منذ لحظة الإعلان عن موعد زيارة وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف إلى لبنان، يوم الأحد والاثنين المقبلين، بدأت الكثير من التحليلات التي تتناول هذه الزيارة من قبل الأفرقاء المحليين، الذين ربطوها بالحديث الأخير لأمين عام "حزب الله" السيد حسن نصرالله عن المساعدات الإيرانيّة، بالإضافة إلى مؤتمر وارسو الدولي الهادف إلى محاصرة طهران، الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركيّة، خصوصاً أن لبنان لن يشارك في هذا المؤتمر الذي يضمّ العديد من القوى الإقليمية والدولية.
بالنسبة إلى بعض الأوساط اللبنانيّة المعارضة لطهران، موعد هذه الزيارة مؤشر إلى بداية مواجهة بين لبنان والمجتمعين العربي الدولي نيابة عن إيران، على قاعدة أنّ حلفاء طهران يشكلون أغلبيّة في مجلس الوزراء، وبالتالي هي تريد أن ترسل رسالة بأنها قادرة على تجاوز أيّ حصار من الممكن أن يفرض عليها، مع العلم أنّ من أبرز التحدّيات التي قد تواجهها الحكومة المقبلة هو موقفها من المساعدات المعروضة من قبل الجمهورية الإسلامية.
في هذا السياق، تجزم مصادر متابعة لهذه الزيارة، عبر "النشرة"، بأنّ هناك من يحمّلها أكثر مما تحتمل من مؤشّرات، نظراً إلى أنها تأتي في إطار التهنئة بعد ولادة الحكومة الجديدة، في حين أنّ المعادلة المحلّية في لبنان واضحة، فالجميع يدرك وجود أكثر من جهة إقليميّة ودوليّة لها حضورها على هذه الساحة عبر حلفائها، وتشير إلى زيارة أكثر من مسؤول عربي وأجنبي الى بيروت في الفترة السابقة، وبالتالي ليس من الضروري وضع علامات إستفهام حول هذه الزيارة، خصوصاً أنّ لبنان يملك علاقات مميّزة مع الجمهوريّة الإسلاميّة.
من حيث المبدأ من المفترض أن يلتقي ظريف، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري (غير محسوم بسبب إمكانيّة سفر الحريري يوم الاثنين)، بالإضافة إلى وزير الخارجيّة والمغتربين جبران باسيل وأمين عام "حزب الله" السيّد حسن نصرالله، كما سيكون على جدول أعماله لقاءات مع بعض القوى المحلّية والفلسطينيّة، والبحث سيتناول العلاقات الثنائيّة والتعاون بين البلدين في المرحلة المقبلة، لكن اللافت هو تزامن الزيارة مع موعد الإحتفال الذي تنظمه السفارة في الذكرى الـ40 لإنتصار الثورة الإيرانيّة، ما يرجّح مشاركته شخصياً، مع ما يشكّله ذلك من رمزيّة.
على هذا الصعيد، تلفت المصادر نفسها إلى أن وزير الخارجية الإيرانيّة سيعيد التأكيد، خلال هذه الزيارة التي تحمل شقّين إقتصادي وسياسي، على إستعداد بلاده لمساعدة لبنان في مختلف المجالات، من الكهرباء إلى أزمة النفايات والدواء وصولاً إلى تقديم ما تحتاج إليه المؤسسة العسكريّة من أسلحة، إلا أنّها تشير إلى أنّ الموضوع يتوقف على الرغبة اللبنانيّة، نظراً إلى أن بيروت هي التي لا تتجاوب مع هذه العروض، وبالتالي من المفترض أن يوجّه السؤال حول الأسباب التي تحول دون ذلك إلى المسؤولين اللبنانيين، خصوصاً أن ليس هناك ما يحول دون ذلك متى توفّرت الإرادة، لا سيّما أنّ طهران نجحت في إيجاد آلية تعاون مع الدول الأوروبيّة رغم العقوبات المفروضة من قبل الولايات المتحدة الأميركيّة.
وتوضح المصادر المتابعة أنّ ظريف سيكون أول المسؤولين الإقليميين الذين يزورون لبنان للتهنئة بتشكيل الحكومة، في حين أن موعدها يأتي في ظل تطورات إقليميّة متسارعة من مؤتمر وارسو إلى صفقة القرن وملفات أخرى، وبالتالي من المفترض أن يحصل تشاور حولها، في حين هي تستبعد أن يكون ملفّ نزار زكّا مطروحًا، كما تم الحديث من قبل بعض الأوساط المحليّة في الساعات الماضية، نظراً إلى أن هذا الملف له شق قضائي في إيران، ويطبّق عليه الأحكام القضائيّة التي تم توقيفه على أساسها.