أكد الكاتب والمحلل السياسي المحامي جوزيف أبو فاضل أنّ الحكومة الجديدة تشبه كل شيء إلا حكومة غنج، مشيراً إلى أنّ لا مهلة سماح لها لتدرس ملفاتها، مشدّداً على عدم جواز أن يتأخر أيّ من مكوّنات هذه الحكومة عن القيام بواجباته، بعد تأخير تشكيلها لحوالي تسعة أشهر.
وفي حديث إلى تلفزيون "LBCI" ضمن برنامج "نهاركم سعيد" أداره الإعلامي مالك الشريف، هو الأول له بعد غياب عن الشاشة لأكثر من شهر، لفت أبو فاضل إلى أنّه لا يرى أنّ تشكيل الحكومة هو إنجاز باعتبار أنّه واجب على السلطة السياسية، مستبعداً في الوقت نفسه إمكانية محاسبتها كونها تتمتع بغطاء قوي، باعتبار أنّها نسخة عن مجلس النواب.
واعتبر أبو فاضل أنّ التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي هو الكتلة الأكبر داخل الحكومة، لكن بطبيعة الحال ليست حكومة الحكم، مشيراً إلى أنّ جميع الفرقاء يشاركون فيها، من حلفاء وخصوم التيار، مشدّداً على أنّ هذه الحكومة لا تمثل فريق رئيس الجمهورية فقط، بل تمثل المجتمع اللبناني بمختلف مكوّناته.
الحكومة ليست مثالية
ورداً على سؤال، أكد أبو فاضل أنّ رئيس الجمهورية ميشال عون لم يكن ليوقّع مراسيم تشكيل الحكومة لو لم يكن راضياً عليها، لكنّه رأى أنّها ليست حكومة مثالية بل هي حكومة عادية جداً، وستعصف بها بعض المشاكل لأنّ لكلّ من وزرائها رأيه، لافتاً في هذا الإطار إلى الآراء المتناقضة لأفرقاء الحكومة، والتي برزت قبل وبعد تشكيلها.
وشدّد أبو فاضل على أنّ هذه الحكومة تشبه بكل شيء الحكومات السابقة، لكن لا وقت لديها لتتغنج، ويجب أن تعمل سريعاً، مشيراً إلى أنّ مسؤولية هذه الحكومة أولاً حقوق الناس وأموال الناس ورقاب الناس.
علامة إيجابية فارقة
وأشاد أبو فاضل بتسمية الوزيرة ريا الحسن وزيرة للداخلية لتكون أول وزيرة داخلية في العالم العربي، مؤكداً أنّها تتمتّع بالكفاءة، معتبراً أنّ تعيينها رسالة كبيرة لمجتمع الرئيس سعد الحريري بداية، كما أنّ تعيينها أحدث صدمة إيجابية، واصفاً إياها بأنّها علامة إيجابية فارقة في حكومة لبنان. وأشار إلى أنّ وزارة الداخلية وزارة متعبة وتحتاج إلى ملاحقة مستمرّة، معرباً عن اعتقاده بأنّ الوزيرة الحسن ستنجح في مهمّتها كما نجحت في وزارة المال التي عُيّنت فيها في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة سابقاً.
وأثنى أبو فاضل على توزير أربع نساء في الحكومة، معتبراً أنّه كان يجب أن تتألف الحكومة من 15 امرأة. ولفت إلى أنّ وزيرة الطاقة ندى البستاني أسّست فريق عملها منذ تسعة أشهر، وهو حاضر وجاهز بإشراف الوزير جبران باسيل وبمعرفته ورعايته، مشيراً إلى أنّها لديها مشاريع، وهي ستستكمل ما بدأ به الوزير سيزار أبي خليل، على صعيد السدود والكهرباء.
لتنقل جلسات الحكومة عبر الشاشات
ودعا أبو فاضل إلى نقل جلسات مجلس الوزراء عبر شاشات التلفاز كي نعرف من يعطل عمل الحكومة، لأنّ البلد لا يحمل المزيد من التعطيل في ظلّ الأوضاع الصعبة، والمديونية التي بدأت منذ أيام الطائف والحكومات المتعاقبة منذ أيام الرئيس رفيق الحريري. وقال إنه لولا شخص اسمه رياض سلامة (حاكم مصرف لبنان) كان البلد اخترب، مثنياً على أداء الأخير الذي جمّد الليرة.
ورداً على سؤال، رفض أبو فاضل اعتبار اسم الوزيرة مي شدياق مستفزاً، مشيراً في الوقت نفسه إلى أنّه يجب على الأخيرة أن تتحلى بتوصيف معيّن هو تدوير الزوايا، لافتاً إلى أنّها تمثل فريق القوات اللبنانية، الذي يشارك في الحكومة بأربع وزارات، معرباً عن اعتقاده بأنّها ستدوّر الزوايا في الملفات التكتيكية وليس الاستراتيجية، لأن لا مصلحة لها بالدخول في صراعات مع باقي الوزراء.
المصالحة الدرزية أفضل من الخلاف
وجدّد أبو فاضل موقفه الرافض لمنح الجنسية لأولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من أجنبي، معتبراً أنّ هناك قوانين تمنع هذا الأمر، ومشدّداً على عدم القدرة على تغيير ديموغرافية البلد تحت هذا الشعار. ولفت إلى أنّ أيّ مشاريع من هذا النوع ستُواجَه بحزم وصلابة، مؤكداً أنّه ضدّ إعطاء الجنسية لأيّ شخص أياً كان السبب، لافتاً إلى أنّ الأمر نفسه ينطبق على النساء في سوريا ومصر والأردن، حيث لا تستطيع المرأة منح الجنسية لأبنائها إذا تزوّجت من أجنبي.
