنين".