تنفس اللبنانيون الصعداء، بعد ما نجحت القوى السياسيّة في تجاوز أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، التي ولدت بعد تسعة أشهر عجاف، أعلن رئيسها سعد الحريري التوجه الى العمل فورا، ملفات كثيرة وشائكة تنتظرها.
يأمل الفلسطينيون في لبنان ان ينالوا جانبا من الاهتمام في التعاطي الايجابي معهم وبدء حوار رسمي لبناني-فلسطيني يؤسس لعلاقة واضحة، قاعدتها الحقوق والواجبات، تحفظ أمن وإستقرار المخيمات وتحافظ على العلاقات الثنائيّة الأخوية في مرحلة تصفها الأوساط الفلسطينية بـ"الأخطر"، التي تمر بها القضيّة الفلسطينية لجهة القرارات الاميركيّة والاصرار على تطبيق "صفقة القرن".
تجمع القوى الفلسطينية، بأن لبنان المعافى والموّحد، هو دعم للقضية الفلسطينيّة، لكنها تطالب الحكومة اللبنانيّة الجديدة بـ"مقاربة الوضع الفلسطيني في لبنان بكل جوانبه السياسية والإنسانية والاجتماعية والقانونيّة والأمنيّة، وصولا الى منح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم الإنسانيّة والمدنيّة والإجتماعيّة، ليتمكنوا من العيش الكريم في كنف سيادة الدولة ورعايتها الأخوية، حتى تحقيق عودتهم الى أرضهم وديارهم في فلسطين،تفعيل لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني لتحاكي مختلف القضايا التي تهم الشعب الفلسطيني والانتقال من المرحلة النظرية في اعداد التقارير والاحصاءات الى التطبيق العملي في تخفيف المعاناة.
هذه المعاناة، يلخصها اللاجئون أنفسهمالذين تلقوا خبر تشكيل الحكومة الجديدة بارتياح كبير، بضرورة أن تخطو الحكومة اللبنانية أولى الخطوات بإسقاط النظرة الأمنيّة اليهم، مؤكدين أن استمرار ذات النهج سيزيد من معاناتهم يوماً بعد يوم، على الصعيد الصحي والتعليمي والاقتصادي والاجتماعي.
ويؤكد مسؤول فلسطيني لـ"النشرة"، ان ترجمة هذا الكلام يكون بتضمين البيان الوازري المرتقب فقرة تدعو إلى إطلاق حوار لبناني-فلسطيني شامل يتناول جميع القضايا المشتركة وعدم التعامل مع المخيمات من الزاوية الأمنيّة، وصولا الى منح اللاجئين الفلسطينيين حقوقهم الإنسانية الأساسية التي تعتبر نقطة جوهرية في حياتهم، وعاملاً أساسياً ومحورياً في توطيد العلاقات اللبنانية-الفلسطينية المشتركة، أي باصدار قوانين وتشريعاتبحق العمل والتملّكوحق انتسابهم للنقابات، باعتبارها مطالب طبيعية عادلة وعدم التعامل مع ملف حقوق اللاجئين من زاوية أمنيّة فقط؛ وترجمتها مباشرةً بالسماح بإعادة ادخال مواد البناء لمخيّمات الجنوبوالإيفاء بتعهداتها تجاه مشروع استكمال إعادة إعمار مخيم نهرالبارد، إلى جانب التزام وكالة الأونروا بهذه المسؤولية المباشرة.
يستند المسؤول الفلسطيني نفسه بآماله على وثيقة "رؤية لبنانية موحدة لقضايا اللاجئين الفلسطينيين في لبنان" التي شاركت فيها الاحزاب اللبنانيّة على مدى عامين برعاية لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني والتي "تعبر عن مقاربة مشتركة لكيفية التعامل مع قضايا اللجوء الفلسطيني، وتمهد لمرحلة مختلفة عن المراحل السابقة التي عبرتها العلاقات الثنائيّة اللبنانيّة الفلسطينيّة بكل ما شهدته من أحداث، وأكدت "موقف لبنان الرافض للتوطين بشكل شامل وعلى إنهاء وجود السلاح خارج المخيّمات ومعالجته داخلها، مع تأكيد مسؤوليّة الدولة في حماية المخيمات من أيّ اعتداء، وعلى حق اللاجئين في العمل المَدَني وعلى أهميّة بقاء وكالة الاونروا في عملها الأممي كشاهد دولي"، الامر الذي اعتبرته القوى الفلسطينية أساساً جيداً وصالحاً للبناء عليه في مقاربة صيغة مناسبة لعلاقة لبنانية فلسطينية تقوم على احترام سيادة لبنان وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العيش بكرامة وإنسانية تساعده على التمسك بحق العودة.