ورداً على سؤال آخر، أعرب أبو فاضل عن اعتقاده بأنّ ما كان يحصل في الحكومات السابقة سيتكرر في هذه الحكومة، وتوقف عند الخلاف الدرزي الدرزي، داعياً رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال أرسلان إلى الحفاظ على خطابهما الهادئ، مشدّداً على وجوب أن لا يخسرا في السلم ما لم يخسراه في الحرب. وأعرب عن اعتقاده بأنّ المختارة لا تزال بيضة القبان وصاحبة الثقل لدى الدروز، معتبراً أنّ الاتفاق الدرزي الدرزي يفيد الدروز أكثر ممّا يضرّهم، وبالتالي فإنّ المصالحة الدرزية أفضل من الخلاف.
عون عرّاب العلاقة مع سوريا
واعتبر أبو فاضل رداً على سؤال، أنّ حزب الله نفذ وعده بتمثيل اللقاء التشاوري السنّي في الحكومة، لافتاً إلى أنّ الخيار النهائي كان بين الوزير حسن مراد والمرشح عثمان مجذوب. لكنّه استبعد أن يستمرّ اللقاء التشاوري في المرحلة المقبلة لغياب الجوهر الذي يجمعهم، سوى حزب الله وأمينه العام السيد حسن نصر الله، وقوة حزب الله. وشدّد على أنّه لا يوجد خاسرون في هذه الحكومة، إلا أنّ الرابح الأكبر هو التيار الوطني الحر وتكتل لبنان القوي، وكذلك ما كان يُعرف بفريق 8 آذار.
وأشار أبو فاضل إلى أنّ التحدي المقبل هو العلاقة مع سوريا، لافتاً إلى أنّ الرئيس عون سيكون عرّاب هذه العلاقة بشكل ظاهر. ولم يستبعد أن يزور وزير الخارجية جبران باسيل سوريا قريباً جداً وربما خلال الساعات المقبلة، معتبراً أنّ الظروف اليوم باتت مختلفة عن الماضي، مذكّراً بما حصل على هامش القمة الاقتصادية من كباش بين الوزير باسيل والوزير معين المرعبي، وإعلان الرئيس سعد الحريري وقوفه إلى جانب باسيل، موضحاً أنّه عندما يكون هناك مفاوضات بين السعودية وسوريا، فإنّ ظروف العلاقة مع سوريا تصبح مختلفة.
حزب الله انتصر وحقق ما يريد
وأكد أبو فاضل أنّ ما حُكي عن صيغة الثلاث عشرات في الحكومة غير دقيق ولا قيمة له، لافتاً إلى تصريح وزير الخارجية جبران باسيل بأنّ لدى "التيار" عملياً أكثر من 11 وزيراً في الحكومة، مشدّداً على أنّ وزراء حزب الله سيكونون على خط واحد مع وزراء التيار الوطني الحر، لا سيما في ما يتعلق بالعلاقة مع سوريا وبقضية النازحين بالإضافة إلى قضايا رئيسية أخرى.
واعتبر أبو فاضل رداً على سؤال، أنّ حزب الله انتصر لأنّه حقق ما يريده في نهاية المطاف، مشيراً إلى أنّ الحزب وإن كان لديه ثلاثة وزراء فقط إلا أنّه مؤثر، وفي حال انسحاب وزرائه وعدم مشاركتهم في اجتماعات مجلس الوزراء، لا يمكن للأخير أن يلتئم. وشدّد على أنّ النظرة الخليجية للبنان أنّ حزب الله منتصر، لافتاً إلى أنّه لو لم يكن حزب الله موافقاً ولو لم يكن هناك تحالف بينه وبين التيار الوطني الحر، لما تألفت الحكومة وتشكّلت بتركيبتها الحالية.
لا مشكلة على البيان الوزاري
واستبعد أبو فاضل أن يحصل أيّ إشكالية على خط البيان الوزاري للحكومة الجديدة، مشيراً إلى أنّ التسهيلات موجودة، معرباً عن اعتقاده بأنّ هناك إضافات على البيان الوزاري السابق، خصوصاً بالنسبة إلى قضية العلاقة مع سوريا وعودة النازحين.
وشدّد أبو فاضل على أنّ العلاقة بين الرئيس ميشال عون والرئيس السوري بشار الأسد قائمة، مؤكداً أنّ التواصل بين الرئيسين لم ينقطع إطلاقاً، لافتاً إلى عدم جواز إقفال الحدود لإرضاء أحد. وذكّر بكلام الرئيس عون بأنّه مع سوريا في سوريا، وهو ما يطبّقه اليوم، لافتاً إلى أنّ لبنان لا يمكن أن يكون ممراً أو مقراً لإيذاء سوريا أو ضربها.
ولفت أبو فاضل إلى موضوع مجلس الخدمة المدنية ومطالب الناجحين فيه، مشدّداً على أنّ البلد فيه مناصفة، ويجب أن تطبَّق، طالما أنّه لم تشكَّل بعد هيئة إلغاء الطائفية السياسية، معتبراً أنّ حق الناجحين أن يدخلوا إلى مجلس الخدمة المدنية، لكن وفق مبدأ التوازن المسيحي الإسلامي، مشدّداً على أنّ المناصفة أساس كل شيء في البلد.