أشار مصدر في الرئاسة الفرنسية لـ"الحياة" إلى أن "رئيس الحكومة سعد الحريري كان اتصل بالرئيس ماكرون خلال تواجد الأخير في مصر بداية الأسبوع الماضي لإبلاغه ان الحكومة قد تم تشكيلها وستعلن يوم الخميس"، معتبرا أنه "لفتة لائقة من الحريري كون ماكرون وفرنسا منذ انتخابات لبنان التشريعية كانت حاضرة من أجل حث الأطراف اللبنانية، بشكل ودي ومن دون تدخل، على أنه من المهم جدا أن يتم تشكيل الحكومة، على أن تكون حكومة متوازنة تحترم سياسة النأي بالنفس والحياد بالنسبة للصراع السوري".
ولفت المصدر الى أن "باريس ضاعفت الجهود لحث الأطراف اللبنانية كلما اقتربت الحكومة من التشكيل مثلما حصل في كانون الاول الماضي، عندما اتصل ماكرون بالرئيس ميشال عون وبالحريري، وبقيت باريس على الاتصالات مع فريقي الرئيسين عون والحريري وأيضا رئيس مجلس النواب نبيه بري لهذا الغرض"، مشيرا الى أن "قصر الإيليزيه كان أعرب عن رغبة الرئيس ماكرون بالقيام بزيارة الى لبنان في نهاية شباط الجاري، وتم تأجيل هذه الزيارة بسبب أحداث فرنسا الداخلية وأيضا لأنها لا يمكن أن تحصل من دون وجود حكومة في لبنان والآن وقد تم تشكيل الحكومة سترسل فرنسا مبعوثاً الى لبنان في سرعة إما من الرئاسة أو وزير الخارجية أو أحد أعضاء الحكومة للترحيب بسرعة بالحكومة الجديدة"، مضيفا: "أما بالنسبة إلى زيارة الرئيس ماكرون فمن المؤكد ان تشكيل الحكومة في لبنان يجعل الرئاسة تطرح السؤال مجددا اذا كان بإمكان ماكرون أن يزور لبنان"، مشددا على أنه "حتى هذه اللحظة الزيارة تم تأجيلها وليس هناك موعد جديد لها ولكن لا يمنع التساؤل لما لا يحدد؟".
وبالنسبة إلى زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي السفير الأميريكي ديفيد ساترفيلد الى باريس هذا الأسبوع ومحادثاته مع المسوؤلين الفرنسيين في الرئاسة والخارجية حول لبنان، شدد المصدر على إن "ساترفيلد أبلغ الفرنسيين أن سياسة بلاده إزاء لبنان قد تطورت بطلب من وزير الخارجية مايك بومبيو وإن اهتمامهم الأول هو إيران الممثل بـ"حزب الله" في لبنان"، منبها "الجانب الأميركي باريس إلى أن الإدارة الاميركية "ستضاعف الضغوط على "حزب الله".
وحين سأل المسوؤلون الفرنسيون الجانب الأميركي كيف تكون هذه الضغوط، كان الرد أنه لن تكون هناك ضغوط على المسؤولين على المستوى السياسي الذين يعملون مع "حزب الله"، لأن لا معنى لذلك". ورأى المصدر الفرنسي أن "هذا التقييم الأميريكي أصبح في النهاية مثل التقييم الفرنسي، أي التمييز بين المستوى العسكري والمستوى السياسي. فالإدارة الاميركية مدركة في راي المصدر أن هناك حوار سياسي بين حزب الله والشركاء في الحكم".
في المقابل أكد الأميركيون للجانب الفرنسي أنهم "سيعززون الضغوط على المستوى الاقتصادي"، مضيفا: "وقد حذرهم الجانب الفرنسي من ذلك لان الوضع في لبنان بالغ الصعوبة لأن ما يمكّن لبنان من الصمود، هو استقرار المصرف المركزي ولذا ينبغي الا تقوم الادارة الاميركية بأعمال تهدد هذا الاستقرا".
وسألت "الحياة" المصدر عما يفهمه من الجانب الاميركي حين يقول إن موقفه إزاء لبنان تطور فأكد بأن "الجانب الاميركي اكتفى بالقول إن موقفه تطور لجهة أنه يعزز الضغط على "حزب الله" ولم يطلب الجانب الاميركي من باريس أي شيء محدد، لكن الجانب الفرنسي سأل الأميركيين اذا كانوا سيستمرون في التعاون مع الجيش اللبناني وفي مساعدته، وعن مؤتمر "سيدر"، فأكد الجانب الأميركي أن التعاون مستمر مع الجيش وعبر "سيدر"، مشيرا الى إن "باريس تسعى الى العمل مع السعودية ودولة الإمارات من أجل عدم التخلي عن التعاون عبر "سيدر" وعبر مؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني، حيث التزمت الإمارات بمبلغ مئتي مليون دولار أميركي للجيش وهذا مهم"، ومعتبرا إن "الموقف الاميركي مزدوج فمن جانب هو حازم إزاء "حزب الله" ومن جانب آخر لا يعلّق التعاون والدعم للجيش اللبناني".
وعن الرسائل الاسرائيلية الى لبنان عبر فرنسا أكد المصدر إن "لا جديد فعندما زار الرئيس الإسرائيلي ريفلين باريس والتقى ماكرون تحدث عن أنفاق "حزب الله"، وأظهر صوراً، وقال إن اسرائيل ستتدخل لتدمير هذه الأنفاق على الاراضي الاسرائيلية"، مشيرا الى إن "الاسرائيليين لا يخططون لعمليات على الأراضي اللبنانية حسب معلومات باريس علما أن اسرائيل تقيم ضجة حول الموضوع لمناسبة الانتخابات".
الى ذلك أكد المصدر الفرنسي إن "الادارة الاميركية ستلتقي مجددا المسوؤلين اللبنانيين للسعي إلى العودة إلى المفاوضات حول ترسيم الحدود على الخط الازرق"، مضيفا: " كان رئيس البرلمان نبيه بري أصر على مفاوضات تضم الخطين البحري والبري معا وأكد ساترفيلد أنه بعد تشكيل الحكومة ستعود الإدارة الأميركية إلى دفع هذه المفاوضات للتوصل الى نتيجة".
وقال المصدر عن سياسة النأي بالنفس إزاء الوضع في سوريا إن "الحريري أبلغ الفرنسيين أنها خط أحمر بالنسبة إليه، وأن غالبية الوزراء عموما، قد يلتزمون الناي بالنفس إزاء سوريا على الأقل من تعرفهم باريس، وأنه كان من المهم لباريس أن تؤكد حرصها على التذكير بالنأي بالنفس، وهذا يعني أن يلتزم وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل بهذا الحياد وألا يستعجل في زيارة دمشق"، مذكرا أن "المسوؤلين في باريس سيناقشون مع باسيل هذه المواضيع عندما يزورها الأسبوع المقبل للقاء وزير الخارجية جان إيف لودريان".