كانوا ثلاثة اصدقاء يجلسون في احد المقاهي الشعبية التي اختاروها كونها تذكرهم بايام مضت كانوا يلتقون فيها يوميا قبل ان تفرقهم الايام والهجرة والامال الضائعة على قارعة وطن يأكل ابنائه...
واحد من الثلاثة قادم من ايطاليا حيث يمضي ايامه بين روما والريف الايطالي الجميل والهادىء. قال لاصدقائه كلما فكرة بالعودة الى لبنان يصدمني خبر مريب وغريب ويفرمل عودتي لا بل يمنعني من التفكير بها لفترة زمنية... قبل راس السنة الحالية كنت قررت ان احزم حقائبي وان ارجع الى لبنان، قبل ان تطالعني الاخبار عن عودة النفايات الى الشوارع في الايام القادمة، وبالتالي عودة المكبات العشوائية والحرق القاتل والروائح الكريهة، اصلا الحلول القائمة اليوم مخيفة وغامضة ولا تشكل حلا بيئيا سليما،كيف مع عودة النفايات الى احياء المدن والقرى؟؟؟ وبالتالي انتشار الامراض الغريبة والمعدية؟؟؟
حينما هم باستكمال عرضه قاطعه صديقه الثاني الذي كان يستمع اليه وهو يحتسي فنجان قهوته بهدوء من دون ان يظهر على وجهه اية علامات استياء او تاييد مما يعرضه، قائلا ماذا تقول عني انا الذي اعمل في بلاد كنا نقول عنها "مجاهل افريقيا" فاذا بها تتطور وتتقدم لتصبح مقصدا لا للعمل فقط وانما للعيش ايضا... فقد اشتريت شقة قيد الانشاء في بيروت وتقدمت بطلب للاستحصال على قرض مدعوم كما سائر الذين يرغبون بشراء منزل ياويهم في وطن الارز ولكن مع الاسف وعلى الرغم من استكمال ملفي والموافقة عليه من قبل المصرف لم استطع ان استحصل عليه مع توقف القروض المدعومة وارتفاع فوائد القرض الى مستويات لن استطيع تحملها... لذلك افكر جديا بشراء منزل في اليونان او قبرص حيث استطيع ان امضي عطلتي الصيفية وان اعود الى لبنان فقط لزيارتكم ولرؤية الاهل اما مشروع الزواج فاصبح بعيدا ولم اعد افكر به...
قاطعهم الصديق الثالث الذي يقيم ويعمل في لبنان، هو المعروف بحركته الدائمة وافكاره الثائرة، قائلا انتم كما غيركم تهربون من الحقيقة التي تقول بان استقالتكم من الانتماء الى لبنان لن تعيده كما كنا نحلم ان يكون... انتم كما غيركم تتركون هذا الوطن ليتحكم به مجموعة من الكذبة والسارقين الذين لا هم لهم الا السيطرة عليه وبناء زعامات فارغة والعمل على توريثها الى من يختارونه... لذلك لا حل الا بثورة هادئة ذكية نقودها جميعا ضد هذه الطبقة التي تعيق تقدمه وتمنعكم من العودة اليه ... وهذا الامر لم يعد ترفا او فكرة معلقة بالهواء وانما يكاد يصبح واقع ستشاركون به ومن يعش سوف يختبر هذه اللحظة الحاسمة...