خلال عشرات السنوات، لعب القطاع السياحي في لبنان دورا رئيسيًّا في تنمية الاقتصاد، فكانت الذروة في العام 2010 عندما شكّلت أرقام الوافدين الى لبنان من الدول العربيّة وأوروبا أرقامًا قياسيّة، فأصبحت السياحة لوحدها تشكّل ربع الدخل القومي في لبنان. في العام 2011 مع بدء الأزمة في سوريا، وبعدها، بدأت "الحرب الاقتصاديّة" على لبنان لأهداف سياسيّة، ترجمتها الأولى كانت بمنع السوّاح العرب من زيارة لبنان. ولكن رغم كل ذلك لا تزال السياحة الشتويّة "عامرة" ولو اعتمدت بشكل أساسي على اللبنانيين.
يملك لبنان مقوّمات السيّاحة الشتويّة، تساعده طبيعته ومناخه الذي كان كريما هذا العام فأطلق موسم التزلّج باكرا، ويُتوقع أن يستمرّ طويلا، ولكن هذا لا يعني أن السيّاحة الشتويّة تقتصر على "التزلّج"، بل هي متنوعة، سنتطرق الى أبرز نشاطاتها في هذا التقرير.
لا بد بداية من الحديث عن رياضة "التزلّج" التي تعرّف إليها اللبنانيون للمرة الاولى عام 1913 حين عاد اللبناني رامز غزّاوي الذي كان يدرس الهندسة في سويسرا الى لبنان ممارسا لهذه الهواية، وحاول نشرها بين أهله وأصدقائه في عاليه. ومن ثم توالت السنوات وأصبح لبنان مقصدا لمحبّي هذه الرياضة.
البداية من كفرذبيان إلى قناة باكيش والزعرور، اللقلوق، وصولا الى الأرز، وغيرها من مراكز التزلج المجهزة لاستقبال الهواة والمحترفين، الكبار والصغار والعائلات.
لا يبعد مركز كفرذبيان المزار عن بيروت سوى 46 كيلومترا، وهي من اكثر المناطق استقطابا للسوّاح، وتعلو عن سطح البحر ما بين 1850 و2465 متراً، وتحتوي على 18 حلبة تزلج تتناسب ومختلف مستويات المتزلّجين، مع الإشارة الى أنّ الثلوج تقدّم رياضات أخرى غير التزلّج، كالـ"سكي دو" و"سنوموبيل" والـ"تليسياج".
يؤكد العارف بالشأن السياحي ونقيب أصحاب المؤسسات البحريّة في لبنان جان بيروتي أن السيّاحة الداخليّة المحليّة نشطة هذا العام، والفضل الأول لكميّة الثلوج، مشيرا في حديث لـ"النشرة"، الى أننا "بانتظار تشكيل الحكومة وعودة العرب الى لبنان في شهر شباط ليكون هذا العام مفصليًّا بالعودة الى الخارطة السياحيّة.
أما عن النشاطات الأخرى التي يمكن ممارستها في لبنان خلال فصل الشتاء، فيمكن بحسب المرشد السياحي حسن مبارك زيارة منطقة الشوف ومحميّة الأرز فيها، لانها خلال فصل الشتاء تملك قدرة خفيّة على التأثير بالسائح، مشيرا الى أنّ تلك المنطقة تضم أماكن إقامة مميّزة ورخيصة، تقدّم خدمات ممتازة.
ويضيف مبارك الذي يعمل على تنظيم رحلات داخليّة الى أماكن عدّة في لبنان لممارسة رياضات المشي والتسلق وغيرها: "يمكن للسواح أن يتنعّموا بجمال الطبيعة في الشتاء ليلا، فيمكن ممارسة "التخييم" في مناطق طبيعيّة تهدّىء النفوس، وتساهم بمدّ السائح بطاقة روحانية غريبة"، مؤكدا أن التجارب التي خاضها مع سوّاح أجانب كانت كافية لمعرفة أنّ لبنان قادر على استقطاب العالم في الشتاء، بشرط تقديم العروض الأفضل على صعيد المنطقة، خصوصا بظلّ المنافسة الكبيرة التي تحصل.
وينصح المرشد السياحي أيضا بزيارة، شمال لبنان الذي لا يحظى باهتمامٍ رسمي رغم كونه "جنّة" على الأرض، صيدا وشوارعها الأثريّة، صور والأحياء القديمة فيها، وطرابلس وأسواقها، وبيروت المشهورة بصخبها. لا شك أن لبنان "نعمة" ولكن المسيء للنعم سيفقدها، وعندها يعلم بما كانت تعنيه. نأمل ألاّ نصل الى فقدان "النعمة".