هل توقفت الشركات الخاصة عن تمديد الفايبر؟ يجيب المدير العام لأوجيرو عماد كريدية: نعم توقفت، لأنها لم تتقدم بأي طلب جديد يراعي الآلية المحددة وفق المرسوم الصادر في 12 حزيران الماضي. لكن لرئيس مجلس إدارة «جي دي أس» رأي آخر. هو يؤكد أن شركته تعمل كالمعتاد، بعدما تقدمت بطلب تلتزم فيه بتلك الآلية، وحصلت بموجبه على قرار من الوزير جمال الجراح
بعد مرور نحو شهر على إصدار وزير الاتصالات السابق جمال الجراح قراراً قضى بالتراجع عن السماح لشركات ترايسات (Tri Sat) وغلوبال كوم داتا سرفيسز (GDS) ووايفز (Waves)، باستخدام شبكة الألياف الضوئية المحلية العائدة للوزارة وربط المشتركين بشبكتها، لا تزال الشركات تعمل كما لو أن شيئاً لم يكن. حتى المذكّرة التي أصدرها المدير العام لهيئة أوجيرو والتي تقضي بالسماح لموظفي الشركات الثلاث بالدخول إلى سنترالات الهيئة للقيام بأعمال ربط مشتركيهم بشبكة الفايبر، لا تزال سارية المفعول.
لكن وفق أي سند قانوني يقوم هؤلاء بعملهم، ما دام الجراح ألغى السند القانوني الذي يسمح لهم بذلك؟ الاحتمال الوحيد القائم هو أن الشركات بدأت العمل وفق المرسوم الصادر في 12 حزيران الماضي (تنظيم إدخال خدمات نقل المعلومات والانترنت الفائقة السرعة بواسطة القطاع الخاص...). لكن قرارات الجراح لم تشر صراحة إلى أن سبب إلغاء القرارات السابقة مرتبط بالبدء بتنفيذ المرسوم. هو يكتفي بالإشارة إلى المرسوم في بناءات قراراته، قبل أن يعود ويوضح، في المادة الثانية من قراره، أنه «لا ينفي حق الشركات في الحصول على ترخيص جديد وفقاً للشروط والموجبات المحددة في المرسوم».
وبالرغم من أن نص القرار لم يُشر بوضوح إلى أن الشركات استفادت من هذا الحق (الحصول على ترخيص جديد)، إلا أن ذلك لا يلغي احتمال أن يكون الجرّاح قد أصدر، فعلاً، قرارات إعادة الترخيص للشركات، من دون أن يعلن عن هذه القرارات، كما سبق أن فعل مع قرارات إلغاء الإجازة للشركات بتمديد الفايبر وتقديم خدماته، والتي بقيت طيّ الكتمان إلى أن كشفت عنها «الأخبار». لكن حتى هذا الاحتمال يلغيه المدير العام لهيئة أوجيرو عماد كريدية، الذي يؤكد لـ«الأخبار» أن «أي شركة لم تتقدم بأي طلب ترابط ومرور على شبكة الألياف الضوئية». وهذا يعني أن الجراح لم يُصدر أي قرار جديد، انطلاقاً من أن المادة الرابعة من المرسوم تنص على أن «تتقدم الشركات الراغبة بممارسة حق الترابط والمرور بطلبات إلى وزارة الاتصالات تتولى التثبّت من استيفاء الشركات أو الطلبات المذكورة للشروط المنصوص عليها في هذا المرسوم وملحقه ويصدر قرار بذلك من قبل وزير الاتصالات».
عدم تقدّم الشركات بطلبات ترابط، يعني عملياً أن الشركات تعمل حالياً من دون أي سند قانوني، وبالتالي فإن أي أعمال نُفذت منذ 15 كانون الثاني هي أعمال غير مشروعة، وتفترض تدخل التفتيش المركزي وديوان المحاسبة، بحسب وكيل الاتحاد العمالي العام المحامي علي عباس. وأكثر من ذلك، فإن أوجيرو كانت قد سلّمت معدات للشركات على سبيل الإعارة، وهذه يفترض أن تُعاد إلى الهيئة، كما يُفترض أن تُنقل الطلبات غير المنجزة للمشتركين لدى الشركات إليها أيضاًَ، علماً بأن هذه الإجراءات لا تلغي حق هذه الشركات في الاعتراض، إذا وجدت أن القرارات قد أضرّت بمصلحتها، وهي يمكنها الطعن فيها أمام مجلس شورى الدولة.
يضع كريدية هذا الأمر موضع نقاش. هو يؤكد أن الشركات متوقفة عن العمل حالياً، لكونها لم تتقدم بأي طلبات جديدة. لكن في المقابل، فإن رئيس مجلس إدارة «جي دي أس» حبيب طربيه يؤكد لـ«الأخبار» أن الشركة لا تزال تعمل في مدّ اشتراكات الفايبر. أما كيف يحصل ذلك ووفق أي سند قانوني، فيوضح طربية أن شركته (الأكبر بين الشركات الثلاث)، بخلاف ما أشار إليه كريدية، «تقدمت بعد صدور المرسوم في الجريدة الرسمية بطلب يلتزم بالآلية التي نص عليها المرسوم، وبناءً عليه، أصدر الجراح قراراً يجيز للشركة مدّ الفايبر».
في النتيجة، وبعد رفض طربيه تزويد «الأخبار» بنسخة عن القرار الجديد للجراح، يبدو جلياً أن الغموض وحده هو الذي يسيطر على المسألة. هل توقفت الشركات عن العمل أم لا؟ هل حصلت على قرار جديد من الجراح أم لا؟
إلى أن تتضح الإجابات، فقد علمت «الأخبار» أن الاتحاد العمالي بصدد عقد مؤتمر صحافي يوضح فيه مسار الطعن الذي سبق أن تقدم به إلى مجلس شورى الدولة، والذي أصبح من دون موضوع بعد إلغاء الجراح للقرارات المطعون فيها. لكن هذا لا يكفي، يريد الاتحاد العمالي العام أن يعرف مصير الطعن الثاني الذي تقدم به، أي الطعن في المرسوم الوزاري نفسه، والذي تأخر مجلس شورى الدولة في بتّه، كما يريد أن يعرف ما هو مصير قطاع الألياف الضوئية. وهذا سؤال من عشرات الأسئلة التي يتوقع أن تطرح في الاجتماع الذي تعقده لجنة الإعلام والاتصالات النيابية الاربعاء المقبل.