مرجعية فلسطينية
بالمقابل، تأخذ القوى الفلسطينية على عاتقها الالتقاء في منتصف الطريق للحوار، اي توحيد موقفها بعيدا عن الخلافات السياسيّة الداخليّة، وذلك عبر تفعيل العمل الفلسطيني المشترك لحماية الوجود الفلسطيني في لبنان من جهة، وتعزيز العلاقات الأخوية اللبنانية–الفلسطينية" من جهة أخرى.
وتؤكد مصادر فلسطينية بارزة لـ"النشرة"، ان الحراك السياسي الذي يقوده عضوا القيادة السياسية لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" عضو المكتب السياسي لـ"حزب الشعب الفلسطيني" غسان أيوب وعضو المكتب السياسي لـ"جبهة التحرير الفلسطينية" صلاح اليوسف، اللذان زارا غالبية القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية، خلصت الى اتفاق مبدئي على عقد اجتماع لـ"القيادة السياسية الموحدة" في لبنان )الهيئة القيادية الفلسطينية العليا(خلال الأيام القليلة المقبلة، ترجمة لـ"وثيقة العمل الفلسطيني المشترك" الذي جرى توقيعها برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري، بهدف توحيد الموقف لمواجهة المخاطر والتحديات التي تحدق بالقضية الفلسطينية.
تطورات مرتقبة
الى جانب مطالب اللاجئين من الحكومة اللبنانية، تراقب القوى السياسية باهتمام بالغ ثلاثة تطورات سياسية ستكون لها انعكاسات على الساحة اللبنانية بشكل غير مباشر:
*اولا، منها تشكيل حكومة فلسطينيّة جديدة بعد تقديم رامي الحمدالله استقالته الى الرئيس محمود عباس "أبو مازن"، مؤلفة من الفصائل الفلسطينية لمواجهة تحديات المرحلة، وقد اعتذرت عن المشاركة فيها حتى الان كل من الجبهتين "الشعبية والديمقراطية"، وبطبيعة الحال حركتي "حماس" و"الجهاد"، الاولى بسبب الخلافات، والثانية لموقفها العام من المشاركة في السلطة، مما يؤشّر الى ان الصبغة "الفتحاوية" ستطغى عليها.
*ثانيا، قيام روسيا بمبادرة جديدة لمحاولة إنهاء الخلاف الفلسطيني، عبر توجيه دعوات من "معهدالدراساتالشرقيّة"التابع لوزارةالخارجيّةالروسيّة،لعدد من الفصائلالفلسطينيّةالتيالتقتفيعام2017 لزيارة موسكوللمشاركةفياجتماعفلسطيني-فلسطيني يعقد يومي 12 و13 شباط الجاري، للبحثفيملفّاتعديدة،وفِيمقدمتهاالوضعالفلسطينيالداخلي،لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وتحقيق الوحدة وإنهاء الانقسامبما يضمن الوصول لشراكة وطنيّة حقيقيّة، تستطيع من خلالها تحمل أعباء المرحلة القادمة ومواجهة تحدياتها، في ظل المتغيرات الإقليمية وانسداد أفق عملية السلام.
*ثالثا، المؤتمر الوزاري والذي عرُف بـ"قمة وارسو"، الذي دعت اليه الولايات المتحدة الاميركية في العاصمة البولندية "وارسو" يومي 13 و14 شباطالجاري تحت عنوان "تعزيز مستقبل السلام والأمن في الشرق الأوسط"، حيث سيتناول مواضيع الأزمات الإقليميّة وآثارها على المدنيين في الشرق الأوسط، وتطوير الصواريخ وانتشارها، والأمن السيبراني والتهديدات الناشئة لقطاع الطاقة، ومكافحة التطرف والتمويل غير المشروع له، بعدما كان محصورا ببند وحيد مواجهة سياسة ايران في المنطقة.