قبل أن تعلن التشكيلة الحكومية بأيّام هدأت الجبهات المفتوحة بين الأفرقاء السياسيين بمجرد تسريب الأخبار الإيجابيّة التي رشحت عن اللقاءات الباريسيّة بين رئيس حكومة تصريف الأعمال يومها سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع.
عندما شعر الجميع بأن ساعة التأليف قد دقت صدر القرار بالتهدئة. وحده رئيس الحزب التقدّمي الإشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط بقي يغرد خارج السرب، وإستمر بهجومه عبر وسائل التواصل الاجتماعي على العهد تارةً من نافذة عقود وقعتها وزارة الطاقة والمياه، مهدداً بالطعن بهذه العقود الخاصة بمعمل دير عمار وخزّانات مصفاة البدّاوي، وتارةً أخرى من نافذة دراسة شركة ماكينزي العالميّة التي أجرتها لصالح وزارة الإقتصاد. هجوم جنبلاط على فريق رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر سرعان ما واكبه النائب مروان حماده الذي إعترض في إجتماع هيئة مكتب مجلس النواب على ادراج بند على جدول أعمال الجلسة التشريعيّة يعطي سلفة لمؤسسة كهرباء لبنان "قبل إنتظام الوضع في وزارة الطاقة والمياه" بحسب قوله. وفي تفسير لهذا الهجوم الجنبلاطي المستمر يرى مصدر مطّلع أنّ أسبابه متعدّدة منها ما له علاقة بدعوة شيخ عقل خلده ناصر الدين الغريب والمحسوب على المير طلال ارسلان الى القمة التنمويّة الإقتصاديّة التي عقدت في بيروت، ومنها ما له علاقة بإتهامات جنبلاطيّة لفريق رئيس الجمهوريّة بالتدخل بالقضاء عبر وزارة العدل، وتحديداً بملفّي حادثة الجاهليّة التي سقط فيها محمد أبو دياب وهو مرافق الوزير السابق وئام وهاب، واشتباك الشويفات المسلح الذي حصل بعد الإنتخابات النيابيّة في أيار الفائت بين مناصري جنبلاط وأرسلان وأدى الى مقتل علاء أبو فرج وهو أحد مناصري الحزب التقدمي الإشتراكي.
أيضاً من الملفات التي جعلت الزعيم الدرزي يفتح حربه على العهد، هو ما حصل خلال إجتماع عُقد في وزارة البيئة الأسبوع الماضي بين الوزير طارق الخطيب وممثلين عن مجلس الإنماء والإعمار وشركة داني خوري المتعهّدة تنفيذ مطمري برج حمود والجديدة. في الإجتماع المذكور، هناك من إقترح من جانب وزارة البيئة، إعادة فتح مطمر الناعمة الذي بإمكانه إستيعاب النفايات لعشر سنوات إضافيّة وذلك عبر خليّتين صحيّتين، كل ذلك إذا رفضت بلديّة الجديدة توسعة المطمر القائم ضمن نطاقها، وإذا رفضت بلديّة برج حمود توسعة مطمرها الذي لم يعد قادراً على إستيعاب نفايات جديدة، ومن المتوقع أن يقفل في نهاية شباط الجاري. إعادة فتح المطمر التي تطرحها وزارة البيئة من ضمن الحلول التي يمكن اللجوء اليها كي لا تعود النفايات الى الشوارع في المتن وكسروان وبعض شوارع العاصمة بيروت، عند وصول مطمر الجديدة الى قدرته الإستيعابيّة القصوى بعد ست أشهر، يرفضها النائب السابق جنبلاط بشكل مطلق وهو غير قابل لأن يتفاوض عليه، إنطلاقاً من مبدأ أن أهالي الشوف تحمّلوا نفايات المناطق الأخرى على مدى عشرين سنة والآن إنتهى دورهم وجاء دور غيرهم.
ملفّات كلها تدفع جنبلاط الى التشدّد أكثر فأكثر في حربه على العهد وهذا ما سينسحب أيضاً على أداء وزيري الحزب الإشتراكي على طاولة مجلس الوزراء.